المستوطنون الصهاينة الذين استوطنوا أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 1967، والذين هم شكل من أشكال احتلال الغزاة الصهاينة لبلادنا منذ مطلع القرن العشرين، هؤلاء الغزاة الصهاينة الذي جاؤوا بلادنا محتلين لها انطلاقا من إنها وطنهم القومي الموعود، وذلك تحت شعار إن أرض فلسطين هي أرض بلا شعب وإنهم أصحاب الأرض الحقيقيين، وإن فلسطين هي أرض الميعاد التي وعدهم بها الرب الذي به يؤمنون، وقد استطاعوا بعد مضي نحو نصف قرن على غزوهم لبلادنا أن يعلنوا قيام كيانهم الاستعماري على أرضنا الفلسطينية مساء الرابع عشر من آيار 1948، وذلك بتأييد من عصبة الأمم عبر قرار الانتداب الذي منحهم حق الوجود على أرض فلسطين، وبدعم مطلق الصلاحية من هيئة الأمم المتحدة عبر قرار التقسيم الذي رسم لهم حدود دولتهم اليهودية، كما أن سرعة الاعتراف السياسي من عديد دول العالم منحتهم الحرية في ارتكاب المجازر بحق أبناء الشعب الفلسطيني، كما استباحوا نحو 530 قرية فلسطينية فدمروها تدميرا شاملا بعد أن قتلوا أهلها ودمروا بيوتها، وهذا ما أكد بأن القتل والتدمير هو منهجهم اليومي الذي يمارسونه ضد الشعب الفلسطيني خاصة وضد الشعب العربي عامة في الأقطار العربية المحيطة في فلسطين وذلك من خلال الحروب التي شنوها ضد العرب بدعم الدول الاستعمارية والأمبريالية المعادية للأمة العربية.
لذلك ليس غريبا أن الفلسطيني الجيد بالنسبة لهم هو الفلسطيني الميت، ولإيجاد الفلسطيني الجيد بشكل دائم راحوا يمارسون القتل اليومي لأبناء الشعب الفلسطيني الذي زادت وتيرته بعد تنصلهم من اتفاق أوسلو وعدم قبولهم بوجود دولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 1967، فعملوا على التخلص من الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات الذي دعاهم في تموز عام 2000 للسير في جنازته بعد أن رفض مطالبهم بالتخلي عن القدس، فحاصروه في المقاطعة حصارا اشترك فيه العرب والأمريكان الذين خططوا لقتله بالسم وكان لهم ما أرادوا في يوم 2004/11/11.
واليوم يطلق المستوطنون الصهاينة تهديداتهم بقتل الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يصفونه بالقاتل لأنه في نظرهم يمول عمليات المقاومة المسلحة ضد وجودهم في أراضي الدولة الفلسطينية، ويتم ذلك التهديد رغم موقف الرئيس الفلسطيني محمود عباس من أن تحقيق السلام في المنطقة لا يمكن أن يتم باستخدام السلاح وبالعمليات المسلحة، والذي انتهج منهج المقاومة الشعبية السلمية في مقاومة الاحتلال الصهيوني لأرض الدولة الفلسطينية، ورغم المنهج السلمي للرئيس الفلسطيني أبو مازن فقد جاء تهديده اليوم بالقتل والتخلص منه على قاعدة أن الرئيس الفلسطيني الجيد هو الرئيس الذي يقبل بشروطهم ويحقق لهم مطالبهم في إنجاز سلامهم المزعوم، هذا السلام الذي يحرم الشعب الفلسطيني من إقامة دولته على أرضه المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولأن الرئيس الفلسطيني الجيد في نظر الشعب الفلسطيني هو الرئيس الذي يتمسك بثوابتهم ويحافظ على حقوقهم ويرفض بذلك صفقة القرن التي يلوح بها الرئيس الأمريكي، فإن هذا الموقف للرئيس الفلسطيني يجعله رئيسا فلسطينيا سيئا بالنسبة للعدو الأمريكي الصهيوني، ولكي يصبح رئيسا فلسطينيا جيدا بنظرهم فيجب قتله والتخلص منه.
إن هذا التهديد للرئيس الفلسطيني هو بمثابة تهديد لكل الشعب الفلسطيني الرافض للاحتلال ولكل ممارساته اليومية من اجتياح وقتل وتدمير في كل أنحاء أرضنا الفلسطينية المحتلة، وهذا يستدعي موقفا فلسطينيا جادا بعيدا عن التصريحات اللفظية بالشجب والإدانة والاستنكار والشكوى إلى المجتمع الدولي، فمثلما تمكنوا من الشهيد ياسر عرفات وهو محاصر في المقاطعة، فليس صعبا عليهم التمكن من الرئيس أبو مازن والمقاطعة ورام الله مفتوحة للجميع ، فلذلك فالمطلوب اليوم ليس تشكيل خلية أزمة بل تشكيل هيئة أركان مهمتها إفشال أهداف عمليات الاقتحام التي تمارسها قوات الاحتلال يوميا إلى كافة المدن والبلدات والقرى الفلسطينية والتي تستهدف أبناء شعبنا بما فيهم الأخ الرئيس، وذلك بالجهوزية الكاملة لقوات الأمن الفلسطينية بمنع عربدة قوات الاحتلال داخل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية وحماية أبناء شعبنا من بطش الاحتلال بهم.
فالعدو الأمريكي الصهيوني يسعى اليوم لإيجاد بديل للرئيس الفلسطيني مهمته القبول بكل مفردات صفقة القرن ، وأن يكون الرئيس البديل جاهزا للجلوس في مقعد فلسطين في مؤتمر الإعلان عن صفقة القرن والتي لا بد من قبولها فلسطينيا حتى يمكن تمريرها وتطبيقها على الأرض وإن كانت صفقة القرن تنفذ بشكل عملي على الأرض دون الإعلان عن بنودها وخطواتها وأهدافها.
بقلم/ صلاح صبحية