التدهور الخطير من قبل إسرائيل وجيشها المدجج بأعتى وأحدث أنواع السلاح، ضد شعبنا الأعزل في قطاع غزة، هو الأمر الواقع الحالي الذي لا يمكن لأحد إنكاره أو التغاضي عنه، وهذا التدهور المتواصل الذي يرتقي إلى درجة الإجرام، ينذر بأوخم العواقب على مستقبل الأمن والاستقرار والسلام ليس في المنطقة الفلسطينية وحدها، ولكن في العالم العربي بأسره وعلى وجه الخصوص الدول العربية القريبة من فلسطين والتي تلاصقها وترتبط بها وتتأثر إيجابا أو سلبا بكل ما يحدث فيها، وما تشهده من جرائم وأحداث وقصف همجي ودما وحصار جائر من قبل إسرائيل على شعب أعزل يريد الحرية والاستقرار والسلام العادل والعيش بكرامة على ترابه.
فحتى الآن يلف الغموض مستقبل السياسة التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرف في الكيان الإسرائيلي خاصة بعدما جربت كل تكتيكاتها الميدانية التي أخذت طابع التصعيد المتفاقم عن طريق التصعيد والعدوان المستمر على شعبنا، في إطار سياسة القبضة الحديدية للقضاء على الشعب الفلسطيني وقيادته وفصائله في محاولة منها لمنعهم من تحقيق أي إنجازات سياسية على أرض الواقع، وهذا التصور الإسرائيلي الأرعن هو السبب المباشر خلف تمترس الزعران في حكومة اليمين المتطرف وراء ضرورة إجراء هدنة طويلة الأمد مع الأطراف الفلسطينية، ومن ثم النظر إلى إمكانية إجراء مفاوضات سياسية مع الجانب الفلسطيني.
نتياهو أحد أبرز مقاولي الحروب يقود كيانه والمنطقة جمعاء إلى الهاوية، وحكومته الحالية هي بالأساس حكومة حرب وعدوان وفق كل المقاييس، فخطوط الأساس التي انتصبت عليها هذه الحكومة المتطرفة سدت منافذ السلام مع الطرف الفلسطيني بصورة محكمة، ففي كل الزيارات التي يقوم بها نتياهو يحاول أن يسوق بضاعة القوى الظلامية الإسرائيلية الفاسدة بأن الشعب الفلسطيني هو شعب دموي وإرهابي ويجب القضاء عليه وقيادته لم تعد شريك مع إسرائيل، هذا في الوقت الذي شاركت فيه كل المستويات في الحكومة الإسرائيلية ضد القيادة الفلسطينية، فوزير الجيش في إسرائيل وصف الرئيس أبو مازن بالعدو الشرس واللدود، أما ليبرمان فقد وصف الشعب الفلسطيني بتنظيم داعش، وهذا الهذر الإسرائيلي لم يأت من فراغ بل في نطاق خطة الحكومة الإسرائيلية لتصفية القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، حيث شاركت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية على نطاق واسع في حملة التضليل للرأي العام الداخلي والخارجي بصورة مكشوفة.
إن الشعب الفلسطيني الذي يتمسك بخيار وحق المقاومة ويمد يده للسلام العادل والشامل، يتطلع بكل مسؤولية وطنية وتاريخية لنجاح كافة الجهود الإقليمية والدولية والعربية المبذولة للخروج من دائرة الأزمة والصراع، ولقد أعطت القيادة والفصائل الفلسطينية الفرصة لإنجاح هذه الجهود أكثر من مرة من أجل وضع حد للسياسات الإرهابية والأعمال الإجرامية الإسرائيلية.
من هنا كان لابد من التحرك على المستوى العالمي لاحتواء الموقف الإجرامي التصاعدي الإسرائيلي، ومنع تدهوه أكثر مما هو عليه الآن، وبذل الجهود المكثفة لإنقاذ الشعب الفلسطيني من هذا الأجرام والعدوان البربري والهمجي من قبل اسرائيل، وفي مواجهه فشل مجلس الأمن في التوصل إلى اتفاق بشان حماية شعب فلسطين، صحيح أن الحجر رغم ضالته في يد صاحب الحق يزلزل في كثير من الأحيان كيان الجندي الصهيوني الذي لا يقهر، والمدجج بأعتى أنواع السلاح المتطور والتكنولوجيا الحديثة وخالي الوفاض من العقيدة، ليؤكد إنه ليس لهذا السلاح الحق في هذه الأرض المقدسة، وصحيح أن موازين القوى بين الفلسطينيين وبين الإسرائيليين غير متكافئة، فهناك فرق شاسع بين الحجر في يد الثائر الفلسطيني المدافع عن أرضه وعرضه ووجوده، وبين كل الأسلحة التقليدية والغير تقليدية في يد الجندي الصهيوني الغاصب والمحتل، إلا أن النوازع العدوانية الصهيونية لارتكاب أبشع المجازر والجرائم ضد الجماهير الفلسطينية المجاهده والصبوره قد فاقت كل الحدود، كما أن الإجراءات الإسرائيلية التعسفية التي تهدف إلى خنق شعب فلسطين الأبي والقضاء عليه وتصفيه هبته المباركة العارمة وكوادره الميدانية، أصبحت من الخطورة بحيث لا يمكن السكوت عليها لا عربيا ولا إسلاميا ولا اقليميا ولا دوليا بأي حال من الأحوال.
إن صمود جماهيرنا صلب لا يلين وهي مستمره في هبتها المقدسة وكفاحها ونضالها وجهادها ومقاومتها، شاء الاحتلال أم أبى، فهبتهم الجماهيرية هذه جعلت حكومة الحرب والعدوان الصهيونية تتخبط وتكشف علن أنيابها ونواياها السيئة تجاه شعبنا وقيادتنا وفصائلنا علنا، وهي ما زالت تمارس التطهير العرقي ضد شعبنا في كل مكان، وتستخدم كل الأساليب البربرية والتي تزداد وتيرتها باستمرار مطرد ضدهم، وشعبنا يثبت في كل يوم صلابته وقوته وقوة موقفه، النابع من ثباته على الحق وإيمانه بقضيته العادلة، لا يزعزعه طغيان الآلة العسكرية الجبارة التي يمتلكها عدوهم المتغطرس.
آخر الكلام:
يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنها لصادقون
بقلم/ رامي الغف*
*إعلامي وباحث سياسي