تنفيذ القرار

بقلم: صلاح صبحية

كثيرا ما يتمنى الإنسان ويتمنى، وليس كل الأماني يمكن إدراكها، فالأمنية حتى تتحقق بحاجة إلى إرادة وفعل، حتى عندما نكون في جماعة ونتفق على أمر ما، فإننا نجد أنفسنا بعد مدة لم ننفذ ما اتفقنا عليه، والسبب في ذلك أننا لم نتمكن بالانتقال من أمنية ما نريد إلى فعل ما نريد، فأمنية ما نريد لا تكلفنا عبئا ماديا، فأمنية ما نريد تظهر ونحن في حالة استرخاء جسدي وانفتاح فكري، نفكر نفكر وتتابع الأماني، لكنها تتلاشى بفقدان قدرتنا بتحويلها إلى فعل مادي، وكذلك القرارات التي تتخذها الهيئات والمؤسسات والجماعات وهي في حالة تمدد واستعلاء ونشوة، فبدل أن تؤخذ القرارات إلى حيث تكون فعلا و إنجازا فإنها تودع أدراج المكاتب وذلك لعدم قدرة الذين اتخذوا القرارات لتحويلها إلى فعل مادي مرأي ومشاهد من الجميع، وذلك لأسباب ذاتية أو موضوعية أو للسببين معا، ولكن غالبا ما يكون عدم تحويل القرارات إلى فعل هو عدم إدراكنا لطبيعة القرار عند اتخاذه، هل نحن قادرون على تطبيقه وتنفيذه، أم أننا اتخذنا القرار لمجرد اتخاذ القرار حتى لا يؤخذ علينا إننا غير قادرين على اتخاذ القرار، لأن القرار بحاجة إلى ظرف ذاتي وموضوعي لتنفيذه.
فعند عدم تنفيذ القرار تفقد الجهة التي اتخذته ثقة الآخرين بها فتضعف مكانتها، فإذا كانت جهة القرار تدرك منذ اتخاذها القرار أنها لا تملك الإرادة والقدرة على تنفيذه، فأنها تسوق لعدم تنفيذه بمبررات تعدها لحظة اتخاذ القرار حتى لا تفقد أسباب مواجهة المطالبين بتنفيذ القرار ، فهنا يكون القرار قد اتخذ للاستهلاك المحلي وامتصاص غضب الجمهور، هذا الجمهور الذي يكتشف فيما بعد عملية الخداع التي تعرض لها، فتتراخى في هذه الحالة الرابطة بين الجمهور وبين جهة اتخاذ القرار.
ولكن في مجتمع يخضع للاستبداد والتسلط فإن العامة من الجمهور تخشى على مصالحها الخاصة فتلجأ إلى الهدوء والسكينة وعدم المطالبة بتنفيذ القرار. راضخة بذلك لرأي الجهة التي اتخذت القرار.
إذا ليس كل أمنية يمكن أن تتحقق، كما أن ليس كل قرار يمكن أن ينفذ، و ذلك لعدم القدرة على التحقيق والتنفيذ لأسباب ذاتية وموضوعية، فالعبرة بامتلاك الإرادة والقدرة على تنفيد القرار.


2018/12/5 صلاح صبحية