يقول رئيس سلطة الحكم الذاتي المحدود , بأنه يعمل من أجل مستقبل شباب " إسرائيل " , ومن أجل أن يعيشوا بأمن واستقرار في المنطقة , يشكل هذا الحديث إعترافاً صريحاً بأن عباس يعمل على عكس تطلعات وأهداف شعبنا الفلسطيني في إستعادة أرضه المحتلة , بهذا الكلام يقر عباس بمشروعية كافة الجرائم التي إرتكبتها عصابات الإستيطان الصهيوني ضد شعبنا لتهجيره والإستيلاء على أرضه , فما أقدم عليه قادة العدو (بن غوريون ,ومناحيم بغين ,موشي ديان, جولد مائير) , وعصاباتهم المجرمة (الهاجاناه, الإرجون, شتيرن وغيرها ) , من جرائم فظيعة كان هدفها توطين الصهاينة القادمين من أصقاع الأرض في فلسطين , وتوفير الأمن لهم على قاعدة من الجماجم والجثث الفلسطينية , فالإرهاب الصهيوني وسيلة لترهيب شعبنا , وزرع الرعب في نفوس الفلسطينيين وجعلهم يهربون للنجاة من القتل والإغتصاب , وتوفير الأمان لقطعان الإستيطان من أجل ضمان إستقرارهم وبقائهم على أرضنا والتنعم بخيراتها وثرواتها .
جاء كلام عباس خلال إفتتاح منتدى "الحرية والسلام" بمشاركة صهيونية في مدينة رام الله المحتلة , يوم الأربعاء 6-2-2019م , تلك المدينة التي تتوغل فيها دوريات الإحتلال ليلاً ونهارا من أجل إعتقال الشباب الفلسطيني الذي فقد الأمن والأمان وفقد المدافع والنصير في الضفة المحتلة , بعد أن كبلت أجهزة أمن عباس يد المقاومة وحاصرتها وطاردتها وقمعتها في مدن وقرى الضفة المحتلة , وهذا ما زاد من جرائم وعربدة المستوطنين في قرى الضفة , وآخرها جريمة قتل الشهيد حمدي النعسان وإصابة العشرات برصاص المستوطنين في قرية المغير شمال رام الله , حيث لم يعد الفلسطيني يشعر بالأمن والأمان في الضفة المحتلة حيث يعيش ما بين مطرقة الإحتلال ومستوطنيه وسندان أجهزة قمع المقاومة.
خلال مزاد علني يحدث البيع لقضية اللاجئين في تساوق مفضوح مع رؤية ترامب وصفقته , لا نريد إغراق " إسرائيل " بخمسة ملايين من اللاجئين , لا نريد تغيير الطبيعة الإجتماعية في "إسرائيل" هذا ما كشفه عنه السيد عباس خلال كملته في ذلك المنتدى , والحل الذي يؤمن به عباس وفريقه هو التعويض والتوطين وعودة جزء يسير من اللاجئين إلى الضفة وغزة كإجراء شكلي وتعبيري عن عودة اللاجئين من أجل إغلاق القضية وإلى الأبد كما يعتقد , وهذا بكل تأكيد تنفيذاً لصفقة القرن !.
ينبذ عباس كافة أعمال المقاومة ويتناقض بذلك مع التاريخ الفلسطيني المقاوم ,وينسلخ عن الإرث الوطني للثورة الفلسطينية التي في ذكراها إتهم الآخرين بأنهم "جواسيس" , فمن هو الجاسوس ؟ هل من يحافظ على فلسطين الوطن والهوية ولا يتنازل أو يفرط عن شبر واحد منها ؟ أم هو الذي يقدمها بالإعتراف حلال زلال على شذاذ الآفاق ؟! أم هو الذي يؤكد على حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها بفعل الإرهاب الصهيوني , أم من يعلن إستعداده للتفاوض على قضية اللاجئين, بعد أن تركهم لعقود بين الضياع والحرمان في مخيمات اللجوء .
وصف عباس خلال المنتدى المذكور المقاومة ضد الإحتلال ومستوطنيه بمصطلح " الإرهاب " وبصريح العبارة أكد عباس للصهاينة الحاضرين في منتدى الخسة والنذالة لا الحرية والسلام , بأن من يقاوم وجودكم على أرض فلسطين هو "إرهابي" فأنتم أيها المحتلين في عرف عباس , جيران تنعموا بالأرض جبالاً وسهولا , وأطعموا صغاركم من خيرات الأشجار زيتونا وتين وعنبا التي زرعها أجداد الفلسطيني المشرد , وإستجموا على شواطئ البحار والأنهار , فالأمن والأمان لكم أيها الصهاينة , وللفلسطيني القيد والسجن والملاحقة , ويبشرهم عباس بصدق أقواله بالكشف عن توقيعه (83) إتفاقية مع دولة أوربية وأسيوية من أجل محاربة الإرهاب والإرهابيين , فهو جاد جداً في محاربة الإرهاب والحصول على شهادة شريك مخلص, وكل ما يتمناه أن يمنحه الفائز في إنتخابات المستوطنة الكبيرة " إسرائيل" دولة يمارسها من خلالها دوره في حفظ الأمن والإستقرار الدولي وتوفير الأمان للصهاينة في أرض فلسطين , لذا يأمل عباس أن تفرز الانتخابات المقبلة من يؤمن بـ "السلام" , ويستمر الوهم ! أهي بالفعل أوهام أم لعبة يشترك فيها حاكم المقاطعة لتمرير صفقة القرن الأمريكية ؟ .
بقلم : جبريل عوده*
كاتب وباحث فلسطيني
7-2-2019م