من المؤكد جدا أن رأس السيد الرئيس محمود عباس ثمين , كونه رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية والقائد العام لحركة فتح , كي يكون هدفا للقيادي في حركة حماس أحمد بحر , ووزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد أردان , ومع أن أحمد بحر لم يطالب بإغتيال الرئيس وتصفيته جسديا كما طالب أردان , وأن يكون مصيره كمصير ياسر عرفات , ولكنه يطالب بإغتياله معنويا عبر قنوات سياسية ودبلماسية وقانونية , فقد أرسل أحمد بحر رسائل الى رؤساء البرلمانات العربية والإسلامية والدولية ، والمنتديات والتجمعات البرلمانية ، وأمين عام جامعة الدول العربية ، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي ، ورئيس اتحاد البرلمان الأسيوي , يطالب فيها نزع الأهلية القانونية والسياسية عن الرئيس محمود عباس , وذلك بسبب إنتهاء المدة القانونية لرئاسته للسلطة كرئيس منتخب , ويتزامن هذا الطلب مع نقاش الكابينيت الإسرائيلي حول منع الرئيس من العودة الى الضفة , أو تصفيته كالرئيس ياسر عرفات كما دعا أردان وزير الأمن الداخلي , ومع أن هناك رابط دم يجمع بين بحر وعباس إلا أن هناك رابط مصلحة مشتركة يجمع بين بحر وأردان .
من المؤكد أن تطاول الرئيس محمود عباس على إسرائيل عبر قنواته السياسية والمتمثلة بفضح إنتهاكاتهم في العالم , وأيضا كسب أصوات المجتمع الدولي لصالح دولة فلسطين وتقديم طلب عضوية كاملة في الأمم المتحدة , قد تجعل من رأس الرئيس هدفا لإسرائيل في كل وقت , وحتى لو تكلفتا مصر والأردن بحماية الرئيس فهذا لا يعني أن إسرائيل ستكف عن إيذائه سياسيا , وسحب البساط من تحت قدميه بحجة أنه يمول العنف ضد إسرائيل , وأيضا يجيش الرأي العام والمجتمع الدولي لصالح القضية الفلسطينية , بالإضافة الى رفضه الصريح لصفقة القرن , ولكن أحمد بحر لم يجد سببا كافيا في رسائله للعالم سوا أنه رئيس فقد ولايته القانونية , بالإضافة الى بعض الإتهامات والتي ليس عليها دليل قانوني بالأصل , فهل سينجح بحر في إغتيال الرئيس معنويا ؟
برأيي أن أحمد بحر عندما قال أن الرئيس منتهية ولايته القانونية , كان ناسيا أن المجلس التشريعي منتهية ولايته أيضا , وهذا بغض النظر عن قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي , وإذا كانت ثغرات القانون والتلاعب في الألفاظ والمصطلحات القانونية والغير واضحة أصلا , تقول أن المجلس التشريعي يبقى قائما حتى إستلام نواب جدد منتخبين , فهذا النص القانوني لا يعفي المجلس من أنه قائم رغم أنف الشعب الذي منحه السلطة والثقة في يوم من الأيام , فمن حق الشعب أن يذهب الى صناديق الإقتراع كل أربعة سنوات كي يختار من سيمثله .
سواء يدرك أحمد بحر أو لم يدرك أن الرئيس يعمل بقوة منظمة التحرير والتي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في الداخل والخارج , كون فلسطين لا زالت تحت الإحتلال , بالإضافة الى كونه رئيس دولة فلسطين في الأمم المتحدة والمحافل الدولية والتي تعمل بقالب السياسة قبل أن تعمل بقالب القانون , فاليوم وصل الرئيس الى نيويورك لتسلم رئاسة مجموعة الـــ 77 + الصين في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة , فهذه بحد ذاتها ردا على رسائل بحر , وربما تكون درسا سياسيا جديدا في علوم السياسة والشرعيات .
أحمد بحر في الوقت الراهن يعمل ضمن خطة سياسية أعدتها حماس بعد حل التشريعي وهي تتكون من خطة "أ" وخطة "ب" , فالخطة "أ" تعتمد على تسويق حماس دوليا عبر قنوات سياسية ودبلماسية وقانونية , والرسائل هي تمهيد لزيارات قد تقوم بها الحركة ولكن بعد إنتظار ردات الفعل من الدول والبرلمانات والتي تلقت الرسائل , فإذا نجحت الخطة "أ" تكون بالنسبة لحماس , زيادة الخير خيرين كما يقولون بالعامية , وإذا فشلت الخطة "أ" ستنتقل الحركة الى الخطة "ب" فورا , وهي تشريعي غزة لدولة غزة , والإكتفاء بغزة كدولة لها مكوناتها وخصوصياتها وسياستها والتي تعتمد هذه الفترة على التسوية مع إسرائيل برعاية مصرية ودعم قطري ومباركة أممية .
بقلم/ أشرف صالح