إحياء للذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد القائد الرمز أبو عمار في النادي العربي دخلنا مخيم اليرموك، لنعيد للمخيم اعتباره الفلسطيني بأنه عاصمة الشتات الفلسطيني.
لم ندخل مخيم اليرموك فاتحين، بل دخلناه مكلومين، فجرحنا عميق عميق في اليرموك، دخلناه وكأننا لم نغادره سوى لليلة ظلماء فقدنا فيها القمر والنجوم، وفقدنا فيها البصر والبصيرة.
فبين عشية وضحاها تغير اليرموك، فقد اليرموك روحه، وكست الكآبة وجهه، وافتقد أهله وساكنيه الذين غادروه قسرا إلى أرجاء الدنيا، حاملين معهم كل تفاصيل مخيمهم لأنها نسيج حياتهم بكل ما فيها من ألم وأمل، لكن مخيم اليرموك السوري التراب لم يفتقد هويته الوطنية الفلسطينية، وأصبح هاجسنا الفلسطيني اليومي، فاليرموك جزء من وطننا المعنوي الذي بنيناه في الشتات، فغدا رمزا لكل اللاجئين الفلسطينيين يرون فيه وحدتهم الوطنية التي لا مناص عنها في كل مكان وكل زمان.
دخلنا اليرموك أطفالا رضع تضمهم أمهاتهم إلى صدورهن، وشيوخا اتكأوا على أحفادهم، وأشبالا وزهرات يرفعون أعلام فلسطين مؤكدين على فلسطينية اليرموك يحذوهم الأمل بالعودة إلى عكا وحيفا ويافا وصفد، وشبيبة يحملون راية الفتح يرون فيها طريقهم لتقويض المشروع الاستعماري الصهيوني الاستيطاني الرازخ على أرض الوطن فلسطين، ونساء يرون أن حبلهن السري مرتبط بفلسطين فلن يقطعه سوى العودة إليها ، ورجالا يرون هذا الواقع المؤلم، يقرأون الحيرة في العيون التي أمامهم، فيؤكدون انطلاقا من الواقع الذي نعيشه حقنا التاريخي في فلسطين كل فلسطين، فلنا الماضي ولنا الحاضر ولنا المستقبل والغزاة الصهاينة لا بد عن أرضنا راحلون.
دخلنا اليرموك يحذونا الأمل أن يكون كما كان نابضا بالحياة، لكن هيهات هيهات، فالدمار والخراب والإبادة أكبر من طاقاتنا جميعا، لكن إرادتنا بأن يعود اليرموك عنوانا لقضيتنا أقوى من كل ذلك رغم كل ما فقد اليرمرك من أبنائه ضحايا مخطط تآمري يرى في مخيم اليرموك وكل مخيماتنا الشاهد الحي على نكبتنا التي بلغت من العمر سبعين عاما.
دخلنا اليرموك الذي أراده المتآمرون جسرا ومعبرا وطريقا إلى قلب دمشق ليسقطوا الرئيس والنظام والدولة، فأبى اليرموك إلا الوفاء لدمشق العروبة فكان جسرا صعب العبور لإسقاط الرئيس والنظام والدولة، ووفاء لسورية دفع اليرموك جسده ثمنا لذلك، فاليرموك العربي الفلسطيني كان حائط الصد للرياح العاتية التي أرادت العصف بدمشق، فكان مخيم اليرموك وفيا للشام التاريخ والحضارة.
دخلنا اليرموك في ذكرى استشهاد القائد الرمز أبو عمار ياسر عرفات لنقول على لسان أبي عمار أن هذه الثورة وجدت لتبقى وتنتصر ، وها هم اليوم أبناء شعبنا يدخلون اليرموك قادمين إليه من كل المخيمات الفلسطينية في سورية، ليقولوا مقولتهم الفصل بأن وحدتنا الوطنية الفلسطينية هي سلاحنا الأمضى والأقوى في وجه ما يسمونه اليوم بصفقة القرن التي تهدف إلى نفينا تاريخيا وجغرافيا وسياسيا ، مؤكدين تضامنهم ومساندتهم لإخوتهم في قطاع غزة الذين تجلت وحدتهم في مقاومة العدوان الصهيوني المستمر على أرضنا وشعبنا.
دخلنا اليرموك لنقول للعالم أجمع أن اليرموك ما زال وسيبقى عاصمة الشتات الفلسطيني حتى العودة والحرية والاستقلال.
2018/11/17. صلاح صبحية