منذ الإنقسام الأسود والذي كتب سطور العار على صفحات التاريخ الفلسطيني , وقسم بين جناحي الوطن ونحن لا نسمع سوا كلمة غزة بدلا من فلسطين , وذلك عبر الخطاب السياسي الرسمي , وأيضا عبر الخطاب الإجتماعي بكل مستوياته , فأنا أعيش في غزة وأعرف جيدا ماذا يقولون الناس وماذا تقول الفصائل والتي من المفترض أن تكون فلسطينية وليس غزاوية , حتى بتت أخشى أن أنسى كلمة فلسطين .
في بداية الإنتفاضة الثانية قرر الإحتلال أن يغلق الممر الآمن والذي يربط بين الضفة وغزة , وهذا القرار وضع حجر الأساس للإنقسام الجغرافي بين شطري الوطن , ولكنه لم يكن أقصى من قرار الإنقسام والذي وضع حجر أساسه الفلسطينيون أنفسهم , وقسم بين الضفة وغزة بكل ما تعنيه الكلمة , ولا أنكر أن المجتمع الفلسطيني والمجتمع العربي والدولي أيضا حمل مسئولية الإنقلاب في غزة لحركة حماس كونها الفاعل , ولكن ما أنظر اليه ككاتب بأن أي خطأ ينتج عن أي فلسطيني مهما كانت تسميته أو إنتمائه فهذا بالطبع يكتب عنوانا جديدا لفلسطين لكي يقرئه من هو خارج فلسطين , وبالفعل هناك الكثيرون من الأشقاء العرب من الشعوب البسيطه لا يعرفون أن فلسطين هي الدولة الأم , ويعتقدون أن غزة هي الدولة , وذلك لكثرة ما سمعوه عن غزة في وسائل الإعلام وغيرها .
في هذه الأيام نرى أن المخطط الصهيوأمريكي جاري العمل عليه في غزة , وهناك تناغم بينه وبين طموحات فصائل غزة وعلى رأسها حماس , والتي لا تتجاوز ضخ الوقود وتأمين الرواتب لموظفين غزة , من حق المواطن في غزة أن يعيش حياة كريمة كباقي الشعوب , ولكن هذا الحق تحول الى ورقة سياسية للتفاوض , ليكتب عنوان البداية لغزة والنهاية لفلسطين .
اليوم تنصب جهود الولايات المتحدة والأمم المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر , في تثبيت الهدنة بين غزة وإسرائيل , بعدما فشلت بإبرام إتفاقية سلام بين حماس وإسرائيل تحت مسمى هدنة طويلة الأمد , وذلك لتدخل الرئيس أبو مازن لإيقاف هذه التسوية بعيدا عن الضفة والقدس وشرعية منظمة التحرير , وبالفعل إستطاعت هذه الأطراف أن تمرر التمويل القطري لغزة بعيدا عن موافقة أبو مازن , مدركين جيدا أن المرحلة القادمة لغزة كونها الأسهل في التعامل سياسيا .
اليوم سامي أبو زهري يهاجم عزام الأحمد ويقول أن خياله واسع وبعيدا عن الواقع , وذلك بالتزامن مع مفاوضات حماس الغير مباشرة مع الإحتلال .
بالفعل ما قاله سامي ابو زهري هو حقيقة , فهناك فرق بين من يطالب بدولة ذات سيادة وحدود ونفوذ دولي , ومن يطالب بعودة كهرباء ورواتب .
وأيضا خالد البطش القيادي في الجهاد يهاجم عزام الأحمد ويقول له : لماذا تتباكى على الممر المائي لأنه لا يعطي السيادة لدولة فلسطين , تعال أنت وتحمل مسئولية غزة وأنقذها من الضياع , فكان خالد البطش مدركا ما يقول وقاصدا في قوله أن غزة أصبحت ملك لمن يستطيع الإنفاق عليها , وهي الآن تعمل وحدها بعيدا عن أمها فلسطين .
برأيي أن الحل الوحيد والمفتاح الحقيقي للبوابة بين الضفة وغزة , والذي سينقظ غزة من السقوط في صفقة القرن , هو وجود السلطة في غزة وحتى لو كانت شكلية فقط , فعلى الأقل ستقوم السلطة بسد الفراغ السياسي والإقتصادي التي تعاني منه غزة , والتي سقطت ضحية صفقة القرن بسببه .
بقلم/ أشرف صالح