على خلفية تسريب عقار جوده في البلدة القديمة من القدس لجمعية "العاد" الإستيطانية،وما اثاره من حالة سخط واستهجان في الشارع المقدسي كون العقار معروض للبيع منذ عام 2010 واحجمت السلطة او أي جهة فلسطينية عن شرائه،وما استتبع ذلك من تسريب البيت للمستوطنين على يد من تجردوا من كل معاني القيم والأخلاق والإنتماء ....هذا البيع للعقار أرادوا له ضرب المقدسيون في روحهم المعنوية ودفعهم للإحتراب الداخلي ،وتفكيك نسيجهم الوطني والمجتمعي وإظهار المقدسيين كتجار وسماسرة وباعة أراضي وعقارات للمستوطنين بالإضافة الى شرعنة بيع العقارات والأراضي في القدس وبالتحديد في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح للجمعيات التلمودية والتوراتية مثل "عطروت كوهونيم" و" العاد" وغيرها من الجمعيات الإستيطانية المتطرفة ...المهم تسريب هذا العقار فجر غضباً مقدسياً ضد السلطة ودورها في القدس ..وليؤدي التحرك ضد مسربي العقارات والأراضي في مدينة القدس ..الى جملة من الإعتقالات والإستدعاءات والتحقيقات مع المقدسيين على خلفية التصدي لهؤلاء المسربين ،طالت محافظ المدينة الأخ عدنان غيث،والذي منع من دخول الضفة الغربية لمدة ستة شهور،في محاولة لشطب دوره كمحافظ للقدس.....ولإمتصاص غضب ونقمة المقدسيين ووقف حالة اللغط والإشاعات في الشارع المقدسي،شكل رئيس الوزراء السيد رامي الحمد الله لجنة تحقيق وبغض النظر عن آلية تشكيلها وعضويتها في 14/10/2018 لكشف الحقائق والخروج من حالة التوهان وتوجيه الإتهامات بدون حق،في وقت كثر فيه نشر الفيديوهات والأخبار على وسائل التواصل الإجتماعي التي تتحدث عن مسربين وبائعين محتملين دون التحقق من صحة ومصداقية تلك الفيديوهات والتي تقف خلفها اكثر من جهة لتغذية الخلاف والفرقة في الشارع المقدسي وحرف الأنظار عن المتهمين الرئيسيين،ولكن حتى هذه اللحظة لم تخرج لجنة التحقيق بأية نتائج ومن غير المحتمل ان تضيف ما هو جوهري الى ما جرى معرفته،وكلما طال الوقت ولم تخرج نتائج التحقيق،كلما زادت حالة الغضب والإحباط والنقمة عند المقدسيون من السلطة والتشكيك في صحة ونزاهة المخرجات لهذه اللجنة ،ناهيك عن انه باتت قناعات عند أعداد لا بأس بها من المقدسيين بأن السلطة واللجنة المشكلة معنية بتوجيه الإتهام الى افراد او جهات لهم ولها خلافاتها/م مع السلطة ...المهم حتى اللحظة لم يصدر تقرير لجنة التحقيق ولا يعتقد مقدسيا بصدوره قريباً ...وعلى خلفية تسريب العقارات اعتقل المدعو عصام عقل عند السلطة الفلسطينية وحسب ما ورد جرت محاكمته والحكم عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة بعد إدانته بالتسريب لعقار في القدس .... وقد رفضت السلطة الفلسطينية تسليمه او الخضوع للتهديدات الإسرائيلية والأمريكية بضرورة تسليمه. .... القناعة هنا بأن أي شخص من حملة الهوية الإسرائيلية أو الجنسية الأجنبية لا يطلب من الجهة التي تمثله التدخل يبقى في سجون السلطة،ولكن في حال شكل هذا الشخص خطر على أمن ومصالح الجهة المشغلة له،فهي لن تتوانى عن التدخل لصالحه والمطالبة بإطلاق سراحه ...وحسب ما هو متوفر مارست اسرائيل والإدارة الأمريكية ضغوطاً كبيرة على السلطة من اجل إطلاق سراحه ....وعدم تسليمه والحكم عليه اعطى انطباعاً بان السلطة لن تقوم بتسليمه،وخاصة بانه لا توجد اتفاقيات تسليم مجرمين او حتى متعاونين بين السلطة والحكومة الأمريكية ...وهذا التسليم اثار تساؤلات عند المقدسيين خاصة وشعبنا الفلسطيني عامة ....لماذا جرى تسليمه...؟؟ وهل ما جرى نتيجة صفقة فلسطينية – أمريكية- اسرائيلية ...؟؟ام خضوع للضغوط والإبتزاز الإسرائيلي - الأمريكي..؟؟؟ ولماذا جرت محاكمته اذا كان سيجري تسليمه للأمريكان ..؟؟؟ وهل تسليمه مرتبط بطي الصفحة وعدم تقديمه معلومات عن أشخاص شاركوا بالتحقيق معه من الجانب الفلسطيني،قد تقدم اسرائيل على اعتقالهم ..؟؟ أو ربما يدلي بمعلومات تغير من نتائج التحقيق ..؟؟كل هذا التساؤلات مشروعة ...ولكن ما أقدمت عليه السلطة من تسليم له،يحسب عليها لا لها.
وهناك سؤال آخر في غاية الأهمية،بأن محافظ القدس الأخ عدنان غيث، ما تعرض له من الإعتقال المتكرر والحبس المنزلي والمنع من دخول الضفة الغربية لمدة ستة شهور،مرتبط بإتهامات وجهتها له المخابرات الإسرائيلية، بأن له علاقة في التحقيقات التي جرت في قضية تسريب العقارات في القدس،ومع تسليم السلطة للمدعو عصام عقل للأمريكان،،فهل هذا التسليم سينعكس على موقف إسرائيل من استمرار ملاحقة المحافظ واستهداف المحافظة!! وهل سيجري تخفيف القيود على حركة المحافظ وعمله بعد الأفراج عن عقل، خاصة وأن هذه القيود والملاحقات للمحافظ كان محركها ودافعها سياسي أكثر منه أمني ...؟؟؟.
اليوم رئيس الوزرا ء ومن بعد تسليم المدعو عصام عقل لأمريكا،بات من الملح والضروري أن يعلن بشكل واضح،بأنه سيتم اعلان نتائج التحقيق للجنة المشكلة بشكل علني وشفاف،او ان يقول بان الظروف المؤاتية لا تسمح بنشر نتائج تلك اللجنة،لكون تلك النتائج من شانها ان تضر بالأمن الفلسطيني او ان اللجنة المشكلة لم تستكمل تحقيقاتها بعد،وتفحص القضية من كل جوانبها،وعند انتهاء عملها ستعلن نتائج تحقيقاتها.
نحن نتفهم الظروف والتعقيدات المحيطة بالقضية،ونفهم بان الاحتلال وأجهزة مخابراته،وجهت رسائل امنية وسياسية عبر الإجراءات والممارسات والأعمال التي قامت بها،من خلال اقتحام الوزارة ومحافظة شؤون القدس،والعبث والتخريب ومصادرة الأجهزة والملفات وغيرها،وحملة الإعتقال والتحقيقات التي طالت عشرات المقدسيين في مقدمتهم المحافظ ووزير شؤون القدس،فالرسائل التي أراد تمريرها الاحتلال واضحة،بانه لا سيادة على القدس إلا لدولة الاحتلال،وبان القدس من بعد قرار ترامب،ليست القدس ما قبل قراره،وهي لن تسمح بأي شكل من أشكال السيادة الفلسطينية عليها،وبانه لا حصانة لوزير او محافظ او أي قائد فلسطيني،فيما يتعلق بأمن دولة الاحتلال في المدينة ،وبان المس بمنظومة امن إسرائيل،والتي تعتبر بان من يعملون على بيع وتسريب العقارات والأراضي المقدسية جزء منها، يستدعي إجراءات إسرائيلية عقابية مشددة ضد من يقوم بذلك.
ولكن رغم كل ذلك فنحن نرى بان من حق الإنسان الفلسطيني عامة والمقدسي خاصة،ان يحصل على اجابات شافية حول عمل ونتائج لجنة التحقيق ،لأن ذلك ينعكس عليه بشكل مباشر،وعلى درجة الثقة بالسلطة وأجهزتها،وخصوصاً بان عمليات التسريب السابقة،لم يكن فيها مساءلات ومحاسبة جدية وحقيقة،وبما شجع على الوصول الى ما آلت اليه الأوضاع.
بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة
19/1/2019
[email protected]