الجديد في صفقة القرن على ما يبدو أنها بين طرفين حليفين، أو هما أكثر من حليفين، وليست بين خصمين هما ترامب ونتنياهو أو الولايات المتحدة وإسرائيل.
الصفقة بين حليفين والخصم مطلوب موافقته جبرا، وفي هذه الحقيقة تكمن الفكرة أصلا.
تغيير مفاهيم السياسية وأشكال العلاقات بين الدول هو جديد ترامب التاجر الجشع فيما يطلق عليها الديمقراطية الدولية أو العلاقات المبنية بين دول العالم التي كان مركزها الأمم المتحدة والتي تتغير منذ وصول ترامب للسلطة في الولايات المتحدة، الدولة الأقوى في العالم، وقضيتنا الفلسطينية كانت في عمق تغيير هذه المفاهيم والعلاقات الدولية.
إستخدام منطق الصفقات التجارية من قبل التاجر ترامب، هي سمة عصر الحكم في الولايات المتحدة والعالم، ولاحظنا ذلك في العلاقة مع كوريا الشمالية ومع مليارات العرب وانسحابات الولايات المتحدة من منظمات دولية لا تخضع لمنطق التاحر ترامب، أليس هذا تغيير جوهري في شكل إدارة الصراعات في العالم و العلاقات الدولية بعيدا عن مفاهيم علم السياسة والإجتماع السياسي القديم.
سكوت العالم دون تصدي حقيقي لردع ترامب الذي يغادر مسلمات وقرارات الأمم المتحدة الملزمة التنفيذ بشأن القضية الفلسطينية طوال سبعين عاما والتي تم إبطال مفاعيلها بإستخدام حق "الفيتو " المسلط دوما على رقبة القضية الفلسطينية.
غطرسة إسرائيل سابقا تتغير اليوم بشكل متسارع بإدارة الظهر تماما للقرارات الأممية وكأنها لم تكن، وليس فقط رفضها بالفيتو بالفيتو الأمريكي بل بتسارع تغيير الحقائق على الأرض من تهويد مكثف مدعوما بقانون بهودية الدولة كمقدمة لفرض الأعتراف من أي مفاوض أو أي مفاوضات قادمة.
نحن نعيش في مرحلة إستقواء على قضايا العرب بضعف أو تآمر بني جلدتنا وجميعهم يمارسون التهديد للشعوب المظلومة كالشعب الفلسطيني والأخطر هو التصرف المتغطرس من جانب واحد للولايات المتحدة كما حدث في موضوع القدس ونقل السفارة وتجفيف الأنروا.
قطر يد الولايات المتحدة الطولى على ما يبدو، و هي الكابلان/ المقاول الذي رست عليه مناقصة أو مزايدة الولايات المتحدة/ ترامب للقيام بتنفيذ مشروع دولة غزة، ولا ندري حتى الآن ماهية الخلاف الذي تفجر في مجلس التعاون بعد الزيارة الشهيرة لدونالد ترامب وشفط المليارات بالترغيب والتهديد المبطن وبلطجة الديبلوماسية الأمريكية الجديدة، والسؤال المنسي هو: هل للخلاف الخليجي القطري علاقة بصفقة القرن و رسو المقاولة على قطر أم لا؟؟
التصريحات الدائمة لحمد بن جاسم رئيس وزراء وخارجية قطر الأسبق التي كشفت اليد الطولى للولايات المتحدة كما يعترف بذلك الشيخ حمد بن جاسم دائما بمنتهى الصراحة بأنهم نفذوا ما طلبه منهم الأمريكان في سوريا وباقي الدول المشتعلة منذ الربيع العربي وتلك الأموال الرهيبة الطائلة التي تدفع هنا وهناك من قطر يفتح سؤال هل الولايات المتحدة هي من تدير عملية التهدئة ودفع الأموال القطرية لغزة؟؟
تعالوا نتوقف عند الدور القطري في غزة والضفة الغربية وكيف تقوم بدعم حماس وهل تعرف حماس وعباس بأن قطر لا تتدخل ولا تدفع سنتا إلا بما توصي وتطلبه وتوافق عليه الولايات المتحدة؟؟
نعرف لماذا سكوت رام الله طوال الوقت عن الدور القطري إلا في المرحلة الأخيرة حين خرجت بعض الأصوات الخجولة من قبل البعض في رام الله حين أحست سلطة عباس أن التدخلات القطرية أصبحت تمس دورها وسيادتها المفترضة بأنها السلطة المركزية وهي المسؤولة عن قطاع غزة فانونيا ، وإزدياد النفوذ القطري في العلاقة مع حماس.
مما سبق يتضح أن إسرائيل ونتنياهو تمت موافقتهم أو رضوخهم لرغبة أمريكا وما يوضح الصورة أكثر موقف ليبرمان من عدم موافقته وإنسحابه أو طرده من حكومة نتنياهو كمعيق لإتفاق بين نتنياهو وترامب وقطر على إمكانية تدجين حماس بأوضاعها المهددة بنصب الدال والمهددة بكسر الدال، ما يوحي بأن هناك خطة في الأفق تتبنى تنفيذ البند الأخير في صفقة ترامب بعد تنفيذ البنود الخمس السابقة التي أصبحت معروفة للجميع والتي لم تعد سرا إلا البند السادس وهي :
١- الاعتراف بأن القدس كلها هي عاصمة لدولة إسرائيل ونقل السفارة الامريكية من تل أبيب إلى القدس ومصادرة أراضي مدينة القدس وتهويد ما تبقى منها والخان الأحمر نموذج البداية.
٢- إقرار وتنفيذ حيثيات قانون يهودية الدولة العنصري في إسرائيل.
٣- تجفيف منابع دعم الأنروا وهو مقدمة للتخلص من الشاهد الأممي على قضية اللاجئين التي تكونت بقرار أممي لشطب حق العودة.
٤- تحديد عدد اللاجئين ب ٢٠٠ ألف الذبن حسب إدعاء إسرائيل هم اللاجئون فقط وإكمال عمليات التوطين في دول اللجوء والمهجر.
٥- إضعاف منظمة التحرير وإنهاء دورها وليس منع دخول حماس والجهاد بل تعدت إلى إحداث شقاق بين مكوناتها الإئتلافية الوطنية الأساسية، وهذا قد تم أيضا وأصبح تمثيل المنظمة على المحك.
أما البند النهائي (البند السادس التالي) والذي قد يسهل مرور البنود الخمس السابقة ويطوي صفحتها نتيجة غياب المصالحة والوحدة وغياب قرار فلسطيني موحد قوي وحقيقي على الأرض للتصدي للصفقة رغم الموقف العام للفلسطينيين بالرفض، لكن هذا الاجماع على الرفض سيتآكل مع إستمرار الإنقسام وتغيير الواقع على الأرض والبند السادس هو
٦- الإنقسام وتكريسه وفصل غزة عن الضفة الغربية لتصبح في غزة دولة تسمى الدولة الفلسطينية ولاحقا تنضم كانتونات الضفة الغربية إداريا لدولة غزة وأبو ديس عاصمة الدولة ... وبإنتهاء تنفيذ البند السادس الذي نحن بصدد مناقشته أو خشيته هو على ما يبدو ما نشهده من محاولات تهيئة البيئة له لكي تكتمل صفقة القرن ولذلك يبدو واضخا محاولات مستميتة للتدخل القطري لإعاقة المصالحة وتخريب كل جهد مبذول والآن تعزز دورهم وأصبحوا ممولا للتحكم في مسار تهيئة البيئة وتدجين حماس وتكريس الإنقسام الذي بدأ ونفذ تحت رعايتها أصلا ..
هذا على ما يبدو هو ما يدور الآن لمحاولة تدجين حماس لتقود مشروع دولة غزة، فإن كانت حماس تعرف فتلك مصيبة وإن كانت لا تعرف فالمصيبة أعظم... فهل تحذر حماس أم ستتساوق لمصالح حزبية وإخوانية؟؟
والأهم لمن ينتظرون المصالحة نقول فش مصالحة مهما رفعتم سقف التوقعات، لأن المصالحة تعني لا دولة في غزة وهذا يفشل الصفقة وينهي دور قطر وتعود المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين، ولذلك أجل نتنياهو الحرب لعل قطر تنجح في تدجين حماس... وبات مصير القضية كلها مربوطا في حركة حماس، هذه هي الحقيقة، فكيف ستدير حماس هذه المتناقضات وهذا هو السؤال الذهبي ؟؟!!
بقلم/ د. طلال الشريف