رغم تعقيدات المنطقة الا ان الخوض سياسيا وامنيا واقتصاديا في ازمات السودان وتوجهات السلطة فيها يستدعي بحثا معمقا اساسياته موقع السودان كمفتاح لتفكيك بعض الازمات وكذلك فك رموز التوجهات الحزبية الحاكمهة فيه .
السودان الذي عانى من عدة انقلابات الى بتنوع اتجاهاتها الفكرية بين القوميين والاحزاب الاسلامية ولكن غالبيتهم كان من الضباط في الجيش السوداني ولكن تنوعت اتجاهاتهم بين القوميين الوحدويون والشيعيون والاخوان المسلمين ، ولكن استقر الامر على الانقلاب الذي قاده عمر البشير بتوجه من الجبهة القومية الاسلامية برئاسة الشيخ حسن الترابي في 30 يونيو 1989م على حكومة الاحزاب الديموقراطية برئاسة الصادق المهدي وليستمر حكم البشير 29 عاما لغاية عام 2018م وكاطول رئيس في الحكم في منطقة الشرق الاوسط .
لم يستقر الوضع في السودان فلقد واجه نظام الحكم عدة ازمات بحركات انفصالية في جنوب السودان ودارفور وازمات اقتصادية دفعت الى حالة غليان شعبي ومظاهرات في سبتمبر عام 2013م وتعرض لعدة محاولات للاغتيال ابرزها حركة رمضان بقيادة الفريق خالد الزبن نمر واللواء الركن عثمان ادريسوعدة ضباط اخرين عام 1990وتم اعدامهم عندما تمرد البشير على الترابي واعتبره معارضا لنظام حكمه في عام 1999م وحينها اصبح الترابي رئيس المؤتمر الشعبي المعارض.
الحرب الاهلية في الجنوب بين الشمال والجنوب والتي كان احد اطرافها جون قرانق قادت لانفصال الجنوب السوداني في اتفاقية نيفاشا عام 2005م واعطاء حق تقرير المصير للجنوبيين وسميت جمهورية جنوب السودان ، كذلك تعلرضت السودان لقصف اسرائيلي استهدف المنشأت العسكرية وتصنيع الاسلحة ومصنع ادوية في الخرطوم في 2012م وغارات اخرى لاحقة لم تعلن اسرائيل عنها استهدفت مركبات للذخائر متوجهة الى مناطق اخرى في دول الاقليم .
انضم السودان الى عاصفة الحزم التي تقودها السعودية منذ ثلاث سنوات في الحرب اليمنية مما اثر على علاقة السودان بايران التي كانت في نمو مضطرد وساعمت ايران في حل المشاكل العالقة بين السودان وارتريا واوغندا .
تعرض السودان لحصار اقتصادي من قبل امريكا بتهمة رعاية الارهاب حيث وصفها ايضا وزير الحرب الاسرائيلي عاموس جلعاد في 24 اكتوبر 2012بانها دولة ارهابية خطيرة ، واتخذت محكمة الجنايات الدولية قرار بامر القبض على البشير بارتكاب جرائم حرب في دارفور في 4 يونيو عام 2008م.
استمر حكم البشير الى عام 2010 وباجراء انتخابات فاز فيها وصفت بالنزيهة ولكن المعارضة شككت في نزاهتها ، ويعتبر البشير اول رئيس دولة اتهم بدرائم ضد الانسانية في دارفور ويتم ملاحقته دولية ورغم الحكم الذي صدر من محكمة جنوب افريقيا عند زيارته له بالقبض عليه ولكن لم ينفذ القرار وزار عواصم كثيرة في المنطقة واخرها نيته الذهاب الى دمشق ن اتصفت فترات حكم الرئيس البشير بالدكتاورية وقمع الحريات وملاحقة الاحزاب المعارضة واحتجاجات الطلاب والعمال وتعاني السودان من ارتفاع مستوى المعيشة مع التضخم وزيادة الفقر ن علما بان السودات تمتلك اطول شريط على منابع المياه وعدة انهر ووديان والنيل والنيل الازرق وتتميز ارضها بالخصوبة وتتصف السودان اقتصاديا بانه اذا ما استثمرت ستعطي اكتفاء ذاتي غذائي للوطن العربي، وكانت هناك عدة مشاريع تنموية اعتمدتها جامعة الدول العربية وخاصة المحادثات الثنائية بين مصر في السبعينات بنقل عشرات الالاف من الفلاحين والعمال المصريين للتوسع في الزراعة والثروة الحيوانية الا ان المشروع توقف لاسباب سياسية صعب التحدث فيها ، ولكن ما زالت الحدود بين السودان ومصر تشهد توترات حول النزاع على حلايب والشلاتين حيث تدعي السلطات السودانية بانها ارض خاضعة لها وهي الان تحت تصرف وملكية السلطات المصرية .
منذ اسبوعين تشهد السودان شعبيا حركة تمرد على غلاء الاسعار وارتفعت مطالب المحتجين الى دعوة البشير الى الاستقالة والتنحي عن الحكم علما بان البشير ولوعد الذي قطعه على نفسه في اخر انتخابات بانه لن يرشح نفسه مرة اخرى قد لاقى موقفا مغايرا الان منه حيث ينوي الترشح لاستمراريته في حكم البلاد ، قوبلت الاحتجاجات لحتى الان بالقمع حيث قتل ما يقل 78 سودانيا واعتقل الالاف كما ذكرت وسائط اخبارية واعتقل زعماء حزب التجمع والاجماع الوطني الذي يقوده اليساريين في السودان .
السودان يعتبر قاعدة ونظام حكم يقوده الاسلام السياسي حيث طرأت استحداثات في العلاقات مع تركيا ومنحها قاعدة على ساحل البحر الاحمر مما يهدد الامن القومي والاقليمي لمصر والسعودية وتهديدا لمضيق باب المندب وجعل البحر الاحمر محل صراع اقليمي ، كما ان للسودان علاقات وثيقة مع حركة المقاومة الاسلامية حماس حيث تزودها بالاسلحة والتدريب والدعم اللوجستي وتعتبر خط امداد عبر دروب عابرة عبر الصحاري والجبال .
ولكن هل هو ربيع سوداني ، وهل فعلا المحرك هو الازمات الاقتصادية او كما يصفه البعض بحكم الدكتاتورية والاستبداد او هي ذريعة تغذيها جهات اجنبية كما وصفها الرئيس السوداني البشير وكما تم التذرع بها عند البدء في تدمير ليبيا وسوريا واليمن والمحاولة الفاشلة في مصر ، وهل زعزعة الاستقرار الان في السودان وتحويله لدولة فاشلة واضعافه لمزيد من تجزئة السودان لثلاث او اربع كيانات ، وما هو تاثيره المباشر على مصر والسعودية واليمن ودول افريقية اخرى علما بان موقف السودان بالنسبة لسد النهضة الاثيوبية كان سلبيا لطلبات مصر وداعما انشاء السد بعلل المكاسب الاقتصادية والتقنية منه ونذكر هنا ان مصر تأثرتمن هذا السد في انشطة مختلفة في بحيرة ناصر ومياه الري المغذية للدلتا .
هل من المفيد والجانب لصحي ان تؤخذ مطالب المحتجين بعين الاعتبار كطلبات عادلة بالعيش الكريم ، وعدم استخدام القوة ، واستبدالها بالقوة الناعمة ، اعتقد اتخذ البشير عدة قرارات امنية وللان لم يتخذ اي اجراء اقتصادي يحسن من الحالة الاقتصادية للفقراء ، وهل لوفعل ذلك ، فالامور اخذه بالتصعيد حيث اغلق الجامعات والمدارس وحذر نشاطات الاحزاب ، اذا السودان مقبلة على فوضى ستؤثر على يموغرافيتها الجغرافية والقبلية لتنتج جغرافيات سياسية جديدة ، هي من الشرق الاوسط الجديد ... ونقول رحم الله الايام عندما كانت دولة مصر والسودان ورحم الله دولة السودان الشمال والجنوب وسنقول كم دولة ستكون السودان الان ..؟؟؟؟ ولكن انها على طريق الصوملة ان لم يحتكم السودانيون للعقل حتى في وجود المستبد والدكتاتور
سميح خلف