منذ اكثر من عام ومن جملة القرارات التي هدد بها الرئيس حماس وغزة "حل المجلس التشريعي "بذريعة انه لم يقوم بمهامه والرئيس وبعد13 عام من الانقسام تنبه بان التشريعي لم يقم بمهامه ، وهنا يسخر البعض بانه كان في حالة غيبوبة واستيقظ فجأة ليعلن عن قرار من المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي ، واتي هذا القرار واعلانه كسبق صحفي بينه وبين الدستورية التي كان من الاولى والواجب ان تعلن هي عن قرارها، وليس على لسان طرف وخصم سياسي ان لم اقل لغزة بل لحماس وفصائل المقاومة الذي اتهمها بتوتير الاجواء ومحاولة زعزعة الامن لسلطته من خلال العمليات الاخيرة في الضفة , بل ذهب بعيدا حين اشار ولمز وغمز بان نتنياهو من سهل الاموال لحماس لتقوم بتلك الاعمال الارهابية في الضفة ، ولكن ليس ببعيد وصوت المجنزرات الاسرائيلية تطوف وتحوم وتجلجل حول مسكنه في رام الله فلم يتهمها بزعزعة الاستقرار بل قيل ان هناك تفاهما فيما بعد مع الحكومة الاسرائيلية بان يبتعد جيش الاحتلال عن منزله ليتبقى له صنف من الهيبة امام بقايا سلطته .
تناول الكثيرون في تفسيرات قرار ما يسمى المحكمة الدستورية وشرعية وجودها في ظل الانقسام وعدم التوافق الوطني على كيفية تشكيلها . فمنهم من فسر بنود النظام الاساسي لصالحه ومنهم من فسره ضد مصالحة وهناك متفقون وهناك مختلفون ، ولكنى ارى ان القضية تخرج عن ذلك توقيتا وزمنا وتوجها ، فيبدو ان الرئيس يكرس كل ما في باطنيته ليلا ليصدر تعليماته نهارا , فقضية وقرار تشكيل الدستوريه هو مثله كمثل قرارات اخرى تخصه هو شخصيا مثل الالتحاق بالانتربول ليس لمعاقبة الاحتلال لقيامه بجرائم حرب بل كما قال في اكثر من مره وفي خطابه الاخير لملاحقة الفاسدين ..!! اي اعداؤه كما يتخيل ، لا اريد هنا ان اذكر موقفه من محكمة الجنايات الدولية والتزامه للامريكان بعدم تقديم اي جريمة من جرائم الاحتلال لمحكمة الجنايات ا لدولية فهو اذعن لتهديدات امريكا ، وما زلنا نذكر تقرير جولدستون وغيره ، مواقف الرئيس المترددة المتذبذبة التي تحمل من باطنيته ما يكفي ، فما ورد في خطابه امام محفل ما يسمى القيادة من عدم اذعان لامريكا ومنذ ايام ، كان ابجدياته على نقيض مع ما قاله ليرسل رسائل الاذعان والرأفة والخنوع لترامب وامريكا وبحضوره احتفالية رأس السنة في احد الكنائس في بيت لحم .
طبعا وجد من قياداته من يغني لقرار المحكمة الدستورية كما هو الحال في كل وقت ومرحلة منذ استلامه رئاسة السلطة فرئيس المجلس الوطنى كعادته مُخرج الرئيس من ازماته وازمات النظام الاساسي لفتح ومنظمة الحرير والسلطة في كل المؤتمرات الحركية والوطني, والتشريعي يقوم بدوره الان بوجوب تنفيذ قرارالدستورية وكذلك صائب عريقات ويتفقان بانه "" يُمهد" للانتقال لمؤسسات الدوله..! شيء من الاستهبال او التزييف ويبتعد عن الموضوعية في الطرح وفي النوايا ، فهل يمكن ان يتم الانتقال في ظل الانقسام ..؟ وهل يمكن ان يتم الانتقال في ظل غياب القدس وغزة ..؟! ام يقصد في تنفيذ القرار هو عملية تسوية المناخات والارضيات لمقولة نتنياهو "" اقل من دولة واكثر من حكم ذاتي " ربما عبر نتنياهو عن صفقة القرن والغاية منها ، ولكن لنا ان نتسال فيما يسمى المجلس الوطني الاخير اقر المجلس الوطني بمسؤليات المجلس المركزي عن النظام السياسي واتخذ عدة قرارات حُولت للجان تائهه بين الحكومة والمركزي وعباس ،ومع توارد الانباء بأن هناك رسائل من السلطة لاسرائيل تتحدث عن التزام السلطة بالتنسيق الامني ، اما رسالة الرغبة في تعديل اتفاقية باريس المرسلة للحكومة الاسرائيلية عبر المنسق العسكري للاحتلال والتي اجابت عليها الحكومة الاسرائيلية بانها محل دراسة ، فهل من ايديولوجية للسلطة للانفكاك من اتفاقية باريس او اتفاقية اوسلو التي داسها الاحتلال تحت قدمية تستوجب الاستشارة " اي الطرف الاسرائيلي " اعتقد قد اجاب كحالون على طلب السلطة ببرنامج سيرفعه للدول المشاركة في مؤتمر دافوس الاقتصادي, وهو برنامج التعاون الاقتصادي والمشاريع المشتركة بين السلطة واسرائيل حتى في مناطق AوB، اي التنفيذ العملي لصفقة القرن وروابط المدن الامنية الادارية الاقتصادية . ولذلك لماذا لم ياتي قرار حل التشريعي عن طريق المجلس المركزي كمؤسسة وطنية مسؤلة ..؟ ولماذا لم يوجه قرار الدستورية للمجلس المركزي ..؟؟!.
ولذلك قرار الدستورية " قرار عباس " هو تلبية لاغراضه الشخصية التي يلبسها بثوب سياسي ، وما زال الكثيرون لا يتنبهوا لباطنية عباس ..!
ولذلك وبرغم دعوة انصار عباس بوجوب تنفيذ قرار الدستورية الا انني ارى معوقات قد تخرج عن قدرات ورغبات عباس. فمصر قد ترى من ذلك القرار ما يمس هيبتها وقدرتها ووجودها وتمثيلها في الصراع وهو رئيسي وقد ترى ايضا مساسا بامنها القومي ، كما ان الاردن قد يرى ان هذا القرار اتى من جانب واحد والتشريعي والسلطة بحد ذاتها, السلطة طرف يها فقط فهناك الدول المانحة ودول الاقليم ومن وقعت على اتفاق اوسلو ومن دعمت انشاء المجلس التشريعي ، وارى ان هناك من فى المجلس المركزي قد يعترض على تجاوزه وتجاوز مهامه المكلف بها ومن هنا يفتح الباب بتداعيات هذا القرار :
1- تدمير مؤسسات منظمة التحرير
2- تحديد الخيارات والممرات الاجبارية لحماس وكتلة فتح البرلمانية لاتخاذ عدة قرارات هددت بها سابقا بنزع الشرعية عن محمود عباس في حين ان قرار التشريعي يجب ان يدعم بقرار من الدستورية
3- احباط الدور المصري واضعافه واحراجه
4- دفع حماس وقوى اخرى الى التفكير ببلورة اطار موازي للسلطة
5- اعادة محاولات حماس للخروج من مازق ادارة غزة الى تشكيل نواة وطنية لادارتها بدعم اقليمي
6- يعني ذلك تمهيد وتسوية الطريق امام توجهات صفقة القرن
7- الانتخابات في نطاق 6 شهور هي مناورة فقط ولن تحدث بل مبررا لحل التشريعي .
ولذلك من المهم ان لاتتجه الاطراف الاخرى حماس والتيار الاصلاحي والقوى الاخرى لردات فعل تحسب عليها بل استخدام القوى الناعمة في معالجة الازمة وهي ذات حساسية ودقيقة ، وافساح المجال للقوى الاقليمية واخص هنا مصر والاردن لان تحمي مصالحها الوطنية والقومية وخاصة ان قرار عباس والدستورية يخرج عن الرؤية المصرية التي تتحدث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية اولا, ثم اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وبوعاء زمني محدد، وهذا ما يحاول الرئيس الهروب منه والهروب من مازق بند في النظام الاساسي في حالة غياب الرئيس من يتولى قيادة السلطة ، والذي تم بناء عليه تشكيل المحكمة الدستورية ويلبي رغبات اطراف متصارعة في حركة فتح.
بقلم/ سميح خلف