#رسالة_من_منذر_المقاوم_إلى_السنوار_المجاهد ..

بقلم: منذر ارشيد

الاخ القائد المجاهد يحيى السنوار السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد..

أحدثك ايها القائد الهمام وأنا أمثل شريحة من فدائيين كانوا في الزمن الجميل ربما لم تكن قد ولدت أنت بعد..!

تركت بيت أهلي المترف والمنعم بالطعام والشراب والمنام المريح وكبقية أبناء جيلي في تلك الحقبة وعشنا في البراري والاقفار وفي الكهوف وتحت المطر في حياة لم نكن مجبرين عليها اللهم إلا من أجل الحرية والكرامة والتحرير.

فعمري الان في السبعين ، حيث مارسنا النضال مع منتصف الستينات من القرن الماضي وأهمها ما بعد نكسة حزيران
حينها إنضم الى حركة فتح خيرة شباب فلسطين ولو كنت أنت يافعا حينها لانضممت وكنت أحد ابطال العاصفة وفتح فحماسكم لم تكن قد ولدت بعد ...

وعلى الرغم من ذلك فإن اخوة سبقوكم من الإخوان المسلمين انضموا الينا حينها بقيادة المرحوم عبد الله عزام رحمه الله وقد دربت أنا شخصيا عدداً منهم ،
إلا أنهم غادرونا بعد فترة ، ونشروا بيانا وجهوه لقيادة فتح قالوا في فحواه..
( إن الوقت ما زال مبكرا ً وأنكم تلقون بأيدكم إلى التهلكة فالجهاد يسبقه إعداد ولا يكون إلا بعد إنشاء الخلافة ووجود خليفة يقود الجهاد على نهج النبوة وليس بالعلمانية )

وصف الحالة الميدانية..

كنا فتية ومنا الأشبال الذين لم يبلغوا الحُلم بعد ، تدربنا تدريبات شاقة وصبرنا من أجل فلسطين ، كنا نحمل الأثقال نصعد الجبال ونجوب الوديان وتحملنا ما تنوء عن حمله الجبال، وكانت قوات العاصفة ومعها الجبهة وقوات التحرير منتشرة على طول حدود الاردن والأغوار وتعرضنا لقصف المدفعية و الطائرات على مدار الساعة وسقط منا مئات الشهداء في قواعد السلط في الأغوار على نهر الأردن على سفوح جبال طوباس وقباطية وجنين ونابلس والخليل مرورا بغزة حتر رفح حتى معركة الكرامة التي يعرفها القاصي والداني

كنا يا اخي القائد نسير في بعض العمليات ايام وليال عبر القفار والجبال والبحر والصحاري حتى نصل إلى هدفنا ويا عالم كم سقط لنا شهداء على الطريق..
ألا تتذكرون عمليات السافوي .. هل نسيتم دلال المغربي ... هل تعلمون عن عملية الديمونا ..ألا تتذكرون عملية مصنع البوتاس والجمال التي كانت تحمل الاثقال واستشهد خلالها ستة شهداء ...ولم ينجو منها سوى بطل إسمه سمور..
ماذا أذكر وأذكر يا أخي القائد ..عن معاناتنا في تلك الحقبة
فأنت في غزة من بيتك ترى المستوطنة وتقصفها بالصاروخ بين صلاة السنة وصلاة الفرض او وأنت تتعشى مع أطفالك.

وكانت بعد ذالك أحداث ايلول والأحراش وسقط معنا قادة كبار على رأسهم الشهيد البطل أبو علي إياد وتم اعتقال سبعة الاف مقاتل وكنت أنا شخصياً من ضمنهم وحكمت بالإعدام ومن ثم المؤبد وقضيت ومعي عشرات الإخوة عشر سنوات في السجن.

وكما يعرف الناس باقي الحكاية مرورا بلبنان وجنوبها وبقاعها وقلاعها وملحمة الشقيف التي سبقت كل ملاحم المقاومة وصراعنا الدائم مع العدو ، وقد سجل أبطال الفتح ملاحم بطولية هزت كيانات العدو مما إضطرها لاجتياح لبنان وكانت معركة بيروت البطولية وحصارها كما حوصرت غزة البطلة.
وتحملنا ما لا يتحمله البشر وقد تكالبت علينا دول العالم وتخلى عنا العرب فاضطررنا لمغادرة لبنان حفاظا عليه من التدمير الشامل.

أخي القائد يحيى ..

تحملني ولا تقل لي... هات من الآخر ...!

فالاخر مهما كان له أول ، ومن لا يحترم الأول لا يحترم الآخر.....

فمن واحبي أن أذكر البعض ممن ألغوا الذاكرة وكأنهم هم من بدأوا الجهاد الأكبر والنضال الأول ..!

وكأن فتح كانت مجرد عصابة كما يحلو للبعض للأسف
فهذه العصابة يا اخي الكريم هزت كيان إسرائيل على مدى عشون عاما .. جعلتها تلجأ لكل قوى العالم لتعقد سلاما معها
ورغم ذلك لم تتركها إسرائيل بحالها بل لاحقتها إلى تونس وقصفت مركز قيادتها وسقط خيرة ضباطها في منطقة حمام الشط الذين قادوا معركة الصمود في لبنان..
لا بل لاحقوا القائد الفذ خليل الوزير واغتالوه في تونس .

حدثت اوسلو وكان ماكان ..

وتأسست السلطة وكنت من اوائل العاملين فيها بداية من اريحا وعشت البدايات بكل تفاصيلها

وانتم في حماس عارضتم اوسلو
وكنتم بعد الإنتفاضة قد رتبتم اموركم وانطلقتم على الرغم من عدم وجود خليفة ولا خلافة راشده على نهج النبوة وبداتم بالعمليات التفجيرية لتعطيل إتفاق اوسلو الذي اعتبرتموه خيانة
وجرت الأمور باحداثها المؤلمة بينكم وبين السلطة .

ورحم الله القادة العظماء أولهم الشيخ ياسين والرنتيسي وابو شنب وغيرهم من القادة الشهداء ، ورحم الله الشهيد ابو عمار الذي كان الاب الحاني للجميع .،
ولربما كان مضطرا ًوقد استعمل الباب الدوار ..فحافظ على شعرة معاوية وبفضل جهود قيادتكم الحكيمة آنذاك

أحدثك يا أخي القائد من القلب إلى القلب لعل رسالتي تصلك بكل ما فيها من صدق وشفافية دون لف ولا دوران

وقد انتقدتك وكان لي ملاحظات على خطابك قبل أيام..


فكما ذكرت هناك من سبقكم بسنين ومن سيأتي بعدكم بعد حين.. فنضال شعبنا لم يبدأ بفتح ولا بحماس كما تعرف
بل كان نضالا مستمرا متراكما منذ الإستعمار البريطاني وقبله العثماني

لا أدعي أني ما زلت مقاتلا فأنا خارج الوطن رغماً عني ولكنك تستطيع أن تقول أنك ما زلت مجاهداً ربنا حتى الشهادة ولك الفخر
فرفاقك في السجن ومنهم الفتحاويون يشهدوا لك بصدقك وشجاعتك
ولذلك تفائلنا خيرا وقد وصلت الى قمة الهرم كقائد لحماس
خاصة انك اطلقت ندائات الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام
فالإنقسام كان ولا يزال الكارثة التي أصابت قضيتنا في مقتل إن صح التعبير...
كما تعلم فلا شيء ثابت إلا وجه الله وقد شهدنا متغيرات كثيرة في ساحتنا الفلسطينية فبعد ان كانت اوسلو خيانة إنخرطت حماس فيها بقدرة قادر .. وحصلت انتخابات مجلس تشريعي ..وحكومة برئاسة هنية ووزراء ووزير خارجية الزهار .. والخ حصل ماحصل وتفشكل الأمر وحدثت القطيعة بعد مجزرة رهيبة
سنوات عجاف من المخاولات لرأب الصدع وإنهاء الإنقسام دون جدوى ولكن مع تسلمك للقيادة تفائلنا خيرا وقد شاركت ومعك مجموعة من القادة ومع بعض قادة فتح.. وبوساطات عربية وتوصلتم إلى إتفاق كما سبق قبل سنوات ، ولكن للأسف تعطل هذا الإتفاق
بغض النظر عن الأسباب إلا أنه من العار أن لا نكون نحن كفلسطينيين قادرين وحدنا وبدون تدخل من أحد أن نوحد صفوفنا مع إحترامنا للوسيط المصري.

وأعتقد جازما أنك كنت الأحرص على إتمام المصالحة مع بداية تسلمك للمسؤولية.. وقد لاحظنا بعدها أنك ابتعدت عن المشهد فترة من الزمن.. وكانت وسائل الإعلام وبعض الإعلاميين يتسائلون عن سر اختفائك..!

والحمد لله انك ظهرت أخيرا خاصة بعد مسيرات العودة المشرفه ،
وكما كان لتصريحك مع وجود السفير العمادي الذي قلت فيه... أننا لن نتخلى عن المقاومة في الوقت الذي طلب فيه العمادي من الاخ الحية ( نبي التهدئة)

وبعدها بيومين فوجيء الناس بالإختراق الأمني الخطير من قبل قوات خاصة للعدو والذي أسفر عن إستشهاد قادة ابطال من كتائب القسام.

أخي القائد يحيى السنوار...
بدون أدنى شك أنها كانت مفاجئة رغم تسرب أخبار عن سيناريو ذكر فيه ان العدو كان يصول ويجول في المنطقة تحت غطاء عائلة فلسطينية. والتفاصيل كثيرة
وعندما يتم الحديث عن الضفة أنها مخترقة وان التنسيق الأمني يشكل خطرا على شعبنا وانها خيانه..!!!

إلا أن غزة أيضا مخترقة من قبل عملاء محليين يشكلون أكثر خطورة على المقاومة وشعبنا في غزة من التنسيق الامني في الضفة ، وأنا هنا لا اروج للتنسيق الأمني رغم أن التنسيق الامني ليس محصورا على الضفة فحتى في غزة لا يمكن ان يدخل شيء سواء بضاعة او اشخاص عبر ايرز وكارني إلا بتنسيق أمني
فالخطورة تكمن في السرية التامة في عملية التواصل بين العدو والعملاء المخفيين، بينما في الضفة التنسيق الامني معلن والامور واضحة وضوح الشمس ولا يخفي احد بداية من الرئيس حتى أصغر مسؤوول ان هناك تنسيقا أمنياً .

فغزة كانت وما زالت مستهدفة بسبب المقاومة والأنفاق وغيرها من الامور
فالعملاء في غزة كان لهم دور خطير في اغتيال قادة حمساويين.. والكل يعرف كيف تم اغتيال الشهيد مازن فقها
وقد تم إعدام العملاء .. وهي ليست المرة الأولى التي تكتشف حماس عملاء من بين صفوفها..
وهذا ليس غريبا ففتح تم في اكثر من مرحلة اكتشاف عملاء فيها
ولكن الغريب أيها القائد المحترم ان يتم إستغلال بعض الأمور الثانوية كموضوع العقيد أبو الرب الذي صور وهو يساعد في فتح الطريق التي اغلقته سيارة إسرائيلية وقد تم وصفه بالبنشرجي وقد تم وضع سيناريو وكأنه باع القدس..

وكان عتبنا اكبر عليك انت وانت تختفيى في الوقت الذي أعلنتم الإنتصار على العدو الذي إرتكب جريمة عظيمة ويمساعدة عملاء وليس بنشرجية..
فمن المؤسف أيها القائد أن تنزلق انت الى هذا السيناريو المقيت وتذكره باستهزاء وتقول نحن بنشرنا العدو ولم يبنشرنا.!
اعتقد أن الخطاب هو خطاب النصر وخطاب النصر يجب ان يكون أسمى وأعلى من هكذا مسألة وكان يجب ان يكون توحيديا وليس متعاليا، فالتعالي يجب ان يكون على العدو

الحقيقة ان جميع شعبنا وفصائله بما فيهم فتح كانوا موحدين معكم أمام العدوان الصهيوني الغاشم..
ولم نسمح لأحد ان يتطاول على المقاومة الباسلة رغم بعض الملاحظات التي ظهرت أثناء العمليات العسكرية ..
ونشهد ان الصواريخ التي اطلقتموها كانت مؤثرة وصادمة للعدو .. واستقالة ليبرمان لخصت هذه الصدمة.
وشددنا على توحيد الخطاب في دعم المقاومة وادانه وتعرية العدو...
اما ما تم نشره من بعض من تحدثوا او كتبوا للتشكيك في بعض مجريات الأحداث وقفنا بكل صراحة ضدها وأدناها بشدة

الان ... وبعد كل ما حدث نتمنى أن نشهد تحولا جذريا
في موضوع المصالحة فشعبنا مل وطفح كيله أمام الشقاق الذي تخلله كثيرا من النفاق.. فشعبنا في غزة الاكثر تضررا
من بقاء الأنقسام ..والحصار
فالرهان على الصبر ..نعم الصبر جميل.. ولكن للصبر حدود
فكفى للتنابز والتنافر والاتهامات والتخوين
ولا داعي للخوض في التفاصيل ولكني اقول كلمة بهذا الخصوص وان صح التعبير
( لاتلومني ولا الومك ..الهم والبلاء طايلتي وطايلك )

فتح وحماس.. اخي السنوار.. من ينكر ان فتح لم تتغير وبحكم الظروف الإقليمية والدولية والعربية فانه يكذب على نفسه ويغالط الحقائق
ومن يدعي ان حماس ما زالت كما بدأت ايضا يكابر وينافق
فجميعنا في خندف واحد ولن يرحمنا احد سوى الله اذا فقط توحدنا .. فلسطين هي فلسطين ولن يبدل ويغير فيها أحد حتى لو اصبحت كلها مستوطنات.. فوعد الله حق
ولكن الله لن يحقق وعده الا بمشيئته زماناً ومكاناً ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... لا يقولن أحد..
( نحن من سيحقق الله على يدنا النصر)
فنحن عند الله الأمة الواحدة الموحدة ..
وليست فتح ولا حماس
ففتح والضفة مازالت تقوم والخان الاحمر وكل نقاط التماس مقاومة كما حماس وغزة تقاوم و مسيرة العودة مستمرة..
واذا اعتقد البعض أنهم قادرون وحدهم أن يحققوا إنجازا وطنيا فهم واهمون...
واذا اعتقدت فتح ان العدو سيتركها ويقضي على حماس فهي واهمة ..

واذا اعتقدت حماس انها ستفوز بالغنيمة في غزة فهي واهمة أيضا ..فالعدو ومن معه لا يريدون فتح ولا حماس ولا أي تنظيم قاتلهم في يوم من الايام ..

أما الهدنة مع العدو فهيى ليست إنجازا وطنيا ..
بل هي بحكم الضرورة والتخفيف من الاضرار

وما دامت كذلك ..ما المانع ان تكون بتوافق الجميع..!
وما الذي يمنع المصالحة الكبرى.. ومن يقنع العدو بهدنة الا يستطيع إقناع الأخ بالصلح..!؟

اما من يقولون.. أننا لا نضع يدنا بيد العملاء الذين ينسقون مع العدو ... فنقول لهم....

الاولى أن لا تضع يدك بيد العدو وتنسق معهم سواء بوسيط أو بشاليط ... لا فرق..!

أخيراً نتمنى من الاخ السنوار أن ياخذ نقدنا له من باب الأخوة والمحبة وليس من أي باب آخر..!

ونحن نحسن به الظن وبإخوانه الخيريين في حماس..

فاليبادوا ويتلقفوا دعوة الرئيس ابو مازن الذي قال
ان الظروف مهيئة للمصالحة... فما المانع..وشعبنا كله تواق للمصالحة..!

الكرة في ملعبكم والإنتخابات أمامكم وتحت اشراف عربي دولي... فتفضلوا وفوزوا بها ... إن أردتم السلطة..!؟
والله من وراء القصد

 

منذر ارشيد