يقول الشهيد صلاح خلف (ابو اياد) : تم احتجازي عام 1963 انا وزوجتي وابنتي ايمان في غرفة المطار بلبنان دون السماح لنا بالخروج منها وهذه الغرفة لا نستطيع أن نمد ارجلنا بداخلها لضيقها فرحت اترافع لزوجتي وابنتي حتى يسمح لهم بأن يمضيا ليلتهما داخل فندق لكن ضابط الأمن لم يتزحزح عن موقفه وفي اثناء ذلك تم إدخال كلب إلى الغرفة لأنه لا يمتلك شهادة صحية نظامية وكنت أفكر هنا أنه لا فرق في التميز الذي يفصل بين الكلاب والفلسطينين ولكن ثمة من تدخل لصالح الكلب العاثر ونال الإستثناء بعد تدخل رفيع المستوي تم لصالحه وهذه الحادثة دفعتني للتفكير بمصير الفلسطينيون الذي سيبقى ينتظرهم من جراء هذه التعاملات بحقنا كفلسطينين وثوار .
في سنوات الظلام الحالكة، عَلمَ اللاجئ الفلسطيني المغدور، جموعاً كبيرة من أناس عالمنا العربي، وحتى خارج إطار عالمنا العربي، منذ ماقبل النكبة وحتى أواخر سبعينيات القرن الماضي، وبقلبٍ مفتوح وأفق عروبي وإنساني. عَلمَهم كتابة الحرف مع تفكيك وتركيب الجملة، وكتابة وصياغة وماهية المعادلة، وجبر الرمز، والبنى الجبرية، واللوغاريتم، و الـ «SIN» والـ «COS» ومعنى ومبتغى الرقم و«الإكس والواي والزد والبعد الرابع» … ليصبح هذا اللاجئ الفلسطيني وبعد طول انكسار وشقاء وبؤس، في مصاف رواد الإنتلجنسيا العربية حاملاً رسالة العروبة في العلوم والثقافة والآداب الإنسانية، من كليفلاند وشيكاغو الأميركية، ووكالة ناسا (الفضاء) التي وصل على أحد مركباتها الى سطح المريخ حجر من مدينة جنين، إلى إكسفورد وكامبريدج، وصولاً إلى ما بين المحيط والخليج، وقد أنجب عمالقة في علوم الطبيعة والعلوم التطبيقية، وفي الآداب الانسانية، وعمالقة في الشعر العربي المعاصر الذين أوصلوا الآداب العربية الى مراتب العالمية، وقد خرج رمزهم الكبير محمود درويش من قلب المعاناة من أرض تحت الاحتلال ومن بقايا شعب بقي لاجئاً فوق أرضه عام 1948.
بقلم/ علي بدوان