انهيار المجتمع

بقلم: صلاح صبحية

إن أحد أسباب انهيار المجتمع وعدم تماسكه هو انعدام الثقة بين أفراده، وذلك لفقدانهم الاحترام المتبادل بينهم، ويعزز ذلك الصراع القائم داخل المجتمع بين المصالح الخاصة لكل من أفراده من جهة وبين المصلحة العامة من جهة الثانية، كما يعزز ذلك بالصراع بين أصحاب المصالح الخاصة وفيما بينهم ، ولأن كفة المصالح الخاصة ترجح في كثير من الأحيان على كفة المصلحة العامة مما يجعل الاحترام المتبادل يتراجع إلى الظل أو يختفي في ظل عتمة مزيفة تجعل الأفراد يغضون الطرف عنه.
وبينما تسعى المصلحة العامة لحفظ مصالح الأفراد من خلالها، نرى أن المصالح الخاصة تتصارع مع المصلحة العامة بقدر ما يتصارع أصحاب المصالح الخاصة مع بعضهم، وفي حين تستخدم المصلحة العامة أدوات ايجابية في تحقيق ذاتها وبناء مجتمعها وخدمة أفراده، نجد المصالح الخاصة تستخدم أدوات سلبية للحصول على مكاسبها وامتيازاتها وأن أدى ذلك إلى انهيار المجتمع.
وهذا لا يعني نفي وجود المصالح الخاصة ضمن المجتمع والقضاء عليها، بل إن الحرص على المصالح الخاصة بما يخدم المصلحة العامة للمجتمع يعزز أهمية المصالح الخاصة التي تدفع بامكاناتها لتعزيز وحدة المجتمع على أساس الاحترام المتبادل بين أفراده.
كما أن انهيار المجتمع يتم أيضا لعدم قدرة ذوي المسؤوليات لاتخاذ القرار الايجابي في أماكن مسؤولياتهم، وبسبب عدم لجوئهم للاستعانة بذوي الخبرة في مجال مسؤولياتهم، وذلك ظنا منهم أنهم يملكون القدرة على التفكير السليم والفعل الإيجابي، متناسين أن تطور المجتمع وامتلاكه للعديد من الأدوات المساعدة على التفكير لا يمكن تجاهلها من أجل عمل أفضل ونتائج أفضل.
فالاعتماد على الذات وعدم الاستعانة بالخبرات مع سوء تقدير الامكانات الموجودة يؤدي حتما إلى نتائج سلبية سيئة في أي قرار يتخذ بشكل إفرادي، أو نتيجة قرار يتخذ بعد إعلام المحيطين بصاحب القرار ليس بغاية المشورة وإنما بهدف الموافقة والتصفيق له، لأنه يرى في نفسه الأقدر على اتخاذ القرار الأمثل ويرى في الآخرين مجرد خطوط وألوان في الصورة التي يرسمها لنفسه، وهذا نتيجة فقدانه لاحترام الآخرين وتقديره لهم، لأنه يرى أن مصلحته الخاصة وتحقيق ذاته أهم من كل ما يحيط به امكانات بشرية ومادية.
إن النجاح في تطوير المجتمع ونهوضه والدفع به نحو الأفضل يتطلب من أفراده تعزيز الاحترام المتبادل بينهم وتقدير بعضهم بعضا، وإلا فإن المجتمع سيجد نفسه محاصرا من الداخل بأشخاص فاسدين وبأدوات فاسدة.
2018/12/11. صلاح صبحية