يسعى الإحتلال للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك , وإقامة الهيكل المزعوم في إطار صناعة الرمزية الدينية للتواجد الصهيوني في فلسطين , لأجل ذلك ينفذ الإحتلال خطة تصاعدية مهمتها فرض التواجد اليهودي في المسجد الأقصى أو أجزاء منه وإقامة الطقوس التلمودية , لغرض إستكمال مشهد العاصمة اليهودية .
مخططات القرصنة والتهويد ,ضد المسجد الأقصى قديمة حديثة ,ولكنها زادت بعد قرار الرئيس الأمريكي ترامب , بإعلان مدينة القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني ,وما رافق ذلك من صمت مطبق على العواصم العربية , شجع الإحتلال بالإستمرار في تهويد المدينة المقدسة , وإجراءات التقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك , عبر محاولة إيجاد مكان داخل الأقصى يمكن لليهود أداء طقوسهم فيه , مما يشكل عدوان سافر على مقدسات المسلمين ومحاولة تهويدها بالقوة , ويتنافى مع حرية العبادة وحماية أماكن العبادة وإحترامها, كما تنص بذلك كافة القوانين والأعراف الدولية .
ومن ضمن محفزات مواصلة الإحتلال لمخططات إستهداف المسجد الأقصى, تراجع الموقف العربي الرسمي في إسناد ودعم القضية الفلسطينية , وتضاءل الإهتمام الشعبي العربي والإسلامي بسبب الإنشغال بالأزمات الطاحنة التي تعيشها المنطقة , بعد قمع الربيع العربي وسيطرة الثورة المضادة ذات التوجه السياسي التطبيعي مع الإحتلال , ومحاولتها سحب القضية الفلسطينية من قمة القضايا القومية والإسلامية, التي تؤمن بها الشعوب وتوليها أهمية كبيرة وتتفاعل معها من منطلق عقائدي وقومي, حيث نلاحظ برامج إعلامية ممولة تستهدف ثوابت القضية الفلسطينية وتشرعن للاحتلال , وتدافع عن حق مزعوم له في القتل والإرهاب , وتقلل من خطورة التطبيع مع كيان الإحتلال على وحدة وأمن الأمة العربية والإسلامية , بل وتحاول تمرير الإعتراف بالكيان الصهيوني كدولة شرق أوسطية ,تقام معها علاقات دبلوماسية وتعاونية في قضايا متعددة كما حاول مؤتمر وارسو مؤخراً الترويج لذلك .
معلوم أن الإحتلال يعمل على التقسيم الزماني في المسجد الأقصى ,عبر تنظيم عمليات الإقتحام اليومية التي ينفذها الصهاينة للأقصى , بحماية وحراسة قوات الإحتلال ويشارك فيها أعضاء كنيست ووزراء في حكومة الإحتلال تشجيعاً للمستوطنين من أجل مواصلة حملات التدنيس اليومية للأقصى وإقامة الصلوات فيه , ولعل الإحتلال في تنظيمه وحراسته للإقتحامات اليومية , ولعل من متطلبات مواجهة ذلك صدور قرار واضح وصريح من الأوقاف الأردنية التي تشرف على المسجد الأقصى بأن المسجد الأقصى خالص للمسلمين وهو مكان للعبادة فقط وغير مفتوحة لأي جولات سياحية , وإعلان هكذا قرار يحصن المسجد الأقصى من أي إعتداء أو تدنيس , وإن تم هذا الإعتداء وهو المتوقع سيكون تم بقوة البطش والعربدة , ويمثل إعتداءاً على مقدسات المسلمين , يتطلب موقفاً واضحاً رسمياً وشعبياً من عموم الأمة ومن المملكة الأردنية على وجه الخصوص.
فلسطينياً نحن المرابطين في بيت المقدس وأكنافه , نحن الحراس للأقصى بالدماء والأرواح , يجب أن لا يمر مخطط تقسيم الأقصى ولو على أجسادنا , ما حدث من إغلاق باب الرحمة بالسلاسل الحديدية , يأتي تمهيداً لجعله الباب الرسمي للدخول التدنيسي وحملات العربدة الصهيونية داخل الأقصى , وسعياً لجعل المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى مرتعاً لهرطقاتهم ومسرحا لأضغاث أحلامهم , فيجب علينا الإحتشاد والتواجد في المسجد الأقصى والمرابطة فيه , وتكثيف التواجد في المنطقة الشرقية للأقصى , ويقع واجباً على أهلنا البواسل في ضواحي وبلدات القدس المحتلة , وأهل الفزعة في الجليل والنقب والمثلث , التواجد اليومي عبر برنامج رباط لا ينقطع في باحات المسجد الأقصى المبارك , كما يجب على شعبنا وفصائله وقواه المجتمعية الحية والأطر الطلابية والنقابات المتنوعة في الضفة المحتلة , إشعال إنتفاضة القدس ضد الإحتلال ومستوطنيه , كما يتطلب من أهل الصمود في غزة المحاصرة تفعيل حراكهم الثوري في مسيرات العودة من أجل تفاعل أوسع مع أحداث المسجد الأقصى , وعلى أهلنا في مخيمات اللجوء والشتات , إقامة الإعتصامات والفعاليات الجماهيرية بالتنسيق والمشاركة مع المؤسسات والأحزاب العربية والعالمية المناصرة لشعبنا من أجل إيصال صرخة الأقصى إلى كل العالم , وليكتمل المشهد الفلسطيني المنتفض من أجل الأقصى , فمن يقترب بالأذى والسوء من المسجد الأقصى سيلاحقه الغضب الفلسطيني.
لقد هزم شعبنا الفلسطيني مؤامرة الكاميرات على أبواب الأقصى المبارك , وإنتصرت الجماهير الفلسطينية التي إحتشدت على بوابات الأقصى في كل صلاة , وأربكت حسابات الإحتلال حيث تحولت القدس إلى شعلة ثورية ترفض الإحتلال وإجراءات التهويدية , فتحطمت البوابات الإلكترونية أمام صمود أبنا شعبنا في القدس في صيف 2017م , وسينتصر شعبنا في معركة الأقصى فالإرداة الفلسطينية والإيمان المطلق والعزيمة الوطنية لشعبنا , ستهزم العنجهية الصهيونية , وشعبنا لن يترك الأقصى نهباً لأنياب التهويد وأطماع الحاخامات ..
بقلم : جبريل عوده*
كاتب وباحث فلسطيني
18-2-2019م