جولة جديدة بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية في غزة شهدت تصعيدا اكبر مما رأيناه في المرات السابقة، تميزت هذه الجولة بأن المقاومة الفلسطينية تفوقت بشكل لافت من خلال ذكائها في استخدام ما لديها من إمكانيات وان كانت لا تقارن بحجم ما يمتلكه الاحتلال، فاستطاعت توظيف قدراتها العسكرية في الميدان بصورة ذكية وجماعية جعلت الاحتلال يذهب إلى قصف المباني والمنشات المدنية لتشكيل ضغط على الحاضنة الشعبية وبالتالي الضغط على الفصائل للقبول بالتهدئة.
ربما منح القدر المقاومة الفلسطينية فرصة التفوق المعنوي منذ البداية حينما تم إفشال عملية التسلل التي قامت بها قوات الاحتلال شرق خان يونس مما أدخل الاحتلال في دوامة كبيرة رغم الثمن الكبير بارتقاء عدد من الشهداء، ولم تترك المقاومة للاحتلال فرصة التقاط الأنفاس فقامت بمباغتته بإطلاق صاروخ الكورنيت على باص الجنود شرق غزة ومن ثم تبعه إطلاق دفعات كبيرة من الصواريخ والتي تحدت القبة الحديدة وخاصة في منطقة عسقلان وأوقعت قتلى وإصابات هناك، وتوظيف ذلك من خلال صورة إعلامية مميزة أحرجت الاحتلال.
الآن وبعد العودة إلى حالة التهدئة كما كان متوقعا، تدور العديد من التساؤلات وأهمها هل سيقبل نتنياهو وليبرمان أن تقف الأمور عند هذا الحد ويتحملان الضغط الداخلي المتوقع والذي يتهمهما بالفشل إزاء قطاع غزة خاصة مع الحديث عن تبكير موعد الانتخابات، مقابل تعزيز علاقاته مع بعض الدول العربية والتي شهدت نموا كبيرا في الآونة الأخيرة، إضافة إلى أن هذه الجولة من الممكن أن يستثمرها من اجل تعزيز الانقسام الفلسطيني من خلال القول للداخل الإسرائيلي بان معاناة غزة الإنسانية هي التي تجعل التصعيد يكون بين كل فترة وأخرى، وهو ما سيستلزم المزيد من التسهيلات الإنسانية من خلال قطر والأمم المتحدة.
في المجمل الأوضاع في قطاع غزة ستظل متوترة طالما أن هناك حلول جزئية تتم دون الوصول إلى حل شامل والمتمثل في تحقيق المصالحة الفلسطينية والذي يتطلب من جميع الأطراف التنازل من اجل أبناء شعبنا وحماية لقضيتنا الوطنية وعدم استفراد العدو بكل منطقة لوحدها.
بقلم/ عاهد عوني فروانة