سطور في حياة المناضل الوطني الكبير- راسم المقيد“الملفوح“/ أبو احمد

بقلم: سامي إبراهيم فودة

قال تعالى: "مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا "صدق الله العظيم
إخوتي الأماجد أخواتي الماجدات أعزائي القراء أحبتي الأفاضل فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة وذكرى طيبة لرجل من خيرة رجال الوطن وفدائي من مغاوير مقاتلين الثورة الفلسطينية ومنارة من منارات الفتح العملاقة وعلماً من أعلامها وقامة عالية من قاماتها وكادراً تاريخياً من كوادرها,وفتحاوياً أصيلاً ينتمي للفكرة الوطنية والمدرسة الفتحاوية الثورية وأحد أعمدة الحركة الوطنية وروادها وجيلها الطليعي في قطاع غزة،وأسير محرر ووالد شهيد في مشروع بيت لاهيا,والذي توفي اليوم الجمعة الموافق 11/1/2019م في مدينة غزة بعد معاناة مع المرض عن عمر يناهز السبعين عاماً قضاها في خدمة الوطن المناضل/ راسم احمد محمد المقيد"الملفوح"أبو احمد.....
ولد شيخ الشباب المناضل/راسم الملفوح المكني"أبو احمد"في قطاع غزة حارة الزيتون مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 4/7/1949م معانق الحياة المتلاطمة بأوجاعها منذ طفولته ويحمل في فؤاده الهم الفلسطيني بين أضلعها وثواني عمره فقد نشأ في كنف أسرة فلسطينية لاجئة مناضلة محافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي ويأتي المناضل راسم من حيث الترتيب الخامس في أسرته العائلية المكونة من إخوته/ راتب- ماجد- ونافذ وأخواته / مريم- زريفة- سعدية- فهو متزوج وأب وله من الأبناء خمسة أبناء ذكور وبنت واحده/ احمد "محمد- شهيد"- إبراهيم- وانس وخالد وبنت واحده اسمها آلاء...
وترجع أصول جذور عائلته إلى قرية نعليا في فلسطين المحتلة عام 1948م التي هاجروا منها قسراً بقوة السلاح إلي قطاع غزة وقد استقروا بهم المطاف في حارة الزيتون وفي عام 1976انتقلت عائلته من حارة الزيتون إلي شمال غزة وسكنوا في مخيم جباليا بلوك "9"وحاليا هو يسكن بالإيجار في مشروع بيت لاهيا بالقرب من مسجد القسام من الجهة الشرقية ومكانة سكنه متنقل....
تلقى تعليمه الدراسي الأساسي في المرحلة الابتدائية في مدرسة أمام الشافعي مدرسة الصناعة ودرس الإعدادية في مدرسة صفد في حارة الزيتون وواصل تعليمه الثانوي في مدرسة يافا الثانوية العامة وأكمل دراسته الجامعية بجمهورية مصر العربية وحصل على شهادة البكالوريوس من جامعة القاهرة كلية اقتصاد والعلوم سياسية في عام"1987-1981 "وفي عام 1983م وأثناء دراسته للماجستير في معهد الدراسات العربية بالقاهرة وجرى ترحيله من مصر بعد عام من الدارسة إلى قطاع غزة بأمر من وزارة الداخلية لأسباب تنظيمية لحركة فتح...
محطات مضيئة في حياة المناضل/ راسم المقيد
كان لي شرف اللقاء أكثر من مرة مع أخي المناضل الوطني الكبير المرحوم "الخال"راسم المقيد/أبو احمد بهدف الكتابة عن سيرة حياته الشخصية إلا انه كان يرفض ولكن تحت الإصرار والضغط والإلحاح الشديد ولعلاقتي الجيدة معه وافق على الكتابة هذا الرجل الفتحاوي الأصيل صاحب القيم العالية والمبادئ السامية,فهو من جيل من حملوا البندقية بشرف مدافعين عن الفتح في أوج انطلاقتها من قدموا زهرة شبابهم في خدمة الوطن خلف أسوار باستيلات العدو الصهيوني ....
- اعتقل بتهمة مقاومة الاحتلال بتاريخ 19/2/1969م وتم زجه في سجن غزة المركزي وكان يحمل رقم 124 وبقي موقوف يتردد على المحاكم العسكرية بدون محاكمة "7 شهور"وحكم عليه بالسجن الفعلي 7 سنوات بتاريخ 23/9/1969م...
- وانتقاماً من المناضل راسم الملفوح تم نسف منزله على خلفية قيامه بعمل مسلح ضد الاحتلال 1969م..
- اعتقل في سجن غزة المركزي في شهر 1/1969م ثم سجن في معتقل كفاريونا في منطقة بيت ليد على الطريق بين طولكرم ونتانيا داخل الخط الأخضر في شهر 10/1969م وانتقل في شهر1/1970 إلى سجن بئر السبع الجديد وفي شهر 3/1970م جرى ترحيله إلى سجن غزة المركزي بسبب مشاكله مع إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية...
- كان المناضل راسم الملفوح هو الوحيد من قطاع غزة الذي تولى مسؤولية شؤون الأسرى في سجن بئر السبع في 1972م وكان اتصاله مع المناضل مهدي بسيسو"أبو على"في الوقت الذي كان المناضل أبو على شاهين يتولى مسؤولية إدارة شؤون الأسرى في سجن عسقلان...
- تم الإفراج عنه بتاريخ /9/2/1976م بعد أن أمضى مدة محكومتيه بالتمام والكمال مابين سجن غزة وبيت ليد وبئر السبع..
- اشتغل في القاطع الغربي"للجنة غزة" 1976م وكان معه هندي الشوبكي"أبو زهير"والأخ فؤاد سعد مسئول اللجنة المالية...
- في شهر 8/1968 كانت نقطة بداية العمل الفدائي للانطلاقة المناضل/ راسم الملفوح في إطار السرية والكتمان اتجاه مقارعة الاحتلال الإسرائيلي بشكل ارتجالي وغير منظم لأي جهة كانت عندما عرض عليه رفيق دربة عبد الله أبو خوصة وقد قاموا بالعديد من العمليات العسكرية ضد مواقع العدو ومن خلال وضع العبوات الناسفة ونصب الكمائن ومهاجمة الدوريات منها الراجلة والحمولة...
- في شهر 4/1968م سافر المناضل الكبير/ راسم إلى الأردن من اجل الانتساب لحركة فتح وهناك جرى لقائه مع احد مناضلين حركة فتح,وقد وضعه أبو احمد بصورة الأوضاع في قطاع غزة وأعطى له بالموافقة على العمل داخل الأرض المحتلة ومواصلة الأمور وترتيب ما يلزمهم,وبعد فترة توجه الحاج إسماعيل شملخ إلى الأردن وهناك التقى مع أبو عوني القشاوي والأخ أبو عمار وكان يوجد شخص من فدائيين الثورة الفلسطينية حيث قال للحج إسماعيل شملخ يوجد لنا جماعة في الأرض المحتلة بإمكانكم دمجهم لصفوفكم للعمل الفدائي معكم...
- في شهر 5/1969م جاء خال الحج إسماعيل شملخ للقاء بالمناضل/ راسم المقيد فقال له بتعرف عبد الله أبو خوصة, قال له راسم نعم بعرفه وذهب إلى الحج إسماعيل وتم الاتفاق وبتاريخ 2/9/1969م وأصبح من هذه اللحظة راسم المقيد يعمل بشكل رسمي في صفوف حركة فتح واستمر بالعمل الفدائي لصالح فتح في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي خارج المناطق السكانية في حارة الزيتون من واد غزة حتى حدود البحر .....
- اعتقل بتاريخ 7/10/1980م - 19 /12/1980م في سجن غزة المركزي وخضع للتحقيق73 يوم اعتقل بتاريخ 27/7/1981م-11/9/1981م في سجن غزة المركزي وخضع للتحقيق45يوم,اعتقل بتاريخ 25/4/1984م -5/2/1984م في سجن غزة المركزي وخضع للتحقيق 30 يوم ....
- كان دائماً الأخ خليل الوزير أبو جهاد يوصي العاملين في مكتبة بالأردن عن المناضل راسم المقيد ويقول لهم إذا طلب أي شيء أعطوا له شك على بياض 1984م - 1985م ...
- أرسل راسم أبو احمد شخص مقرب له من قطاع غزة بالسفر إلى الأردن للالتقاء بالأخ خليل الوزير أبو جهاد لشرح ما هي تطورات الأوضاع في قطاع غزة وما آلت إليه الأمور وما هو المطلوب منهم..
- في 1986م غادر قطاع غزة إلى السعودية بعدما تزوج من معلمة تعمل في السلك التعليمي هناك وأمضى حوالي عشر سنوات في الغربة وعاد إلى ارض الوطن 1969م
- تولى مسؤولية الدائرة التنظيمية 12 عام في الحركية العليا لحركة فتح وكان معه المناضل احمد نصر
- عمل موظف مدني على قيود المنظمات الشعبية مدير"ِA"التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ قدوم السلطة بعدما اخذ بنصيحة رفيق المعتقل رشيد أبو أشباك بالتحاق بالعمل بالسلطة الوطنية رغم اعتراضه بالعمل بالسلطة ولم يزاول هذه المهنة إطلاقا وكان يعتبرها من الوظائف الكذابة هي وغيرها....
- تقاعد عن العمل 2000 بعدما وصل من العمر ستون عاماً......
- استشهد ابنه محمد بتاريخ 22/4/2004 في مواجهة مع قوات الاحتلال..
وله العديد من الدراسات التي لم تمكنه من طباعتها حتى الآن منها //
- لماذا أنا فتح..
- حماس الطريق إلى المجهول..
- للجنة الاستقطاب- بالإضافة إلى للجنة الإحصاء والحصر ...
- وعضوية حركة فتح ومشاكلها
- فتح ومهمات العمل التنظيمي ....
- مكانة الإرهاب في الثورة الفلسطينية...
كيفية اعتقال المناضل// راسم المقيد
17/2/1969م توجه زميله عبد الله أبو خوصة النازح من الأردن والذي كان يحمل هوية مزيفة إلى مركز شرطة الشجاعية بعد أن تم استدراجه عن طريق احد العملاء بالحضور بحجة إيجاد هويته المفقودة منه تم إلقاء القبض عليه وفي اليوم الثاني جرى إلقاء القبض على 15 فدائي عرف منهم الحاج إسماعيل شملخ وسعيد شملخ واحمد عياد وسعيد عياد وفي اليوم التالي تم تطويق حارة الزيتون ومداهمة منزل راسم ولم يعثروا عليه...
وجرى اصطحاب والده إلى ابنه راتب المقيم في مخيم جباليا وكان راسم يومها متواجد عند أخوه راتب ولا احد يعلم عن مكان وجوده في ذاك اليوم,وقوات الاحتلال الإسرائيلي جاءت باعتقال أخوه راتب بهدف ابتزاز العائلة للضغط عليهم من اجل تسليم راسم لهم وعندما وصل الجيش للمخيم نزل والده من البور العسكري مع جنود الاحتلال وقام بالدق على الباب ورد عليه ابنه راتب فقال والده أخوك راسم عندك قال له نعم وجرى اعتقال راسم إلى سجن غزة المركزي...
وفتحوا التحقيق معه وقد اعترف مسبقاً عبد الله أبو خوصة عليه وجهاً لوجه أمام المحققين بأنه أحضر له لغمين وتم نصبهم على خط الهدنة خط الدوريات عند حجر الديك بهدف تدمير آليات العدو وكان يومها لا يوجد سياج حدودي وقد تعرض راسم لتعذيب القاسي والمؤلم مما اجبره على الاعتراف بأنه في ذات يوم جاء له أبو خوصة وسأله عن الألغام فقال له لا يوجد عندي ولكن بإمكانك أن تعثر عليها بجوار الصبر في حارة الزيتون بيارة الصايغ بجوار السكة وبعد إغلاق ملف التحقيق معه بقي موقوف"7 شهور"يتردد على المحاكم العسكرية بدون محاكمة وحكم علية بالسجن الفعلي 7 سنوات بتاريخ 23/9/1969م...
ومن كلماته المأثورة التي يحب أن يرددها:- "فتح هي الوطن والوطن هو فتح"
أن هذا وطن وقضية شعب لا تحتمل الكذب,والله والوطن لا يحتملون الكذب
نحن لا نبحث عن قيادة,نحن نبحث عن وطن...
وهو على فراش الموت كان يوصي من حوله"حبوا الناس، هذا وطن ديروا بالكوا عليه، ديروا بالكوا على فتح"
نظرة الوداع الأخيرة .. رحيل المناضل الكبير/ راسم المقيد - أبو احمد
وفور نبأ خبر وفاة المرحوم راسم المقيد أبو احمد فقد توجهت عائلته الفاضلة إلى مستشفى القدس في تل الهواء وتم إحضار جثمانه الطاهر إلى منزله الكائن في مشروع بيت لاهيا حيث ألقيت نظرات الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته والمحبين له وأقيمت عليه صلاة الجنازة بعد صلاة العصر مباشرة في مسجد القسام يوم الجمعة الموافق11/1/2019م وشارك في تشييع جنازته المئات من الجماهير وسار موكب المرحوم إلى مثواه الأخير،حيث ‏وورى الثرى في مقبرة بيت لاهيا,
وأقيم للمرحوم بيت العزاء في مشروع بيت لاهيا وقام بتقديم واجب العزاء عامة الناس ورجال الإصلاح والوجهاء والمخاتير واعيان البلد والشخصيات الوطنية والاعتبارية..
بقلوب ملؤها الحزن والأسى وبالأصالة عن نفسي وعائلتي أتقدم بخالص العزاء لعائلة الفقيد المرحوم/ راسم المقيد - أبو احمد سائلين المولى عز وجل أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان إنه ولي ذلك والقادر عليه وإنا لله وإنا إليه...
" يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي "
وإنا لله وإنا إليه راجعون


بقلم الكاتب// سامي إبراهيم فودة