في ذكرى إغتيال البراءة.. أطفال بعلوشة

بقلم: أشرف صالح

بسم الله الرحمن الرحيم "وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ , بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ" صدق الله العظيم .

كانوا العرب في الجاهلية يدفنون بناتهم وهن أحياء دون شفقة ولا رحمة , خوفا من عار السبي , وأيضا خوفا من الأعباء الإجتماعية والإقتصادية المترتبة على وجود البنت على قيد الحياة , وهذه الآيات الكريمة من سورة التكوير تفسيرها واضح وصريح , وهي أن الله يوم القيامة سيسأل البنات بأي ذنب دفن في التراب وهن أحياء , للتأكيد على بشاعة هذه الجريمة وحتى يتم القصاص من القاتل , وكذلك سيسأل الله يوم القيامة ثلاث أطفال تم قتلهم بدم بارد قبل إثنا عشر عاما دون أي ذنب أو وجه حق , أسامة وأحمد وسلام , وهم أبناء المواطن الفلسطيني المسلم بهاء بعلوشة , قبل أن يكونوا أبناء اللواء في جهاز المخابرات الفلسطينية والقيادي في حركة فتح بهاء بعلوشة , فلوا إعتبرنا أن القاتل تعامل مع بهاء بعلوشة من باب مسماه الوظيفي ومكانته السياسية , وقرر أن يصفي خلافاته السياسية معه , فما الداعي لقتل ثلاث أطفال أبرياء لا حول لهم ولا قوة , وأيضا قتل شاب في بداية حياته وهو محمود الهبيل , السائق الذي كانت مهمته أن يوصل الأطفال للمدرسة والأب لمكان عمله ومن ثم يعود الى أهله سالما , أهي تصفيات حسابات سياسية أم قتل أبرياء .

في ذكرى قتل أطفال بعلوشة لا أستطيع أن أسرد في هذا المقال ملابسات الجريمة وظروفها والتداعيات المترتبة عليها , لأن الإعلام حينها كان كفيل بذلك , ولو بحثنا في وسائل الإعلام عن هذه الجريمة لوجدنا أرشيفا كافيا لمعرفة كل ما يتعلق بهذه الجريمة , وللأسف إن هذه الجريمة أصبحت فعل ماضي في نظر المجتمع , وفي نظر القانون سقطت بالتقادم , ولا زال القاتل خارج قبضة القانون .

أنا ليس ولي لدم هؤلاء الأطفال , ولا قاضيا كي أبحث عن هذه الجريمة من جديد ومن ثم أطالب بالقصاص , فهذا من حق الأب والأم والأقارب , ولكنني أعتبر نفسي ضحية هذه الجريمة كوني فلسطينيا أقدم نفسي للعالم بصورة مشرفة , فالجريمة التي حدثت قتلت كل فلسطيني أمام العالم , فهي عبرت عن ثقافة الإنتقام ونقلت الصورة للخارج بأننا قتلت أطفال , وكما نقول عن شارون ونتنياهو وباراك بأنهم قتلوا أطفالنا , سيقولون الشعوب عنا بنفس الكلمات .

في كل عام تتجدد الأحزان في قلب الأب والأم , ولكن الله ورسوله وعدوا هؤلاء الصابرين بإقامة ميزان الحق والعدالة يوم القيامة , بالإضافة الى شفاعة أبناءهم لهم كما سيشفع رسولنا الكريم لأمته يوم القيامة , ويجب على الأب والأم أن يعلموا جيدا أن قصاص الدنيا يخفف من عذاب الآخرة عن القاتل , كما ورد في الحديث الصحيح , عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ، وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : ( بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلَا تَعْصُوا فِي مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ . وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَهُوَ إِلَى اللَّهِ ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ ) فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك " ., صدق رسول الله , وبناء على هذا الحديث الصحيح فإن من حسن حظ أهل الأطفال , ومن سوء حظ القاتل أنه لا زال فار من العدالة والقصاص .

وفي نهاية المقال وخلاصة الحديث اقدم لكم كلمات معطرة من كتاب الله .

بسم الله الرحمن الحيم "ربنا إنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد"  صدق الله العظيم .

بقلم/ أشرف صالح