خطاب السرايا .. دحلان ولغة اليد

بقلم: طلال الشريف

صحيح أن الخطاب قد كتب على مهل وتمحيص ولكن في علوم حركة الجسد ولغته التي تعرف بلغة الجسد أو Body language هناك تفاعلات في باطن عقل الخطيب أو المتحدث تظهر على حركة الجسم والأطراف والرقبة وعضلات الوجه وقبلهما والأسرع منها تفاعلا هي حركة عضلات العيون، ولكن حركات وتفاعلات العيون يمكن إخفائها بالالتفات يمينا أو يسارا.

تعتبر تفاعلات الأطراف وخاصة الذراع والساعد والكف والأصابع هي أثقل التفاعلات الحركية في لغة الخطاب وأقلها سرعة من الوجه والعين والشفتين مثلا .

الطرف العلوي من الذراع والساعد تعمل خدمة للكف والأصابع وفي حالة الهتاف والتشجيع والانفعال تتحرك الذراع أو الذراعين ككتلة واحدة.

في حالة التحديد والتركيز وقوة الموقف والشكيمة وإبراز الهدف المراد فإن الكف والقبضة، تنطوي الأصابع داخل الكف ويحكم قبضتها الإبهام، وعلى عكس الإعجاب والموافقة على الشيء أو العمل، وهنا تنقبض اليد وينفرج الأبهام وحده ليعطي الأشارة وحركة الأصابع تعبر بدقة متناهية عن المكنون النفسي والمراد فعلا ولا تعرف حركة الأصابع التضليل والمناورة فحركاتها المتعددة حقيقية ولها ترجماتها.

دعونا نرى ماذا فعل دحلان في كفه وأصابعه ولقراءة باطنه في خطاب إحياء ذكرى الرمز ياسر عرفات الرابعة عشرة على أرض سرايا غزة يوم الثلاثاء 20/11/2018 .

نريد هنا التركيز على لغة الكف والأصابع كما قلنا لأنها القراءة الأكثر دقة وصدقا لحقيقة المخفي و المكنون والذي لا يستطيع الشخص أو الخطيب أو المتحدث التحكم بها للخداع والتضليل والمناورة.

باقي حركات الجسد فيمكن التحكم بها وتشكيلها كما يريد الشخص إلى حد كبير. ولرصد حركة اليد أو لغة اليد لدحلان في خطابه، نقول :

١- في الحديث عنااجمهور أشار دحلان بالسبابة إلى هذا السيل الجماهيري الكبير، ثم فرد الأصابع وحرك الذراع كلها من يسار الشاشة أو الحشد إلى يمينها بشكل ترحيبي وتدليلا على مساحة كبيرة للحضور وهي حركة باطنها الرضى النفسي عن عدد الحاضرين والمؤيدين.

2- حين وجه دحلان رسالته لأبي مازن ضم السبابة إلى الإبهام مع عدم انقباض باقي الأصابع إلى باطن الكف، وقراءتها الباطنة، هي صدق الدعوة في ضم السبابة إلى الابهام وعدم توقعه الإستجابة، فلو كان متوقعا الأستجابة للطلب في عقله الباطن من أبو مازن لجعل الإبهام يرتاح على السبابة والأصبع الوسطى الذي يعبر عن الإرتياح للطرح وإمكانية الإستجابة لمن يدعوه، أما وقد حدث انقباض باقي أصابع اليد على باطن الكف ليس بشدة إنقباضها في حالات الطلب الإجباري والفرض التي تحدث مع مالك قرار الطلب بأن يأمر قائدا جنوده بتنفيذ الطلب أو الأمر وهو متأكد من التنفيذ وإمتلاكه الإجبار...
ومن هنا يعرف دحلان في عقله الباطن بأن الرئيس عباس لن يستجيب رغم مخاطبته بكلمة الأخ ..وهي تعبيرات عن شخصية دحلان ومعرفته ماذا يريد من الطرح.

٣- لاحظوا كيف بدت حركة أصابع دحلان حين صدق باطنه عندما بالضبط قال "بدلا من الحكي بس عن إسقاط صفقة ترامب" بأن أرخي كل أطراف أصابعه الخمسة لترتاح على بعضها، وبعدها مباشرة وعندما لفظ كلمة الرد العملي والجاد قد فرد الكف ومد الأصابع بشدة وحول الذراع إلى سيف قاطع ورفعها وأنزلها وهذه حقيقة ما يضمره العقل، وهنا صدق موقف دحلان لا يحتمل التأويل.

٤- عندما قال دحلان "إذهب إلى شعبك تحصن بهم إستقوي بهذا الجيش الفتحاوي" هنا قد عادت حركة أصابع دحلان للإرتياح حين أراح الإبهام مرة أخرى على السبابة والوسطي وهو " تعبير عن الإسترخاء والفخر والفرح من هذا الجمع الفتحاوي الذي إستجاب لإحياء ذكري أبو عمار"

٥- لاحظوا حركة المخالب بأصابع دحلان حين تحدث قائلا للرئيس عباس .. " أما أن تبقى في المقاطعة وإشارة المخالب بالأصابع المفتوحة الثلاثة قليلا في شكل خطاف أو كلابيات توحي بالأختطاف والحصار من قبل آخرين عندما قال عن عباس بأنه محاصرا ممن يمثل السي أي أيه من جهة ومن يمثل الشين بيت من جهة أخرى ولن تستطع مواجهة المؤامرة، وهنا دحلان يتمنى خروج عباس من محاصريه ممن حوله أكثر من معايرته وذلك ليصبح حرا في قراراته وهذا دليل معرفة ما يدور وفعلا يريد للرئيس الحرية التي سوف يتمكن من خلالها التصدي وحل المشكلات ومنها الخلاف مع دحلان وحماس والتصدي للصفقة .
وتعببر دحلان هنا صادق عن حصار الرئيس الداخلي الممتد خارج المقاطعة لصالح السي أي أيه والشين بيت اي أمريكا واسرائيل.

ونتائج ذلك:

* هناك صدق دحلان المفتخر بجيش فتح رجالها ونسائها.

* هناك نصائح ومتطلبات للوحدة الوطنية والفتحاوية تحتاح إرادة الجميع.

* هناك حصارا حول الرئيس يعيق المواقف المطلوبة وطنيا.

* هناك دعوة صادقة لدحلان، لكن غير متوقعة الاستجابة لإجتماع الاطار القيادي في القاهرة.

* هناك دعوة صادقة غير متوقع الاستجابة لها لتشكبل حكومة وحدة وطنية.

إلى هنا فقد إجتهدت في تفسير بعضا من لغة اليد والأصابع التي تعد الأعقد في القراءة لبواطن الخطاب ولغة الجسد، ويبقي الكثير للقراءة فخبرة دحلان وذكاءه السياسي يجعل منه سهلا ممتنعا للخبراء.

تنويه
*وأخيرا لم أستطع قراءة لغة الذراع اليسرى لدحلان ولم أفهم من كان يقصد دحلان باطنيا بحركة يده اليسرى وهي الحركة الوحيدة للذراع اليسرى كاملة في الخطاب حين أشار لمن يمثل الشين بيت وهي في تقديري ولست متأكدا "" أن في عقله الباطن صورة قديمة لهؤلاء الذين يمثلون السي أي إيه وقد كانوا ضمن من يجلسون على يمين طاولة الإجتماع أو يمين الرئيس ومن كانوا يمثلون الشين بيت والذين كانوا يجلسون على يسار طاول الإجتماعات أو يسار الرئيس... وهي توقعات وليست قراءة بالضبط

 

د. طلال الشريف