بين الخطاب المبتور والرصاصات ذات الجذور

بقلم: جبريل عودة

رصاص المقاومة أبلغ في سرد الحقيقة الفلسطينية , وأمام بلاغة وبيان الرصاص الفلسطيني الثائر, تصمت كل الخطابات وتخرس كل المؤتمرات, فالقانون الأبدي لأحرار البشرية قاطبة , ينص على أن مخاطبة الإحتلال , لن تكون مجدية إن لم تمر عبر فوهة البنادق , التي تتقن الدفاع عن الأرض والشعب , لم يُكتب في التاريخ أن إحتلالاً ما , قد أنهى إحتلاله وعدوانه بلقاء عشاء أو مؤتمر سلام , والشعوب الواقعة تحت الإحتلال لا ترضى بزعامة متراخية متساهلة متقاعسة عن ردع العدوان ومقارعة الإحتلال , وهل يكون هناك مشروعاً وطنياً خالصاً وينال رضى المحتل وموافقته ؟!, يسقط كل إدعاء بزعامة للقضية أو حماية لمشروع الوطن , إذا صافحت اليد مدعية التمثيل للشعب , بيد القاتل المحتل المغتصب , وبهذا السلوك تراه مغرداً خارج أسراب الجماهير الثائرة , ويحوم في فضاءات المجهول , ويدور حول السراب السياسي في صحراء التيه الصهيوأمريكي , ويدعي زوراً إنتمائه لأسراب الثورة التي لا تنقطع عن معينها الصافي من بندقية الشيخ القسام إلى بندقية أشرف نعالوه , ذرية الأحرار بعضها من بعض على الأرض المباركة .
وقف خطيباً في رام الله ,وأعلن بصراحة بأنه لا ينتمي لجموع المؤمنين بالسلاح أو الصواريخ أو الطائرات , رئيس السلطة محمود عباس خلال جلسة المجلس الإستشاري لحركة فتح, إنخلع علناً وتخلى أمام كاميرات البث المباشر , عن تاريخ طويل من التضحيات والمقاومة , قادته حركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية , ماذا يريد السيد عباس بهذا القول الصريح ؟, هل يوجه رسالة للإدارة الأمريكية ؟ وقد أعلن في خطابه عن صحبة بينه وبين ترامب , وأي صحبة تلك التي تتشكل سريعاً في لقاء عابر؟!, يريد السيد عباس أن يجدد الصحبة بالتخلي عن أي مسؤولية في الهزيمة المدوية لأمريكا ومشروع قرارها في الجمعية العمومية , والذي حاول إدانة المقاومة الفلسطينية, أما هي رسائل السيد عباس لرئيس حكومة الإحتلال ؟ بأن السلطة ضد المقاومة المسلحة ولا تؤمن بها مطلقا , وما حدث في الأمم المتحدة خارج قناعاتها , لذا حاول السيد عباس التذكير بإتصاله بالمجرم نتانياهو , مقدما التعازي بقتلى عملية بوابة المسجد الأقصى فور وقوعها , والتي نفذها الشهداء ( المحمديون) من أبناء عائلة جبارين .
بعد هذا الخطاب الفاقد لأي رؤية سياسية تحوز الإجماع الوطني , خطاب يفتقر لأبجديات الزعامة التي تخوله قيادة شعب يسعى نحو حريته , بعد ساعة تقريبا من خطاب المقاطعة , كانت الكلمة الفصل لرصاصات إنطلقت من بنادق ثائرة على واقع الهزيمة وثقافة الخنوع , رصاصات تنال الإجماع والقبول من الكل الفلسطيني , وتحوز الترحيب والفرح من القلوب المكلومة والنفوس الموجوعة , وهي ترى إطباق المحتل على ضفة الأحرار بدورياته وإقتحاماته وحواجزه وقد زادت عربدة مستوطنيه الأوباش بلا رادع , وتواترت جولات التدنيس للأقصى المبارك , فليس من سبيل إلا أن تنهض السيوف من غمدها , ويزغرد الرصاص معلنا السيادة الفلسطينية على هذه الأرض فالقوة هي سياج الحق , العملية الفدائية قرب مستوطنة " عوفرا " المقامة على أراضي بلدتي سلود وعين يبرود شمال شرق رام الله , والتي أسفرت عن إصابات محققة في صفوف المستوطنين , تأتي ممارسةً للحق الفلسطيني وتأكيداً على تمسك شعبنا بهذا الخيار في مواجهة الإحتلال وإقتلاع الإستيطان , ورفضاً لكل الأصوات التي تحاول نزع الغطاء عن شرعية المقاومة وسلاحها , أو تسعى لشيطنة عملياتها الفدائية ووصفها بـ"الإرهابية" , بين الخطاب المبتور والرصاصات ذات الجذور , تتصدر زعامة المقاومة للمشهد الوطني الفلسطيني , فلا قضية بدون مقاومة ولا حقوق تعود بدون مقاومة , ولا تحرير يُنجز بدون مقاومة ولا حرية وإستقلال بدون مقاومة .

بقلم : جبريل عوده*
كاتب وباحث فلسطيني
10-12-2018م