مرام عطية شاعرة سورية بالفطرة، ومبدعة متألقة غزيرة النتاج، تشكل الكتابة لها سحر روحاني خاص يتملكها في أي لحظة، وتكتب نصها بإتقان وبراعة .
هي من مدينة حمص، حاصلة على ماجستير لغة عربية من جامعة البعث السورية، تعمل في حقل التدريس، نشرت كتاباتها الشعرية وخواطرها النثرية ودراساتها الأدبية في المجلات والصحف السورية والعربية والمواقع الالكترونية. ولها ثلاث دواوين ناجزة.
في نصوصها تعبّر مرام عطية عن لواعج نفسها وعواطفها الحزينة الباكية المتألمة، بلغة جميلة عميقة بعيدة عن المباشرة والتسطيح، تدل على مخزون ثقافي ومعرفي وفير. وهي نصوص حسية وروحية وعشقية ووطنية وجدانية فيها الايقاع الشديد المدوي. تغني للحب والوطن والطبيعة الساحرة وللإنسان، وتجسد مشاعر الحب والشوق والحنين بين العاشقين، وتكتب عن مدينتها التي عصف بها الخراب والموت والضياع والنفي والرحيل والغربة، وتنثال كالمطر من سحابات الالهام الخصبة.
وبين معزوفة ومعزوفة، وبين ترنيمة من ترانيم العشق، تبرز وتتبدى ملامح الوطن السوري الذي تعانقه بوجدانها وبكل حب، وتبكي على جراحاته.
مرام عطية تمتاز بإحساسها العالي، وقدرتها على تطويع اللغة بمنتهى البساطة لترسم أدق المشاعر. وفي قصائدها تقدم رسائل انسانية تعبر عن ذاتها وعن واقع تعايشه وتحفر في روحها عميقًا، وهي بمثابة رحلة غنية في عوالم الحب والوطن والانسان والمجتمع .
وغني عن القول، نصوصها مكثفة، جزلة، زاهية مع كل ما يعتمل في الصدر والخوالج من حزن وألم وفرح ومشاعر عشقية حنينيه ووجع على وطن مجروح.
لنقرأ هذه القصيدة العاطفية البوحية في منتهى الرومانسية والروعة، التي تفيض وتنبض بأحاسيس العاشقين والمحبين، الحافلة بالعذوبة الناعمة، والنبرة الهادئة، فتقول:
هول عينيك
سهولُ عينيكَ الغارقاتِ
في السحرِ
وغاباتِ رمشكَ المثقلاتُ بالثمرِ
ترغماني كلَّ ليلٍ في السهرِ
تأخذاني لأقاليمَ بعيدةْ
تلهثانِ في بحاري
تنقبانِ في مخابئ خلجاني
بحثاً عن دررٍ فريدةْ
عن جزرٍ من مرجان
أو موسوعةِ عشقٍ جديدةْ
الشوقُ فيها كالشلالِ
والحبُّ أيقونةٌ مجيدةْ
موسوعةٌ مدادها الزهرُ
ألوانها الفرحُ
والوفاء عطرها السرمديُّ
أرهقتني خطاها
لم يرقَ إليها قصيدي
فأينَ ابتسامتكَ
لأبلغَ جزيرتي
وأينَ شراعكَ
لأصلَ مدينةَ
حلمي السعيدةَ
مرام عطية شاعرة ايحائية، رحبة الخيال، رائعة التصوير، باذخة الحروف والكلمات، تجمع بين الواقعية والرومانسية، تنساب في نصها العاطفة الجياشة من نفسها انسيابًا يغلفه الألم ويحييه الامل، ولغتها الشعرية تعتمد على التصوير والمجاز والايحاء العميق، واستخدام البلاغة كالاستعارات والمجاز والسجع والتشبيه، وتزخر نصوصها برشاقة الألفاظ والمعاني والسلاسة والجمال بقالبها وايقاعها العذب وجرسها الموسيقي النغمي.
مرام عطية شاعرة تكتب التاريخ بالأخضر، تختصر بالحب مساحات الزمن المزروعة بأنغام الشجن، وتمحو ظلام الليالي برسالات السماء، بردى يسقيها ما الجمال، ويسرح شعرها الكستنائي على ضفاف العاصي.
مرام عطية تحية من القلب لك، أحييك، واصلي المشوار، والمستقبل امامك، فقد كتبت فأجدت، وحفرت اسمك بماء بردى وعبق ياسمين الشام، على صخرة الابداع، وتمنياتي لك بالتوفيق، وبالمزيد من العطاء والانتاج.
بقلم: شاكر فريد حسن