من المقرر أن تبدأ اليوم، مراحل الإعداد للانتخابات الإسرائيلية المبكرة للكنيست، حيث سيعرض مشروع حل الكنيست الحالية وإجراء الانتخابات العامة مطلع نيسان القادم على الكنيست للتصويت في قراءات ثلاث خلال جلسة خاصة، ونقول مرحلة لأنه وفقاً للتقاليد البرلمانية في إسرائيل، على مختلف الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية أن تجري انتخابات داخلية لاختيار مرشحيها إلى الكنيست، وفضلاً عن أن هذه الفترة قد تشهد، كما التجارب السابقة، ولادة أحزاب جديدة، وانضمام أحزاب إلى أخرى، وعلى هؤلاء التقدم إلى لجنة الانتخابات بتشكيلاتها قبل 45 يوماً من موعد الانتخابات، كي يتم تسجيلها رسمياً، معنى ذلك أن المرحلة القادمة، وحتى موعد الانتخابات البرلمانية، ما هي إلاّ جولات انتخابية حزبية ستسيطر على الحياة السياسية في الدولة العبرية.
وليس من المتوقع أن تشهد نتائج الانتخابات المبكرة أية مفاجآت حقيقية، وفقاً لاستطلاعات الرأي خلال الأشهر الأخيرة، بما فيها تلك التي تم نشر نتائجها فور الإعلان عن إجراء الانتخابات المبكرة، خاصة فيما يتعلق برئاسة بنيامين نتنياهو للحكومة القادمة، الذي سيصبح بذلك أطول فترة يحكم بها إسرائيل منذ قيامها، متجاوزاً بذلك دافيد بن غوريون، الذي كان يحظى بهذا الموقع، وذلك، رغم تورطه في أطول صحيفة تحقيقات فساد، مقارنة مع أي رئيس حكومة آخر في إسرائيل، علماً أنه كان أصغر رئيس حكومة في تاريخ رؤساء حكومات الدولة العبرية، عندما تسلم مقاليدها عام 1996، فضلاً عن هذا السجل، فإن نتنياهو قد يتحول إلى أول رئيس حكومة تتم محاكمته أثناء رئاسته للحكومة، علماً أن رئيس الحكومة الأسبق، ايهود اولمرت، كان قد حوكم بتهمة تلقّيه الرشوة إبان توليه منصب رئيس بلدية القدس المحتلة، وليس لتجاوزات أثناء تقلده منصب رئاسة الحكومة.
وقد يبدو للوهلة الأولى، أن قرار تبكير موعد الانتخابات يعود إلى فشل الائتلاف الحكومي في التوصل إلى توافق حول مشروع قانون التجنيد الخاص بـ»الحريديم»، ذلك أن نتنياهو وفقاً لقراءة لمواقفه إثر استقالة ليبرمان وخروج حزبه من الائتلاف الحكومي، أدرك أن حكومته لن تعمِّر طويلاً، وان عليه أن يختار الوقت المناسب للتوجه لانتخابات مبكرة، متخذاً من مسألة تجنيد «الحريديم» ذريعة لهذا التوجه، ذلك أنه ـ نتنياهو ـ كان على الأغلب يريد عقد هذه الانتخابات في أيار المقبل، إلاّ أن حلول شهر رمضان في هذا الموعد، جعله يختار تاريخاً أقرب، نيسان القادم، ذلك أن الخيار الآخر، هو حزيران، إلاّ أن هذا الموعد ربما كان ملائماً لقيام المستشار القانوني بنشر توصية بمحاكمته، ما يشكل ضياع فرصة إعادة انتخابه.
من الناحية النظرية، فإن توجيه لائحة اتهام ضد نتنياهو لا شأن له بعقد الانتخابات إلاّ أن الامر من الناحية العملية على خلاف ذلك، إذ إن من شأن توجيه لائحة اتهام في ظل العملية الانتخابية أن يفسر تدخلاً ضمنياً في التأثير على اختيارات الناخبين وسيصبح المستوى القضائي في إسرائيل، متهماً بدوره في التدخل بالشأن الانتخابي.
الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، حسب استطلاعات الرأي، ما يسمى باليسار الإسرائيلي، خاصة حزب «الاتحاد الصهيوني» (حزب العمل)، برئاسة آفي غاباي، الذي سيحصل على 14 مقعداً بدلاً من 24 مقعداً في الكنيست المغادرة، لذلك فإن الحزب يسعى إلى ضمّ بني غانتس أو غابي أشكنازي وكلاهما شغلا منصب رئيس الأركان، مع أن الأول ربما يعلن عن تأسيس حزب خاص به، عوضاً عن الانضمام إلى أي حزب آخر.
غانتس واشكنازي تحوم حولهما أحزاب أخرى لكي ينضما، أو واحد منهما إليها، خاصة حزب «يش عتيد» (هناك مستقبل) تحت زعامة يائير لابيد، الذي سيحظى بالمكانة الثانية بعد «الليكود» بالحصول على عشرين مقعداً بدلاً من 11 في الكنيست المغادرة، وبضمّ هذين العسكريين، يتجاوز لبيد العشرين مقعداً مع احتمالات أكبر بتشكيله الحكومة المقبلة.
لا يفوتنا تناول موقع القائمة العربية المشتركة في هذه الانتخابات، ولأهمية هذه المسألة سنحاول إفراد مقالة خاصة بها في المستقبل القريب!
بقلم/ هاني حبيب