الانتخابات الإسرائيلية بين غزة والضفة الغربية

بقلم: فايز أبو شمالة

مجال اهتمام الناخب الإسرائيلي وقبان الرأي العام الذي سيؤثر على نتائج الانتخابات الإسرائيلية هي أرض الضفة الغربية وغزة، وما برحت هذه الأراضي المحتلة هي بورصة المزايدة الحزبية، وما انفك الأمن هو المجال الرحب للطعن بكفاءة أي حزب أو زعيم.

وإذا كان مطلب الإسرائيليين من غزة هو الأمن، فإن السمن هو مطلبهم من الضفة الغربية، لذلك فإنني أقدر أن حرص نتانياهو على عدم التصعيد مع غزة، سيقابله المزيد من التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، وذلك إرضاءً للناخب المتطرف، الذي ينتقد خنوع نتانياهو لغزة، ولكنه راضٍ عن نتانياهو الذي حقق له الأمن، وراضٍ عن نتانياهو الذي جلب له السمن من الضفة الغربية، ليعبئ جرار الطمع والأحلام اليهودية الخرافية.

في الأشهر القادمة، سيتحمل نتانياهو كل النقد الموجه إليه، وسيواصل تقديم المزيد من التسهيلات لأهل غزة مقابل عدم التصعيد، وضمان الهدوء على هذه الأرض الصلبة، وفي المقابل سيحرص نتانياهو على تقديم المنح والعطايا والهدايا والمكافآت للمستوطنين على حساب أرض الضفة الغربية، الأرض الرخوة، من وجهة نظر كل الأحزاب الإسرائيلية، لذلك كانت الموافقة على بناء 2500 وحدة استيطانية، وإنشاء منطقتين صناعيتين على أرض الضفة، هي أول رشوة انتخابية قدمها نتانياهو للناخب الإسرائيلي.

الأشهر القادمة قد تكون فرصة جيدة للمقاومة في غزة لتبتز نتانياهو، وتأخذ منه الكثير من التنازلات، وقد ينجح أهل غزة في تحصيل المزيد من المكاسب، والمزيد من الوعود، ولكن الحسرة والخسارة كلها ستكون على أرض الضفة الغربية، هناك الوجع الفلسطيني وهناك الطمع الإسرائيلي، ولاسيما في ظل هذه الحرب الشرسة التي تشنها السلطة الفلسطينية ضد المقاومة، حتى باتت ملايين الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية خارج إطار الفعل والتأثير، وغير قادرة على العمل المتواصل والموجع للاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه فإن السلطة الفلسطينية غير قادرة على إحداث أي ضغط دبلوماسي على نتانياهو؛ من أجل وقف التهام الأرض، وتهويد المقدسات، لينتظر أهل الضفة الغربية ما يجود به نتانياهو عليهم من مساعدات اقتصادية، أو المزيد من فرص العمل في المستوطنات اليهودية.

ضمن معادلة تحقيق الأمن مع غزة، وجلب السمن من الضفة، يخوض نتانياهو معركته الانتخابية دفاعاً عن البيت، وعن الاستيطان كما قال، وبهذا الشعار سيضمن الفوز برئاسة الحكومة لأربع سنوات قادمة، ستظل خلالها السياسية الإسرائيلية تسير على الخطى ذاتها التي مشت عليها كل السنوات السابقة، متجاهلاً وجود الشعب الفلسطيني، الذي يعيش كالموقوف في الأسر، ينتظر صدور الحكم بمستقبله وفق ما تقرره السياسة الإسرائيلية.

هذا الواقع السياسي الفلسطيني البائس لن يتغير إلا إذا تكسر الزجاج المزخرف الذي يكشف عن تحسين الوضع الاقتصادي لسكان الضفة الغربية، ويخفي كل المكائد السياسة الإسرائيلية.

انكسار الحالة الأمنية البائسة في الضفة الغربية كفيل بأن يسكب جرة السمن على مفاصل السياسة الفلسطينية، وكما قال المثل: لا جبر يأتي دون كسر.

 

 

د. فايز أبو شمالة