كلمة السر في محاولة تأزيم الموقف الفلسطيني الداخلي

بقلم: جبريل عودة

تأزيم الموقف الفلسطيني الداخلي , ليس له علاقة البتة بموضوع المصالحة , الأمر الثابت أن هناك حوارات تمت وإتفاقيات وقعت , ونتائج خرجت للعلن , وجداول زمنية للتنفيذ , كل ذلك سقط ولم يعد له أثر , أمام من لا يرى في الشراكة نهجا , ولا في الوحدة الشاملة طريقا , فسعى إلى التفرد والإقصاء كسياسة ونهج في إدارته للشأن الفلسطيني العام , بفعل سيطرته على المؤسسات السياسية الفلسطينية العامة , تم عقد إجتماعات الوطني والمركزي في ظل غياب أغلبية الفصائل الفلسطينية الوازنة , فزاد الشرخ والإنقسام في هياكل منظمة التحرير , وغاب عنها إكتمال ما يمكن أن نسميه "نصاب الشرعية" , ولم يُشكل ذلك أي حرج أو قلق لرئيس السلطة والمنظمة , وإعتبر غياب الفصائل ( الشعبية , الديمقراطية , ,المبادرة ) عن هذه الإجتماعات مؤامرة ضده, أضف إلى ذلك غياب ( حماس , الجهاد , فصائل المقاومة ) حيث لا يوجد لها تمثيل بالأصل في منظمة التحرير , وكان الإصرار على التفرد والإقصاء وإدامة الانقسام السمة البارزة في تحركات الرئيس عباس وسلطته.

يمكن أن نخلص بنتيجة واضحة بأن السيد عباس , لا يعنيه إتمام الوحدة الوطنية على قاعدة الشراكة , ويرفض إصلاح منظمة التحرير وتطويرها , ولا يؤمن بإقرار البرنامج الوطني الفلسطيني الوحدوي, ولو أراد خيرا للقضية الفلسطينية لكان إصراره واضحاً في قضية لملمة الصف الوطني , عبر دعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير , كما نصت عليه إتفاقية القاهرة 2011م , ومن خلال هذا الإجتماع القيادي الأول يتم ترسيخ الوحدة وإقرار كل الخطوات لتحصينها وجمع الكل الفلسطيني على برنامج وطني جامع يحفظ الحقوق والثوابت , ويُشهر سيف المقاومة بكافة وسائلها في مواجهة الإحتلال .

محاولة إشغال قطاع غزة بالأزمات والعقوبات ، وإشعالها بالإقتتال والفلتان ، يهدف إلى محاولة كسر الحالة التصاعدية للمقاومة في الضفة ، في خطاب الرئيس المأزوم قال فيما قال (يرسلون لنا قتلة) (يرسلون لنا أسلحة وعمليات)، وهنا مربط الفرس في هيجان القوم وهجومهم الكلامي وتحريضهم الإعلامي ضد قطاع غزة , إعتبروا تبني حماس للشهداء والعمليات الفدائية في الضفة الفلسطينية , إعتداء صارخ على سيادة السلطة المزعومة , وإفشال وتحدي لجهودها و دورها الأمني القمعي في منع عمليات المقاومة , وهذا الدور الأمني يعتبر محط فخر لرئيس السلطة وقادة أجهزته الأمنية أمام وسائل الإعلام الصهيونية .

في العقيدة الأمنية للسلطة في عهد أبو مازن , أن أي عمل مقاوم ناجح ضد المستوطنين هو إستنزاف من رصيد الثقة التي يمنحهم إياها جنرالات الموساد والشين بيت ، وهذا ما صرح به السيد عباس بأنه متوافق مع نداف أرغمان رئيس الموساد بنسبة 99% , لذا تحافظ السلطة على استمرار التنسيق الأمني، كرخصة لبقائها وإستمرار إمتيازاتها ، ومن هنا تعتبر أعمال المقاومة ضد الاحتلال ومستوطنيه في نظر أمن السلطة موجه ضده بالدرجة الأولى ، فلا تخجل هذه الأجهزة من محاربتها وافشال العمليات الفدائية بنسبة تفوق 90% كما جاء في خطاب رئيس السلطة .

تصعيد السلطة الأخير وخطاب التخوين ( كلهم جواسيس) وقطع الرواتب ، والإصرار على الصدام الميداني مع القوة الأمنية والشرطية في قطاع غزة ،وهذا ما تحرض عليه قيادة المقاطعة عبر وسائل إعلامها للوصول إلى إراقة الدماء في شوارع غزة ، وذلك تنفيذ لمخطط نقل المعركة إلى أرض غزة وحرف الأنظار عن النموذج المقاوم الصاعد في الضفة المحتلة , وإرباك مسيرات العودة وكسر الحصار ، بمعنى اذا نُفذت على عمليات فدائية في الضفة المحتلة , سوف نصعد في ملف العقوبات والتوتر الداخلي في ساحة غزة ، هذا هو السر في حالة الهيجان والتحريض والتخوين والإجراءات الأخير ضد قطاع غزة .

6-1-2019م

بقلم/ جبريل عوده