القدس وفلسطين أولى أولويات الصراع مع إسرائيل وحرف البوصلة استنساخ للتاريخ

بقلم: علي ابوحبله

نقلب صفحات التاريخ عن الصراع الفلسطيني الفلسطيني بين المجلسين والمعارضين خلال عشرينيات القرن العشرين والثلاثينيات منه ودور سلطات الانتداب في إثارته وتعزيزه، وعن الصراع الذي دار في المؤتمرات الفلسطينية الذي أنتج لجنة تنفيذية ضعيفة مهلهله متناقضة ومتصارعة، حيث كان لذلك أثرٌ سلبيٌ على أداء القيادات الفلسطينية خلال تلك الحقبة مما انعكس على نتائج الانتخابات البلدية. وتحدثت عن أسباب عدم إجراء سلطات الانتداب انتخابات بلدية في فلسطين سوى مرتين، وعن أسباب اختيار النشا شيبي لقيادة المعارضة، والطريقة التي استلم فيها رئاسة بلدية القدس. وأظهرت كيف استغلت سلطات الانتداب قانون البلديات العثماني لعام 1877 وأسباب التعديل عليه بالمرسومين اللذين صدرا عامي 1926 و 1929، وإصدار قانون الانتخابات لعام 1934، وتحدثت عن نشأة بلدية القدس. وأسهبت في توضيح شكل الانتخابات البلدية التي جرت عامي 1927 و 1934، فتحدثت عن دوافع سلطات الانتداب من عدم إجرائها سوى مرتين خلال فترة الانتداب، والأسباب التي جعلتها تدعو إلى إجرائها، وتحدثت عن التنافس بين المجلسيين والمعارضين أبان الانتخابات وأثره على نتائجها. كما أبانت سياسية الكيل بمكيالينْ التي اعتمدتها سلطة الانتداب، في تمييزها في التعامل وبين البلديات العربية واليهودية.

وهذه ألمقدمه تعيدنا للصراع الفلسطيني الفلسطيني بين فتح وحماس والذي بلغ ذروته ووصل لمرحله اللاعوده فيما نشهده عبر المنابر الاعلاميه بعد قرار المحكمة الدستورية حل المجلس التشريعي ، وما شهدناه من حرق وتخريب لمبنى تلفزيون فلسطين والاعتقالات في غزه ومقابلها في الضفة الغربية ومنع حماس السماح لحركة فتح الاحتفال بذكرى ألانطلاقه جميعها إعادتنا للتاريخ الذي نستنسخه وبحذافيره للأسف

ونعود إلى مؤتمرات هرتسليا والى ورقة رئيس الشباك السابق كوهين الذي يعتبر أول رئيس شاباك من المتدينين اليهود، ويتقن خمس لغات، ويعتبر أحد مصممي سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين، أن "إسرائيل مطالبة بسلسلة خطوات هامة أمنية منها ".استمرار التنسيق الأمني وقد نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أجزاء من خطاب كوهين، ترجمتها "عربي21"، قال فيها إن هناك "جملة قضايا أساسية مع الفلسطينيين تحظى بموافقة أغلبية الجمهور اليهودي في إسرائيل، ومنها التمركز في الكتل الاستيطانية الكبرى، والاستمرار في عمليات إحباط الهجمات المسلحة، واستكمال بناء العائق المادي لمواجهة الأنفاق بقطاع غزة، وكذلك الجدار الفاصل بالضفة الغربية". ودعا كوهين الذي أنهى مهامه في رئاسة الشاباك في العام 2016، إلى "المحافظة على استمرار التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، لأنه لا خشية من تقديم أي مساعدات لهذه الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لأنها لا تشكل خطرا علينا، ويجب استكمال سياسة إفساح المجال للعمال الفلسطينيين للعمل داخل إسرائيل، وإتاحة المجال لحرية وصول المسلمين والمسيحيين لأماكنهم الدينية للعبادة". وطالب كوهين بـ"ضرورة الدفع بإقامة مشاريع بنية تحتية في غزة، لأننا قلقون من تدني مستويات المياه والطاقة والصرف الصحي التي يحصل عليها السكان، وهذه المشاريع قد توفر هدوء أمنيا،

ووفق ذلك فان المحادثات التي ترعاها مصر بين إسرائيل وحماس تعود بنا إلى تلك التوصيات والى محاولات تجسيد للفصل الجغرافي بين الضفة الغربية وقطاع غزه ضمن ما بات يعرف تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي لسكان غزه

فإسرائيل تتعمد الفصل بين غزة والضفة ضمن إستراتيجية بعيدة المدى استنادا إلى مركز إسرائيلي ،فقد أكد مركز الدفاع عن حريّة التنقل "چيشاه - مسلك" إن إسرائيل تتعمد الفصل بين طرفي الأراضي الفلسطينية وذلك لعدة أسباب. و" من ضمن هذه الأسباب، جعل قطاع غزّة كياناً منفصلاً"، و أن تدهور الأوضاع في القطاع هو تدهور حثيث، وهو نتاج لسياسة معتمدة.

سكان غزة يعيشون على بقعة من الأرض تتهاوى منذ زمن على حافة الأزمة الإنسانيّة، وهم عالقون في واقع بلا أفق، وأن عدد حالات الخروج عبر بيت حانون قد تقلص. و أن الجهات الإسرائيلية تقوم بنفي السّياق الأوسع طويل الأمد، و الذي تعمل إسرائيل وفقه بكل ما يتعلق بسكان قطاع غزة، هو منظومة سيطرة عمرها خمسين عامًا، والتي بلغت أشدّها عند فرض الإغلاق الإسرائيلي المشدد والمستمر منذ أكثر من عقد من الزمن.

فالاحتجاجات الفلسطينية الحاليّة غير منفصلة عن هذا السّياق، كما أنها غير منفصلة عن القضية بجميع مركّباتها، وبهذا فإن حل هذا النزاع لن يتم تحقيقه بوسائل عسكريّة، فيما يحظر القانون الدولي استخدام القوة الفتاكة ضد المدنيين إلا في حال احتاج الأمر لمنع المس بحياة أشخاص، وحتى في هذه الحالة، فإن القوة المميتة ينبغي استخدامها باعتبارها الوسيلة الأخيرة، كما ينبغي استخدامها وفقًا للمقدار المطلوب لإزالة الخطر العيني فحسب.

أن المشاركة في مظاهرة احتجاجيّة، حتى لو لم تكن هذه المظاهرة "احتجاجًا صامتًا"، وحتى لو شملت أعمال شغب أو أعمال إخلال بالنظام العام، لا تشكّل لوحدها بالمطلق عملًا عدائيًا أو تهديدًا عينيًا لحياة الآخرين بحيث يستوجب الرد عليها بإطلاق النار. وأنه ما من شك بأن إزهاق الأرواح قريبًا من السياج العازل كان يمكن، بل وكان يجب، أن يتم تلافيه فيما لو عمل الجيش الإسرائيلي بحسب ما ينصّ القانون الدولي. و أن إسرائيل، "عند تعاملها مع سكان قطاع غزّة، تفرض منظومة تصاريح ترتكز بالأساس على المحظورات. فإسرائيل هي الجهة التي تقرر مَن وما يمكن أن يدخل غزّة، ومن وما يمكن أن يخرج منها، ومتى يحدث ذلك. تدهور الأوضاع في قطاع غزّة هو تدهور حثيث، وهو نتاج لسياسة معتمدة، وأن الفجوة بين حاجات السكان المدنيين الفلسطينيين وبين الموارد المتوفرة أمامهم آخذه بالتوسّع، ورغم أنه هنالك ما يمكن فعله من أجل إصلاح الأوضاع، فلم يتم تحريك ساكناً. ووفق ذلك فان غزه هي المسؤوله عن الحصار والعقاب للفلسطينيين وقد تشجع سلطات الاحتلال الإسرائيلي السلطة الوطنية الفلسطينية لاتخاذ إجراءات عقابيه تكون مبرر لاتخاذ خطوات مستقبليه تحقق أهداف وغايات الاحتلال كخطة الفصل الأحادي الجانب من غزه التي اتخذها شارون 2005 وتم بموجبها إزالة المستوطنات دون التنسيق المسبق مع السلطة الوطنية الفلسطينية وكانت خطة الفصل الأحادي الجانب الدافع لهذا الانقسام وتجسيده على ارض الواقع لتدمير أي أفق لإقامة دوله فلسطينيه متواصلة جغرافيا

وإذا عدنا للتحليل الموضوعي وفق الاتفاقات ألموقعه بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي والمتمثل باتفاق أوسلو وملاحقهما والذي عرف " غزه أريحا أولا " وهنا لا بد من التوقف ووضع عدة احتمالات ومنها

أن تعلن إسرائيل بصفتها كيان محتل بالاتفاق مع مصر ودول عربيه الإعلان عن غزه منطقه محرره ضمن اتفاقات بين مصر والسعودية ودول عربيه منخرطة مع أمريكا بصفقة القرن وتوجيه صفعه للرئيس محمود عباس الذي يقف في وجه مخطط صفقة القرن ويرفض أن تكون أمريكا وسيط بعد قرار ترمب الاعتراف في القدس عاصمة إسرائيل ويتم ذلك عبر قرار من مجلس الأمن والاعتراف بدولة فلسطين بحدود غزه

وهذا الوضع يسهل على أمريكا تمرير مخططها لإقامة دويلة فلسطينيه وترك الضفة الغربية لإسرائيل لتمرر مشروعها ألتهويدي والاستيطاني عبر سياسة تجسيد الكانتونات المتمثلة في تقسيم الضفة الغربية لثلاث كانتونات الشمال والوسط والجنوب وضم الأغوار لإسرائيل ومناطق سي وهذا ما تسعى سلطات الاحتلال لتجسيده وتمريره

ولا بد من التنبيه لمخاطر انشقاق وحدة الصف الفلسطيني وعدم الاندفاع باتخاذ قرارات قد تخدم سلطات الاحتلال وتستغلها وتجيرها لمصلحتها على حساب القضية الفلسطينية وثوابتها ,

لابد من الأخذ بعين الاعتبار لكافة الحسابات. ضمن عمليات الربح والخسارة وفق ما تنظر إليه إسرائيل والتي لا يمكن المراهنة عليها مما يتطلب من حماس وفتح النظر بعيدا ووضع حسابات الربح والخسارة من هذه الخلافات والنظر بنظره شموليه بما يخدم القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية بعيدا عن أي حسابات حزبيه وفصائليه ضيقه وهي تبعدنا عن أهميه ومركزية القضية الفلسطينية والحقوق الوطنية الفلسطينية بحيث باتت الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام هو المدخل الحقيقي للحفاظ على الثوابت الوطنية الفلسطينية وعلى الوحدة الجغرافية لدولة فلسطين مما يفوت ألفرصه على الاحتلال والمنخرطون بمشاريع صهيو امريكيه لتصفية القضية الفلسطينية ومدخلها فصل غزه عن الضفة الغربية

في ظل حمى التصريحات والتخمينات والتوقعات التي نشهدها بين فتح وحماس فان القضية الفلسطينية أمام مفصل تاريخي مهم ويقع على عاتق الفلسطينيون مهمة اعادة تصويب البوصله نحو القدس وفلسطين والعمل على إحباط كل المخططات التي تقود لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية بحلول إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل 67 وتبديد أحلام الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس وان الخروج من المعضلة وإحباط مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية تتطلب جراه فلسطينيه وقرار سيادي فلسطيني بإنهاء الانقسام واستعادة توحيد الجغرافية الفلسطينية والمؤسسات الفلسطينية ووحدة العنوان السياسي وسرعة الخروج من مخطط التآمر لعزل غزه عن الضفة الغربية وتوحيد الموقف الفلسطيني للوقوف في وجه مؤامرة تصفية القضية الفلسطينية وعلى القيادة الفلسطينية تحمل مسؤولياتها التاريخية في مواجهة أي مخطط يهدف لتصفية القضية الفلسطينية وفصل غزه عن الضفة الغربية ، القيادة الفلسطينية تملك خيارات إفشال أي مخطط من شأنه الانقضاض على الثوابت الوطنية الفلسطينية والانتقاص من الحقوق الوطنية الفلسطينية وبإمكان القيادة الفلسطينية أن تقلب الطاولة وتعيد خلط الأوراق في وجه كل المتآمرين وأولى الأوراق أن تعلن القيادة الفلسطينية أنها باتت في حل من الالتزامات والاتفاقات مع إسرائيل وعلى الأمم المتحدة تحمل مسؤولياتها عن الأراضي المحتلة وعلى سلطة الاحتلال تحمل مسؤولياتها كسلطة احتلال وان القيادة الفلسطينية تستطيع اتخاذ إجراءات وقف التنسيق مع إسرائيل وخطوات تصعيديه أخرى تعيد القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول ضمن عملية اعادة تصويب اولوية الصراع مع الاحتلال واولويته القدس وفلسطين وليس باستنساخ التاريخ والعوده بنا لعشرينات وثلاثينات واربعينات القرن الماضي بصراع فتح وحماس وهو اشبه بصراع المجلسيين والمعارضين.

بقلم/ علي ابوحبله