حالة التشظي التي مازالت تسيطر على المناخات الفلسطينية وساحاتها وحالاتها المختلفة مازالت تعطي مؤشرات وانذار بالفوضى في زمن لا يحسب في تاريخ الوطنية الفلسطينية بانه ايجابي وبناء.
الاعتداء على تلفزيون فلسطين وتخريب وتكسير ادواته الاعلامية وتجهيزاته والاعتداء على العاملين فيه هو بالتاكيد ليس عمل جبان بالمشاعر العاطفية بل هو عمل ممنهج له ابعاد سياسية وامنية ايضا ً .
تلفزيون فلسطين هو انجاز وطني فلسطيني بصرف النظر عن القائمين عليه الان ومنهجيته وبرنامجه وطريقة ادائه الاعلامي فالمؤسسة هي باقية وان اختلفت الوجوه والمقومات والتوجهات ، وعندما تصح المناخات الفلسطينية تصح المؤسسة ويصح الاداء الاعلامي ولغته وتوجهاته ايضا ً :
في خلال السنوات الماضية شهدت غزة عدة ظواهر امنية انفلاشية تهدد الامن والسلم الاجتماعي وتصب في خانة الاعداد للفوضى او الانذار بها او فرض وقائع على الارض مخالفة للتوجهات الوطنية للشعب او الفصائل ولكن السؤال المطروح هنا من هو المسؤول عن ذلك ؟ اعتداء على افراد واعتداء على مؤسسات في ظل مسؤوليات كاملة لحماس عن قطاع غزة ، ومن هنا ولكي نعطي لكل حق حقه لقد نجحت حماس امنيا ً في استئصال الكثير من عملاء الاحتلال وتطويق المشاكل العائلية الكبيرة واستطاعت ان تفرض الامن بالعصا الغليظة ، فربما ولاي جهة سلطوية ان تفرض تلك السلوكيات مادامت تصب في الامن العام والاستقرار العام ، ولكن يجب ان نفرق بين المشاكل المجتمعية كالخلافات العائلية والقبلية والعشائرية وقوة حماس في السيطرة على تلك النزاعات الفوضوية وبين عمليات فوضوية امنية تقوم بها جهات من الملثمين وهي حدثت اكثر من مرة في الاعوام السابقة ، وكان المطلوب من حماس ان تعلن عن تلك الجهات وتفضحها وتقدمهم للقضاء الفلسطيني في محاكمات علنية .
ما حدث ف تلفزيون فلسطين اليوم له مدلول امني بان هناك جهات تتحرك وتتصرف كعصابة منظمة وخاصة انها تكرر ذاتها وصفاتها وادائها التخريبي ، بلا شك ان ما حدث اليوم يشكل فراغ امني او مؤشر امني موجه بين الاحتمالين وهو يضر بالمقولة التي تقول ان حماس تسيطر امنيا وذات كفاءة عالية في السيطرة على غزة.
حماس تعرضت من قريب الى اختراق امني كبير من خانيونس واحتوت هذا الاختراق بمحظ الصدفة وان كان يصاحب هذا الاختراق بعض اليقظة الامنية التي اتت ما بعد الصدفة ، ولكن لا نشك في قدراتها الامنية ايضا وان حدثت تلك الاختراقات التي تصاب بها دول ذات عراقة وسيادة وتجربة .
ربما البعض سيعطي مؤشرا بان من قام بعملية التخريب لمقر تلفزيون فلسطين بان حماس هي المسؤولة عن ذلك ، ربما رجل الشارع يقول ذلك ولكن اعتقد ان الامر يخرج عن هذا التصور ، فحماس محل اتهام في مثل تلك العمليات والاعتداءات التي يقوم ها ملثمون ، اهم جهة خارجة عن القرار السياسي والامني في حماس ؟ وهم جهة متطرفة ؟ ام جهة تحاول خلط الاوراق وهي خارج سيطرة حماس والفصائل المعروفة ؟ ام الاحتمال الثالث انها خطوة لفصل المؤسسات الاعلامية وهي السلطة الرابعة على طريق فصل جزئي باقي الوطن .
لا ينظر للقضية عاطفيا من خلال مجموعة ثائرة غاضبة لقطع رواتبهم ان يحطموا مؤسسة وطنية فهي ليست ملك عباس او عساف او غيره من اسسوا هذه المؤسسة والتي تمثل القضية والسيادة والوجود على المستوى الذاتي والاقليمي والدولي لكي تكون انجاز وطني ولذلك التبرير العاطفي لا يعني بان هناك تبويب لفوضى امنية ومظهر من مظاهر الفوضى الا اذا تم تحت اعين امن غزة وهو الطامة الكبرى ، غزة مسلوبة الحقوق ليس فقط بالرواتب وما يتعرض له الكثيرون من قطع الراتب ومنع حليب الاطفال عن اطفالهم ومحتيجات اسرهم نعم انه القهر بعينه ولكن لا يصح ان يكون محاربة عباس ونهجه بهذه الطريقة الفوضوية بل بعمل مدروس وبرنامج وطني مدروس تشارك فيه كل القوي ، وهنا اؤكد ان وضع المبررات على عاتق الشعور العاطفي هو ايضا مطب امني يقفز عن عمق المشكلة
على العموم مطلوب من حماس الان وهي امام حالة الاتهام ان تدافع عن قوتها الامنية ووجودها وسيطرتها على قطاع غزة بملاحقة مرتكبي هذا الحادث المستنكر ووضع الشعب الفلسطيني في الصورة ولان تلفزيون فلسطين وان كانت تديره قيادات مدينة روابي الا ان تلفزيون فلسطين يبقى اسما ً وعنوانا ً وان كان مخطوفا ً في هذه المرحلة .
بقلم / سميح خلف