انقذ نتنياهو ائتلافه الحكومي من الانهيار وابقي حكومته عرجاء بعد انسحاب اسرائيل بيتنا الذي يراسه ليبرمان وزير الحرب السابق وباتت حكومته تقف على قدم واحدة لو كسرت هذه القدم نتيجة انسحاب أي عضو من الائتلاف اليميني ستسقط هذه الحكومة وستتجه اسرائيل الى انتخابات مبكرة وهذا ما لا يريده نتنياهو في الفترة الحالية ليس خوفا من الفشل او عدم فوز حزب الليكود بالأغلبية وانما يعني ان نتنياهو قد يكون مقبل على عمل كبير يتطلب انجازه بقاء الحكومة الحالية ثابتة حتي لو كانت عرجاء ولعل هذا العمل يتعلق بفرض الامن لمنطقة الجنوب واعادة الردع لقواته في كل مكان شمالا وجنوبا , جاء انقاذ نتنياهو ائتلافه بعد اقتناع اقطاب البيت اليهود نفتالي بينت وزير التعليم وايليت شكيد وزيرة القضاء بعدم تقديم استقالتهم بل والاصطفاف الى جانت الليكود في المعركة الجديدة والتي تحدث نتنياهو عنها متحدثا بان اسرائيل تمر بوضع امني حساس وانه سيعيد الردع لإسرائيل باعتباره سيد الامن وأضاف: "ما زلنا في أوج حملة أمنية واسعة النطاق، وأنا التزم بها لإكمالها من أجل توفير الأمن الكامل لسكان الجنوب ولجميع سكان إسرائيل "وتابع: بوصفي رئيسًا للوزراء، أمرت بتنفيذ إجراءات لا تعد ولا تحصى لضمان أمن إسرائيل.
تولي نتنياهو وزارة الحرب " اسرائيليا الامن " ولم يفرط فيها واستطاع اقناع كل من يهدد بتفكيك الائتلاف الحاكم في اسرائيل ولعل احتفاظ نتنياهو بوزارة الامن يعني ان هناك شيئا كبيراً في راس نتنياهو يحمل ابعاد استراتيجية لإسرائيل واعتقد ان ما في راس نتنياهو لا يتباعد كثيرا عن الحدث الامني الذي كشفت فيه مجموعة قواته الخاصة الخطيرة وهي اهم المجموعات التي تنتمي الى الوحدة 504 الخاصة والتي تعمل خلف خطوط العدو وكانت هذه القوة قد نجحت في التسلل الى عمق غزة للعمل حسب خطة استخبارية دقيقه بحسب تقديري الا انها كشفت وارسل قائدها في كفن الى نتنياهو. ما بات مؤكدا ان الوضع الامني الحساس الذي تعيشه اسرائيل يتعلق بعدد من افراد قواتها العاملة خلف خطوط العدو كما يسمونه بعد ان قامت كتائب القسام بنشر صور لمجموعة اسرائيل الخاصة والتي يتوقع ان يكون عدد من افرادها لم يتمكن من العودة لإسرائيل بعد وهذا بدأ يتضح اكثر فاكثر بعدما تقاطعت تصريحات اعضاء الكابينت الاسرائيلي جميعا حتي موشية كحلون وزير المالية الذي ايد ان الوضع الامني في دولة الاحتلال "حساس" وهذا ما جعل الإسرائيليين يصطفون معا على عكس الفلسطينيين الذين فقدوا كل مقومات التحرر وضاع مشروعهم الوطني عندما قرروا البقاء في مربع الانقسام على العودة لتقوية صفهم الوطني واستراتيجية مواجهة اسرائيل .
لعل الحالة الامنية الحساسة التي تمر بها اسرائيل ايضا اليوم هي انكشاف عملها السري في بعض الدول العربية وخاصة الاغتيالات التي نفذت خلال الفترة السابقة وانكشاف مخططاتها الاستراتيجية فيما يتعلق بالهدوء في منطقة غزة الذي بات هدوء تكتيكي لصالح تلك العمليات العميقة التي كانت تعتقد اسرائيل انها ستحقق تفوق عملياتي داخل العمق الفلسطيني بهدف شل قدرة المقاومة على الرد على عند اي تصعيد اسرائيلي قادم , ولعل عمل تلك المجموعة التي لم تنهي عملها حتي الان وهذا باعتراف نتنياهو شخصيا وهذا يعتبر من اهم الاحتمالات في ان نتنياهو ينتظر ان تنتهي تلك العملية السرية في غزة بالحصول على معلومات دقيقة تساعد قواته في عمل عسكري كبير في غزة قد يصل الى عمق القطاع لتنفيذ عمليات عسكرية دقيقة قد توفر لإسرائيل البيئة الميدانية لفرض شروط اسرائيلية غير مسبوقة لتحقيق الامن لسكان الجنوب الإسرائيلي وهذا يتقاطع مع تصريحات نتنياهو الاخيرة التي جاءت في خضم العاصفة الائتلافية التي اجتاحت حكومته وخرج منها بوعد للأعضاء ائتلافه بان يجلب الامن للجنوب ويحقق الردع للجيش الاسرائيلي.
مؤخرا التقي نتنياهو مع قيادة اركان جيشة كوزير للأمن واكد "ان لدي الجميع في اسرائيل مهمة مشتركة وهي الحفاظ على امن اسرائيلي في كل المجالات" وخصص ساحة غزة الميدان الاكثر حساسية للأمن وقال "نحن مستعدون للعمل والقيام بكل ما هو ضروري للحفاظ على امن سكان المنطقة المجاورة " وتابع "لحماية امن إسرائيل مستعدون للعمل في قطاع غزة ومواصلة العمل لمنع النشاط العسكري لإيران في سوريا ونقلها اسلحة دقيقة الى لبنان" , قراءتنا لهذه التصريحات توصلنا الى احتمال كبير الي استعداد اسرائيل لتنفيذ عمل كبير يبدأ بعملية عسكرية كبيرة في غزة لكن توقيتها يتحدد حسب طبيعة المشهد على الارض والعلاقة بين اسرائيل وحماس فان استطاعت بعض الدول فرض حالة من الهدوء تعطي اسرائيل من جديد اليد الطولي بالعمل داخل غزة دون مواجهة من المقاومة ودون عائق لجمع معلومات ذات قيمة امنية عالية فيما يتعلق بقدرات المقاومة الصاروخية وانفاقها الهجومية في غزة بالإضافة لاماكن احتجاز اسرى اسرائيل والا فان اسرائيل لديها القناعة التامة انه لابد من عمل عسكري الذي قد يكون اقترب في تصوري وحان لتحقيق الهدف الذي طالما تحدث عنه نتنياهو وتولي وزارة الجيش من اجله لإعادة الامن لمنطقة الجنوب والردع للجيش الاسرائيلي.هذا يعني ان اسرائيل لا تريد الهدوء في منطقة الجنوب ولا ترغب ان تستمر الحالة على حدودها مع قطاع غزة التي تبقي المقاومة الفلسطينية في حالة تفوق في الردع الذي تحقق مؤخرا الى الابد دون ان تعيد الثقة للمستوطنين في قدرات الجيش وقوات الامن وخاصة ان نتنياهو شخصيا اليوم وضع امام تحدي كبير بتحقيق الاستقرار وجلب الامن للمستوطنين باي ثمن .
بقلم/ د.هاني العقاد