الاستيطان يخدم وجود (إسرائيل)

بقلم: غسان مصطفى الشامي

يرتبط الاستيطان الصهيوني على أرض فلسطين الذي بدأ أواخر القرن التاسع عشر، ببدء تطلع اليهود لأرض فلسطين والأطماع، وقد ساعد الأوروبيون اليهود كثيرا ودفعهم للهجرة إلى أرض فلسطين وإقامة المستوطنات فيها، وذلك للتخلص من مشاكلهم ومن التخريب والتدمير اليهودي في أوروبا؛ وقد عمل اليهود في أواخر القرن التاسع عشر بعد المؤتمر الصهيوني في بازل عام 1897م على تأسيس عدد من الجمعيات اليهودية تعمل على تنظيم الهجرات اليهودية إلى أرض فلسطين وبناء المستوطنات فيها، وفيما بعد ساهم اليهود في أن تكون أرض فلسطين من نصيب بريطانيا زمن (الاستعمار) الغربي للمنطقة العربية؛ وكان لبريطانيا دور خبيث في مساعدة اليهود وتقديم كافة الخدمات لهم لاحتلال أرض فلسطين، ومنح البريطانيين اليهود وعد بلفور عام 1917م يقر بأن تكون فلسطين الوطن القومي لليهود، والتزم البريطانيين بما ورد في الوعد إلى أن ثبت اليهود كيانه بل ساعد البريطانيين الصهاينة في التهيئة والتجهيز لنكبة عام 1948م من خلال تدريب العصابات اليهود على القتل والتدمير ودمجهم مع الجيش البريطاني، لتنفيذ مهمات حرب عام 1948م بقتل الشعب الفلسطيني وتشريده واستكمال سرقة أرض فلسطين .

حديثا نشر الكاتب الصهيوني في صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية (نداف شرغاي) مقالا يحمل أهمية كبيرة يعبر عن الفكر الصهيوني في بناء الكتل الاستيطانية ومواصلة سرقة الأرض الفلسطيني، أكد فيه على أن بناء المستوطنات في الضفة والقدس يحمي وجود اليهود في فلسطين، مشددا على أن الاستيطان ساهم في توفير الأمم لليهود ويصمم حدود (إسرائيل) موضحا أن خريطة الاستيطان لحزب العمل الصهيوني في عهد حكومة ( إسحاق رابين) الأولى كانت عبارة عن عشرات المستوطنات اليهودية، التي بنيت في عهد حكومات الليكود، حيث أقيمت في نقاط حيوية مختلفة وبهدف توسيعها لتصبح مدن إسرائيلية، مشددا على أن ثمن حماية المستوطنات يكلف ( إسرائيل ) كثيرا وأن حمايتها لا تقاس بالمال بقدر ما توفره من حماية لليهود؛ قائلا "مئات آلاف المستوطنين في الضفة، ليسوا هم عبء على الجيش، بل لولاهم لاضطر الجيش إلى تفعيل قوات بحجم أكبر وبإضعاف؛ كي يمنع إقامة (حماستان) في مواجهة  (غوش دان ) ونار الصواريخ نحو الخاصرة الضيقة لـ (إسرائيل) مشددا على أن المستوطنات تواجه منذ سنوات الهجمات عليها وتمنع ما سماهم (الإرهابيين) من الوصول إلى المراكز السكانية (الإسرائيلية) في السهل الساحلي.

إن الكيان الصهيوني لم يتخل يوما عن مواصلة بناء المستوطنات ويعمل على تأمين حدود المستوطنات وحمايتها وتسليح المستوطنين؛ لذا فإن المستوطنات تمثل العقبة الكبيرة أما فريق أوسلو التفاوضي والذي لم يأخذ شيئا من المفاوضات ولم يحقق أي انجاز على صعيد وقف المستوطنات وتفكيكها أو الحصول على دولة كما يحلم بها فريق ( أوسلو) .

لا يقبل الصهاينة في العمل السياسي التفاوض على المستوطنات، ويعتبرونه من الأمور غير قابلة النقاش، حيث لم يتوقف الصهاينة عن البناء الاستيطاني لأي سبب؛ بل إن ازداد بناء المستوطنات منذ تولي الرئيس الأمريكي ( ترامب ) سدة الحكم في تشيرين ثاني/ نوفمبر عام 2016م أعطى الضوء الأخضر لحكومة (نتنياهو) ببناء المستوطنات دون توقف، حيث أعلنت الحكومة الصهيونية عن الموافقة على بناء(4.476 ) وحدة استيطانية، وبحسب التقارير الحقوقية فإنه في الأشهر ألـــ 21 التي تلت ذلك، تضاعف هذا الرقم أكثر من ثلاثة أضعاف ليصل إلى (13987) وحدة استيطانية، أما العام الماضي فقد شهد تزايد كبيرة في بناء الوحدات الاستيطانية لتوسعة مستوطنات القدس منها مستوطنة (بسغات زئيف) شرق القدس ، حيث يتم توسعة المستوطنة بتمويل ودعم أمريكي مستمر، بل إن حكومة ( نتنياهو) وحسب وزراء في الحكومة اعتمدت مخططات استيطانية تفوق عدد المستوطنات التي تم اعتمادها منذ عام 1992م .

وحسب تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فقد تم رصد خطط لبناء مستوطنات جديدة في الضفة خاصة الخليل حيث يعمل الكيان على بناء مستوطنة تضم( 31 ) وحدة استيطانية وسط مدينة الخليل وهو شيء لم يكن واردا منذ الثمانينيات، وحسب مكتب (أوتشا) فإن الموضوع يتعلق ليس فقط بالكم من الوحدات الاستيطانية بل بالنوع والمكان الذي يتم الاستيطان فيه.

إذا مواصلة الحكومة الصهيونية المخططات والمشاريع الاستيطانية يؤكد على النهج الصهيوني الإجرامي في القتل والتدمير ومواصلة سرقة أرضنا الفلسطيني ويؤكد النوايا ( الإسرائيلي ) في فصل الضفة الغربية وتحويلها إلى ( كانتونات ) وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية.

إلى الملتقى ،،

قلم/ غسان الشامي