قبل قليل فشلت الولايات المتحدة بتمرير قرارها الداعي لإدانة حركة حماس بإنها حركة تطلق الصواريخ على ما اسماها " اسرائيل " وتستخدم السلاح والأجهزة الحارقة ضد المدنيين، ولم يحصل هذا القرار الذي وجه الاتهام أيضا لحركة الجهاد الإسلامي على أغلبية الثلثين كما طالب بذلك المندوب الكويتي، حيث رأت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية هيلي نيكي بأنه يمكن اعتماد القرار بالأغلبية البسيطة إلا إن ذلك لم يتحقق لها، حيث فشل تمرير القرار بحصوله على موافقة 87 عضوا ومعارضة 57 عضوا وامتناع 33 عضوا عن التصويت دون أن بحصل على ثلثي الأصوات، وقد أدان مشر وع الولايات المتحدة الأمريكية الأطراف المسلحة الفلسطينية كونها تمارس أعمالا تحرض على العنف بما فيها حركتي حماس والجهاد.
لقد فشل المشروع الأمريكي بإدانة أعمال المقاومة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني الذي يمارس عدوانه اليومي ضد أبناء شعبنا في قطاع غزة مستخدما كل أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة والبرية والجوية والبحرية ، ولقد جاء هذا الفشل نتيجة الموقف الوطني الفلسطيني الذي اتخذته القيادة الفلسطينية، انطلاقا من إن المشروع الأمريكي يستهدف المشروع الوطني الفلسطيني بكليته من خلال استهداف فصيل بحد ذاته، ولقد أدركت القيادة الفلسطينية أهمية اتخاذ موقف قوي وصلب ضد إدانة حركة حماس وضد اتهامها بأنها حركة ارهابية، فقد أعلنت القيادة الفلسطينية وبعيدا عن الوضع الفلسطيني القائم بإن حركة حماس حركة فلسطينية تمارس المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية، وإن حركة حماس جزء من النسيج الفلسطيني، و إن المقاومة الفلسطينية حق مشروع لكل الشعب الفلسطيني المحتلة أرضه من العدو الصهيوني، لذلك أجرت القيادة الفلسطينية اتصالاتها الدولية حاشدة موقفا دوليا ضد المشروع الأمريكي، وقد ساهمت المجموعة العربية في ذلك التحشيد وخاصة المندوب الكويتي في الأمم المتحدة، وذلك انطلاقاً من إدراك خطورة مشروع القرار الأمريكي وما له من انعكاسات خطيرة على الوضع في المنطقة.
ولقد جاء موقف القيادة الفلسطينية وفي مقدمتها الرئيس الفلسطيني أبو مازن انطلاقا من مسؤوليتها تجاه شعبها حركات ومنظمات وأفراد وحرصا منها على وحدة شعبها في مواجهة أي عدوان سواء كان عدوانا عسكريا أو سياسيا، فإن القيادة الفلسطينية لا تسمح ولن تسمح للعدو الأمريكي الصهيوني الاستفراد بأي جهة فلسطينية بغض النظر عن موقفها من القيادة الفلسطينية، لأن هذا أمر منوط بها على المستوى الوطني والقومي والاقليمي والدولي ، فسياسة التفرد التي يمارسها العدو الأمريكي الصهيوني ضد شعبنا لا يمكن أن تواجه من قبل القيادة الفلسطينية إلا بالموقف الحازم القوي، لأن العدوان على جزء من شعبنا هو عدوان على كل الشعب الفلسطيني.
إن موقف القيادة الفلسطينية وموقف حركة " فتح " هذا ليس بحاجة إلى شكر من حركة حماس، وإنما بحاجة إلى موقف جريء من حركة حماس التي عليها أن تراجع موقفها من المشروع الوطني الفلسطيني الذي هو بحاجة إلى تعزيز من قبل كل قوى شعبنا من خلال وحدة الموقف الفلسطيني الذي يرتكز على وحدة الشارع الفلسطيني، والذي يتطلب بالتالي عودة حركة حماس عن انقلابها العسكري وإعادة غزة سياسيا وإداريا إلى حضن الوطن في ظل حكومة الوفاق الوطني، والعمل مع الجميع لإعادة بناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية بما يخدم المشروع الوطني الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس ، فلا دولة في غزة ولا دولة فلسطينية بدون غزة..
2018/12/6. صلاح صبحية