يبدأ الحوار الغير رسمي في موسكو اليوم بينما تنشغل الساحة السياسية في الاسابيع الاخيرة بالازمة الكبرى التى قد تعصف بالنظام السياسي الفلسطيني برمته نتيجة الوضع القائم حاليا الذي أفضى الى استقالة حكومة الوفاق الوطني وقبول الاستقالة مما يعني تحولها لحكومة تصريف اعمال مما ادخلنا في طريق محفوف بالمخاطر خاصة وان. حكومة الوفاق الوطني كانت قد تشكلت بناء على تفاهمات الشاطيء بين وفد من م ت ف وحركة حماس ومن المؤكد ان اعادة تشكيل حكومة شبيهة قد يكون مستحيلا في ظروفنا الحالية
لم تستطيع حكومة الدكتور رامي الحمدالله من انجاز ما أوكل لها من مهمات فلم توحد مؤسسات الوطن ولم تعالج مشكلة الموظفين العموميين في قطاع غزة ولم تعيد إعمار قطاع غزة ولم تنجح بالأخص في التحضير لانتخابات وطنية شاملة تنفيذا لاتفاق القاهرة ٢٠١١
صحيح ان الحكومة واجهت كثير من الصعوبات سواء عدوان ٢٠١٤ على غزة او عدم انتظار موظفي غزة لقرارات اللجنة الإدارية القانونية وإنشاء حركة حماس لجنة ادارية بديلا عن حكومة الوفاق الوطني وباختصار لم تمكن ولم تتمكن ان تعمل الحكومة في القطاع كما يجب ان يكون لها من سلطات وصلاحيات
رغم كل ما سبق مضافا اليه سياسات الحكومة من قطع الرواتب وتقليص الخدمات عن قطاع غزة وممارساتها التى مست حقوق المواطن في التعبير والتجمع السلمي وانتهكت حسب التقارير الدولية حقوق الانسان بشكل جسيم وأدت سياساتها الاقتصادية والاجتماعية الى حالة رفض مستمر لها بل صدام حقيقي مثلما حدث في التظاهرات المطالبة بوقف قانون الضمان الاجتماعي
رغم ذلك كله فان مسمى حكومة الوفاق الوطني رغم التغييرات التى اجريت على تركيبتها دون توافق قدم حماية لها بل ربما شكل طوَّق نجاة لها من سقوط مبكّر منذ الأشهر الاولى وذلك لانها تحظي بشرعية التوافق وهذا بحد ذاته مسوغ لبقائها لا يجب ان يفرط فيه لان البديل هو انشاء حكومة جديدة قد يكون صعبا ان لم يكن مستحيلا إنشائها بتوافق وطني جديد بل ربما حتى بتوافق فصائلي محدود
فقد اعلنت حركة فتح بدء مشاورات لتشكيل حكومة فصائلية ولكن اغلب الفصائل التي اعلنت عن مواقفها حتى الان اكدت انها لن تشارك في هذه الحكومة وبالتالي استبدال حكومة وفاق وطني واسعة بحكومة ضيقة امر غير منطقي خاصة وان الفصائل جميعها حتى من وافق منها على المشاركة لم يكن راضيا عن هذا التغيير الحكومي بل ذهب مضطرا بفعل تحالفات صعب الانفكاك منها الان
ان اقالة حكوم الوفاق خطوة اولى في طريق محفوف بالمخاطر واولها خطر انشاء جسم اداري مختلف في قطاع غزة مما يعني الانفصال الفعلي للقطاع عن باقي الارض الفلسطينية وهذا بحد ذاته خطر عظيم علي المشروع الوطني باكملة اضافة لكثير من المخاطر الاخرى
ان الحل الان في غياب فرص حقيقية لإنهاء الانقسام هو ابقاء الحال على ما هو عليه وعدم الذهاب الي خطوات احادية الجانب من شأنها ارباك النظام السياسي وخلق ذرائع للآخرين لدفع غزة نحو الانفصال وايضاً خلق صدام بين حاجات الناس وقدرات الحكومة
ان معالجة الواقع يمكن ان يكون باستمرار عمل الحكومة المستقيلة كحكومة تسيير اعمال كما كانت سابقا فوظيفتها لم تتعدى ذلك منذ تشكيلها وان نعطي لحوار جاد ومسئول وشامل الفرصة لمعالجة الازمة الوطنية برمتها واعادة بناء النظام السياسي بما يضمن تنفيذ قرارات المجلس المركزي بتجاوز مرحلة اتفاق اوسلو والتأسيس لدولة فلسطين إعمالا لقرارات الامم المتحدة برفع مكانة فلسطين الى دولة عضو بالأمم المتحدة
ان الحوار الغير رسمي الذي بدأ اليوم في موسكو يمكن ان يكون بداية لحوار جدي وحقيقي يؤدي الى اعادة القطار الى سكة المصالحة والتقدم باتجاه انهاء الانقسام وانجاز الوحدة الوطنية عبر تنفيذ كافة الإتفاقات الموقعة دون زيادة او نقصان فتكلفة انجاز المصالحة اقل بكثير من تكلفة استمرار الانقسام
ان تحقيق المصالحة واعادة بناء النظام السياسي على قاعدة الشراكة وتوحيد القرار والفعل الفلسطيني في مواجهة للاحتلال مطلب للكل الفلسطيني وحلما يراودنا كل يوم ونؤمن ان تحقيق هذا الحلم ما زال ممكنا ان خلصت النوايا وحسن العمل
د. وجيه أبو ظريفة
• استاذ العلوم السياسية الكاتب والمحلل السياسي