مدونات فتحاوي عتيق.
بداية كان في القديم ومنذ النكبة عام 1948 هناك قضية لمفهوم واحد،هي قضية اللجوء عن ارض الوطن وقضية الاغتصاب للارض وانشاء كيان احلالي قامت به الصهيونية بمساندةانظمة عالمية وبعض القوى الاقليمية،وحالة التبعية لكثير من الانظمة،اما اليوم فلقد بعدنا مسافات خطرة ومنحدرة عن المفهوم الاساسي للقضية وبدأنا نتعامل مع ثانوياتها ومنتجاتها،فكانت قضية التحرير هي من اهم الهموم للانسان الفلسطيني بل للأحزاب التقدمية وعلى رأسها القوميين العرب والاشتراكيين ،وكانت هناك ثورة يوليو بقيادة القائد الشامخ جمال عبد الناصر التي كانت من اهم ارهاصات قيام ثورة يوليو هي قضية فلسطين وقضية وجود هذا الكيان المغتصب على ارض فلسطين ،
اما اليوم اصبحت قضية التحرير في شبه المنسية ،فليس هناك برنامج تحرير ، وليس هناك برنامج وطني واضح المعالم وفعلي ولو كان مرحليا ً ، بل هناك برامج سياسية حزبية متشرذمة فصائليةعاجزة وتابعة لمتغير رأس المال والمرتبط بالدول المانحة ، لا يوجد برنامج وطني بل
هناك قرار لدكتاتور حتى تخطى اتفاقية اوسلو التي اسست الانهيار الفعلي للبرنامج الوطني ،دكتاتور يمضي قدما ً وبعجز مطلق في التعامل حتى اللحظي والمتزامن والذي اسس للتفسخ وانهيار حركة فتح فعليا ً كاداة واعدة وفاعلة في معادلة العمل الوطني المنتج .
حركة فتح لا تشطب ، ولا احد يستطيع شطبها ، لأنها تجربة شعب ومنتج فكري ونضالي لهذا الشعب وكذلك رصيد من الشهداء والمناضلين والجرحى والاسرى ، ولكن نستطيع القول هل حركة فتح الآن قادرة على التعاطي مع المتغير الذاتي والموضوعي ؟ ، وهل حركة فتح
قادرة على ان تمارس ادبياتها في ظل وجود دكتاتور مثل محمود عباس ؟ ، وهل اللجنة المركزية لحركة فتح قادرة وتمتلك قراراتها الفردية والجماعية امام دكتاتور يمتلك غطاء من الاحتلال ودول اقليمية ؟ وكما قال احدهم من اعضاء اللجنة المركزية قديما ً انه يملك "المخلاة "
مازالت غالبية قطاعات الشعب الفلسطيني تعشق الفكر القومي الوحدوي وتعشق وحدة حركة فتح وتفهم تلك الجماهير اين توجه بوصلتها ومن تراكمات سابقة ولدى الجماهير حاسة سادسة لمن يستطيع ان يحقق احلامها وآمالها امام تهاوي وخصخصة مصلحية تقوم بها
الفصائل وتنسى في سلوكها عامة الشعب ، لا نريد هنا ان نتحدث في الاجابة عن هذا السؤال سياسيا ، بل هناك مشاكل معقدة ومركبة كانت من نتاج سياسة محمود عباس ومن يحيط به من فئوية وخصوصية واستئثار بالرصيد المادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ، حيث
سادت البطالة وساد الظلم والفقر وحالة التشويه الثقافي ، فليس غريبا ً ان يتجه كثير من قطاعات الشعب الفلسطيني وانا ألمسها بشكل حي وحقيقي في الشارع الفلسطيني تجاه القائد القومي والوطني محمد دحلان، فليس صحيحا ً كما يقال ان محمد دحلان
لديه "شوالات من المال" ينثرها هنا وهناك في الشارع الفلسطيني لكي يجمع الحشود المناصرة له ، وهذا خطأ واستهانة بعاطفة الجماهير واحساساتها بل الجماهير تنطلق من اكواخها وفقرها وضياع مشروعها الوطني لتتجه ولترى بأن محمد دحلان هذا الشاب الذي خرج من عمق المخيمات الفلسطينية هو القادر على فهمها وتحقيق مصالحها وفي نطاق برنامج اتفق عليه الجميع من هم داخل منظمة التحرير ومن هم خارجها بالحل بناءا على قمة فاس والبرنامج السياسي لمنظمة التحرير باقامة حل الدولتين وحل قضية اللاجئين بالعودة الى اراضيهم ، فالمشكلة ليست في الحل المرحلي ولكن المشكلة في من هم استخدموا هذا البرنامج لوضع سيل من التنازلات تجاوزت برنامج منظمة
التحرير حتى تجاوت اوسلو ،
تحدثنا كثيرا مع كل من يهمه الامر انه لا يمكن تجاوز حركة فتح في قطاع غزة وكذلك في الضفة الغربية ومخيمات الشاتات وهذا ما يعمل عليه محمود عباس وفصائل مستأثرة بقوتها على الارض وهي تقوم بعملية الهروب للأمام ولا تريد ان تعترف بالحقيقة والمتغير على الارض وطالبنا بمعادلة وطنية تبدأ من قطاع غزة ثم تتوسع في مخيمات اللجوء خارج الوطن والضفة الغربية يشترك في هذا البرنامج الاسلام
السياسي وحماس مع القوى الفاعلة في حركة فتح والتي تقف في موقف التضاد مع برنامج عباس التدميري ، فلا اخفي على احد ان محمد دحلان على المتسوى الذاتي والموضوعي لا يمكن تجاوزه كقائد وطني يمتلك الكثير من ادوات النجاح وتحقيق الذات الوطنية الفلسطينية وعلى ذلك يجب ان يفهم الجميع اذا كانوا يريدوا حلا ً منتجا ً لكل الظواهر التي يعاني منها الشعب الفلسطيني .
ان تحدثنا عن منظمة التحرير والسلطة ،فإننا نتحدث عن حركة فتح وهي الفصيل الحاكم والقوي والمؤثر والمقرر في منظمة التحرير والسلطة ، وان تحدثنا عن حركة فتح الان فاننا نقول ان فتح تتلخص في القرار الذي يمتلكه محمود عباس فقط ، هكذا هي حركة فتح
الآن ، ونريد ان نؤكد ان حركة فتح غيبت اربعة اجيال او اكثر من استلام مهامهم القيادية واستأثر البعض تحت مقولات مختلفة بكل اطر القيادة في هذه الحركة ومنظمة التحرير والسلطة ولأنهم يعتبرون انفسهم هم الاوصياء وهم الملاك لهذه الحركة وهذا
جوهر ما تعانيه حركة فتح من تكلس وتفكك وانهيار ، فلم يتمكن الشباب والكفاءات من اخذ دورهم الحقيقي في داخل اطر حركة فتح وبالتالي في منظمة التحرير والسلطة ، ولذلك حدثت التراجعات في البرنامج السياسي والتنظيمي والمؤسساتي سواء في فتح او
منظمة التحرير او السلطة، لم يكن هذا غباءا ً او عملا تلقائيا او انانيا نرجسيا ً بل هو ممنهجا ً لتجميد فاعلية منظمة التحرير وبرنامجها والاستإثار بالسلطة وحركة فتح لتنفيذ برنامج مشبوه يقود منظمة التحرير الى التوقيع على مالا يقبله الشعب
الفلسطيني بتاتا ً ،وكما يقول رئيس السلطة انه يريد حلا ً استراتيجيا ً دائما مع اسرائيل وليس حلا ً مرحليا حتى بوجود المستوطنات التي زحفت على 60% من اراضي الضفة الغربية، المشكلة القائمة الآن انه من الصعب في ظل وجود تلك القيادة او ان رحلت وبأي ظروف .. فنخشى من حالة الفوضى والتشتت ويصاب الشعب الفلسطيني بظواهر نحن نراها اليوم من عشائرية وقبلية ومراكز قوى لن تبعد كثيرا ً عن مآرب الاحتلال في الضفة الغربية وغزة او استإثار فصائلي بالحكم وهي تلك الفوضى التي ستغيب منظمة
التحرير تماما ً بل ستغيب السلطة بكل مساوئها كظاهرة كان يمكن تطويرها لتكون وجهاً وطنيا معبرا ً عن مرحلة يجب ان نجتازها .
المشكلة في حركة فتح ، مشكلة الغرور والنرجسية وسلوك المخترة والتي قادتها منذ زمن ،و لم يحدث يوما في حركة فتح انها قامت بمراجعات لمراحلها ومنعطفاتها وسلوكها وسلوك قادتها ، بل هم دائما ً المنتصرين وهم دائما ً الاوحد ، ومع هذه الظواهر وبعدما تركت فتح ادبياتها ومنطلقاتها واهدافها ابتعدت عن الحاضنة الاساسية لها وهي الجماهير والبنية التحتية والقاعدية لها ، بل تعاملت قيادة حركة فتح في السابق مع قاعدتها التنظيمية والمؤسساتية وكأنها منظومة من التابع وليس المشارك في اطار عام اسمه حركة فتح ، واهملت المركزية الديمقراطية بل كانت الدكتاتورية الصارخة والاقصاء والابعاد لكل من يعارض سلوك قيادتها ، فليس غريبا ً ان تخسر حركة فتح في
التنظيمات الشعبية وما حولها ، وهنا لا يقتصر بين العلماني والاسلام السياسي ، فحركة فتح تحتوي في احشائها كل الاتجاهات الفكرية والمشكلة هنا ليست في ادبيات حركة فتح ولكن المشكلة في من اساؤا استخدام مواقعهم في داخل هذه الحركة للاساءة لحركة فتح في المجتمعات العربية وفي الشارع الفلسطيني التي مازالت ذاكرة الجماهير والشعب تنتقل من الاباء للابناء عن سلوكيات سيئة ابتعدت عن الاخلاقيات النضالية والاهداف التي وجدت بها تلك الاطر ، فان لم تحدث حركة فتح مراجعات وتغييرا ً جوهريا في قيادتها والرجوع الى ادبياتها الاخلاقية فانها ستخسر حتما ً وبشكل دائم وينحصر تأثيرها وان كانت لها جماهير كبيرة ، وهنا اخصص حديثي للتيار الاصلاحي الديمقراطي الذي يقوده الاخ محمد دحلان واخوته من اصلاحيين وهو المجال الذي يمكن ان تعود حركة فتح فيه الى وحدتها وقوتها ولكن اعتقد لابد ان يكون هناك برنامجا سياسيا ً واضحا ً وتنظيميا ً يتجاوز كل المسلكيات السيئة والانهيارات التي احدثها محمود عباس وان يكون تيارا ً وطنيا وليس متخصصا ً في بوتقة صغيرة، فالمطلب الان اصبح مطلب وطني يهم كل قطاعات الشعب الفلسطيني وليس ابناء حركة فتح ، فهناك الكثير يجب عمله على مستوى كل قطاعات الشعب الفلسطيني الاكاديمية والفكرية والعشائرية والثقافية لكي ينتج هذا التيار وان يكون هناك وجوه قادرة ومؤكدة ومكملة لكل الاخوة في التيار الاصلاحي تستطيع فيه اقناع كل قطاعات الشعب الفلسطيني من اهمية وجوب هذا
التيار الوطني الاصلاحي لكي نحقق قبل نهاية طريق الانهيار وانقاذ ما يمكن انقاذه .
كثير من الوفود الاجنبية كانت تزور القواعد العسكرية ما قبل الـ70 وكان انطباعهم الدائم عن سلوك القيادة بأنها تمتلك سلوك برجوازي ومنهم من قال " امبرياليزم " ومنهم من قال انكم لن تحققوا اهدافكم في التحرير ، لم يكن هذا الكلام قد صدر هباءا من الفيتناميين والصينيين وغيرهم من القوى التقدمية في العالم ، فحقيقة الثورة الفلسطينية عملت كثورة لسنوات معدودة فقط اقل من اصابع اليد الواحدة ، وتحولت الثورة بعد التجييش والحل المرحلي الذي طرحته الجبهة الشعبية في اوائل السبعينات واقره المجلس الوطني التابع والذي لا يمتلك القرار الدميقراطي في تغيير وجهة الثورة واهمال عمل البندقية كعمل استراتيجي تحريري الى وجود تحريكي سياسي تعامل مع
المبادرات الدولية والمشاريع الدولية مثل 242 و338 وما صاحب هذا المتغير والتغيير من سلوكيات ابتعدت عن سلوكيات الثورة من اوجه للفساد والصراعات الداخلية والتوازنات الداخلية في داخل حركة فتح ،وبالتالي حركة فتح لم تعمل بأدبياتها ومنطلقاتها واهدافها اكثر من 4 سنوات فقط ، وانتم ترون اليوم المبررات والحجج التي بنيت على ابرام اتفاق اوسلو واقامة التحالفات مع انظمة وليس مع الشعوب واجهظت الانتفاضة الاولى والثانية ، بل اصبح العمل الفدائي والثوري عملا ً مجرما ً لدى محمود عباس ومنظومته الامنية واستبدلت الاهداف والمبادئ والمنطلقات لحركة فتح بمنطلقات جديدة قام بها محمود عباس "اسرائيل دولة جارة وصديقة " "اسرائيل وجدت لتبقى " حل عادل ومتفق عليه للاجئين "لا يمكن ان نقوم بمجازفة عسكرية مع الاحتلال " نقبل بتبادل الاراضي للأرض الفلسطينية الفلسطينية المحتلة "
يتمنى لغزة ان يبلعها البحر كما قال اسحاق رابين من قبله " التنسيق الامني مقدسا ً " ... وكثير من الاهداف والمنطلقات لهذا النهج المدمر .
رائيل فهمت ذكاء محمد دحلان وتحذر من ذكائه ودهائه السياسي والامني ، وهذه المواصفات التي نالت اعجاب كثير من دول اقليمية ودولية الا اسرائيل التي اعتبرت تلك الظواهر هي من اشد اعداء اسرائيل وسياستها واستطانها وعدوانها ، ومن لا تقبله
اسرائيل لا يقبله محمود عباس بالتأكيد !
محمود عباس يؤكد دائما في كل منهجيته السياسية والامنية على تثبيت خريطة اسرائيل الامنية والسياسية على ارضنا الفلسطينية ، وفي نفس الوقت يهمل القضية الاسياسية للشعب الفلسطيني وهي قضية اللاجئين والقدس والعودة ، هكذا هو وجه محمود عباس
ومقابله وجه محمد دحلان الذي له من منهجية اعتقد غير المعلنة ويجب على الجميع فهمها ان محمد دحلان له منهجية سياسية قد تختلف كثيرا ً عن منهجية الاوسلويين ومنهجية محمود عباس التي فاقت منهجية الاوسلويين .
محمد دحلان يؤمن في بناء الانسان الفلسطيني والبنية التحتية للشعب الفلسطيني التي قد تغير معادلة التفاوض والمعادلة السياسية برمتها ، ومحمود عباس يقوض البنية التحتية للشعب الفلسطيني ويقوض حركة فتح ويشتتها ويضربها بسموم ثقافية وبثقافة
سياسية وامنية محطمة للانسان الفلسطيني والشباب الفلسطيني .
بلا شك ان التغيير والبديل لمحمود عباس يجب ان توافق عليه اسرائيل كدولة محتلة ، ولان اوسلو وسلطتها وبناءا على اتفاقية واعلان المبادئ هي جزء من القرار السياسي الاسرائيلي ولكن ليس هذا اخر المطاف وليس هذا حكما ً مطلقا ان اسرائيل هي التي
يمكن ان تعين خلافة عباس وبدائله ، بل القاعدة الشعبية العريضة والوضع الداخلي "الذاتي " والاقليمي والدولي قد يفرض معادلة الخلافة بدلا ً من قرار
الاحتلال الاوحد ، فالتغيير في الساحة الفلسطينية ليس مقترنا ً على اسرائيل بل تشترك فيه دول اقليمية ودولية ، فاذا اخدنا هذه المقاييس فإن محمد دحلان يمتلك الثقة والاعجاب الاقليمي والدولي وهو من الشخصيات الفاعلة في كثير من بؤر التوتر الدولية والاقليمية ولذلك عندما عين عباس صائب عريقات الدخيل على حركة فتح امين سر منظمة التحرير حاول ان يفرض واقعا ً في جسد الميت اسمه اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، ومدام الجسد ميت فإن احد مكوناته تكون ميتة ولو كانت حتى صائب عريقات .
سميح خلف