لو كنت يسوع الناصري والناصري هذه نسبة إلى الناصرة والناصرة هي مدينة البشارة الفلسطينية لتنكرت لقولي من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الخد الآخر وخلعت حذائي الأكثر سوءا ولطمت به الانقسام علنا ولرددت أقوال تشرشل " إن غزا هتلر الجحيم فسأمتدح الشيطان ... على الأقل في مجلس العموم " فعظمة ما جاء به يسوع وخطاب التسامح الجميل الذي مثلته نداءاته وتعاليمه لم يحفظها أبدا فرسان المعبد أو فرسان الهيكل ودورهم في الحروب الصليبية ولم تحفظ سيوفهم أبدا تعاليم المسيح المتسامحة بل وجدوا في تعاليمه ما يدفعهم للقتل والقتال واجتياح الأرض مشرقها ومغربها وحين صاغوا نصرهم وجدت الكنائس في الأرض من يعاود ترتيل تعاليم التسامح نفسها ومن يعاود الغناء والدعوة لإدارة الخد الآخر لمن يستحق ومن لا يستحق علينا أن ندير له خد الآخر بدل خدنا الآخر.
لو أن رئيس وزراء بريطانيا تشرشل تمسك بتعاليم يسوع لكان سلم بريطانيا لهتلر قبل فرنسا ولما استطاع أن يقود شعبه إلى النصر أبدا ولا أن يوحد الشعب البريطاني خلفه رغم يأس العديد من ساسة بريطانيا في حينها ودعوتهم للتفاوض مع هتلر عبر ايطاليا الوسيط غير النزيه آنذاك ولو استمع تشرشل لنداءات أولئك اليائسين في حينها لكانت بريطانيا تفاوض على لقمة خبزها حتى اليوم ولكانت ايطاليا لا زالت تراوغ في طرح البدائل والحلول سنة بعد سنة ورئيسا بعد رئيس كما تفعل أمريكا ترامب ببلد يسوع وشعبه حتى اليوم وكما فعلت بريطانيا تشرشل نفسه في حينها, ولو أن تشرشل استسهل طريق المفاوضات مع العدو لخسر قدرته على توحيد شعبه ولو أراد أن يجعل من تعاليم يسوع خارج السياق واعتبر إدارة الخد ممكنة للعدو لصارت تعاليم يسوع لا علاقة لها بما يؤمن به البريطانيين ولذا أدرك تشرشل أن تعاليم يسوع تطال الصديق ولا تطال العدو وحين اختلف مع معارضيه اختار النزول إلى الشارع ليرى أين يقف الشعب البريطاني وماذا عليه أن يختار التفاوض مع هتلر كما أراد الساسة المنهكين أم القتال كما أراد الشارع البريطاني ولذا كانت قوة تشرشل انه أدرك أهمية ودور معارضيه فأختار أفضل الطرق لجلبهم لصفه ليقاتلوا معا هتلر ولتعيش بريطانيا, فلو كنت يسوع الناصري فلسطينيا كما كان تشرشل بريطانيا لاخترت أن آتي بكل من يعارضني لصف الحرب على الأعداء معا دون أن أفسح المجال ليصير للأعداء دروبا بيننا يصولون ويجولون كما يشاءوا.
لو كنت يسوع الناصري فلسطينيا كما كان مانديلا إفريقيا لفضلت البقاء مع سعدات والبرغوثي ويونس حبيس الأعداء حتى يلتم شمل الأهل معا ويعاودوا الحرب على الأعداء معا وتعود بلادنا وشعبنا صفا واحدا لا ينكسر ولرفضت ملاقاة الأعداء قبل ملاقاة الأهل ولاعتبرت بشارتي آتية من دعوتي لوحدة الأرض والشعب في مواجهة مغتصبينا من كل حدب وصوب.
لو كنت يسوع الناصري فلسطينيا كما كان غاندي هنديا لأضربت عن الطعام حتى الموت كي لا يموت حمساوي بيد فتحاوي ولا العكس ولأصبحت حمساويا يدافع عن فتح وحقها حتى الموت وفتحاويا يدافع عن حماس وحقها حتى الموت ولما ارتضيت وسيطا سوى أطفال مخيمات نهر البارد والرشيدية والجلزون واليرموك والنصيرات, ولا أرضا لنلقي عليها سوى القدس واحدة موحدة عاصمة لأرضها الفلسطينية مركزا للعالم ومنارة للروح لكل البشر كما هي مكانتها وكما هو واجبنا أن نحمي هذه المكانة وننشر هذا الدور ... شعب من الأنبياء مبشرين بالروح والسلام للأرض كل الأرض وللبشر كل البشر.
لو كنت يسوع الناصري الفلسطيني اللاجئ في الضفة لحملت الجليل على ظهري وسافرت إلى غزة لأدير خدي الآخر لإسماعيل هنية والسنوار والزهار وكل طفل غزي حمساوي وجهادي وفتحاوي وجبهاوي هناك ورجوته أن يسامحني لأنني نمت شبعانا حين جاعوا وسافرت لكل بقاع الأرض حين منعوا وغفوت تحت سقف دافئ حين داهمهم المطر سنينا وسنين دون سقف ودون دفء وحتى دون مطر طيب.
لو كنت يسوع الناصري اللاجئ في غزة لسافرت إلى رام الله وأدرت خدي الآخر لعباس والحمد الله وكل طفل ضفاوي تطاله كوابيس الوجع الغزي وأمسكت بيدهم وعدت إلى الناصرة لأمنع مهزلة القسمة من أن تصبح ماركة فلسطينية مسجلة حصريا لا نتقن سواها.
لو كنت يسوع الناصري الفلسطيني لطلبت من طفل من عين الحلوة أو الرشيدية أو اليرموك أن يدعونا جميعا لعشاء أخير في القدس يطالبنا فيه أن لا نلمس خبزا ولا نشرب ماء إلا إذا حضر العشاء الناصري الغزي مرورا برام الله إلى القدس كل من غابوا في الشتات والسجون فلا خبزا سيقسم ولا مقسوما سيؤكل إلا إذا كان على رأس المائدة كل الأسرى بدءا بالقلدة سعادات والبرغوثي ويونس وانتهاء بآخر أسير وكل المنشورين نفيا ولجوءا على حيطان الأرض لنقرر كيف الطريق إلينا منا لنحارب الأعداء و ننتصر أو ليكون من حق أصحاب الدعوة من الأطفال أن يدسوا السم لنا بدل الأعداء لعلهم يصوغون لهم عناوين وحدة ودروب كفاح في سبيل الحق والحرية للكل أرضا وشعب.
بقلم/ عدنان الصباح