عدد شهداء الحركة الأسيرة (219) شهيداً، منهم (60) جراء «الإهمال الطبي» و(78) نتيجة القتل العمد و(74) نتيجة التعذيب و(7) بإطلاق النار صوبهم، فيما عدد الأسرى المرضى في السجون (750) أسيرا وأسيرة
■لا يقتصر القتل والتعذيب الإسرائيلي للأسير الفلسطيني خلال فترة التحقيق فقط، بل يتواصل معه طوال فترة محكوميته عبر سياسة «الإهمال الطبي» المتعمد. وتواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تجاهل حقوق الأسرى دون الاكتراث للأعراف والقوانين الدولية، مما أدى إلى تفشي الأمراض المزمنة في صفوفهم واستشهاد (219) أسيراً فلسطينياً، بينهم (60) أسيراً استشهدوا جراء سياسة «الإهمال الطبي» المتعمد، بينما الآخرين أثناء التعذيب والتحقيق معهم.
واستشهد الأسير ياسر اشتية في (8/2/2019) داخل سجون الاحتلال في ظروف غامضة، كما استشهد الأسير فارس بارود في (6/2/2019) جراء «الإهمال الطبي» المتعمد، والذي أمضى 28 عاماً في سجون الاحتلال، ويُعد من قدامى الأسرى ومن أسرى الدفعة الرابعة، تعهدت حكومة الاحتلال عدم إطلاق سراحه وتقديم العلاج له.
4 مستويات لـ«الإهمال الطبي»
من جهته، أكد مدير مركز الأسرى للدراسات رأفت حمدونة، أن «الإهمال الطبي» ترافق الأسرى منذ تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة، ما أدى إلى استشهاد (219) أسيراً جراء «الإهمال الطبي» والتعذيب والقتل المتعمد.
وأوضح حمدونة أن «الإهمال الطبي» يندرج ضمن أربع مستويات، تكمن بأن إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لا تقدم العلاج الملائم للوضع الصحي للأسرى لغياب التشخيص السليم، حيث اتهمت عضو الكنيست عن حزب العمل الإسرائيلي داليا ايتسيك الحكومة الإسرائيلية بتجريب الأدوية على الأسرى الفلسطينيين.
وقال مدير مركز الأسرى، «لا يوجد فحص طبي مخبري على الإطلاق للأسرى داخل السجون طول فترة اعتقالهم وحتى الإفراج عنهم، مما يؤدي إلى إصابة الكثير من الأسرى بعدة أمراض مزمنة تفاقم وضعهم الصحي، وتعرض حياة الكثير منهم لجلطات، وربما تدفع للوفاة، كون الأسير لا يعلم المرض الذي يعاني منه». مضيفاً: «أما المستوى الثالث
يكمن في أن الاحتلال لا يسمح لوزارة الصحة الفلسطينية إدخال أدوات للفحص الطبي للأسرى في السجون الإسرائيلية».
وبين حمدونة أن المستوى الرابع، يتمثل في تأجيل العمليات الجراحية للأسرى والتي تمتد لسنوات، مما يفاقم وضعهم الصحي، ويعرض حياتهم للخطر وقد تؤدي إلى الوفاة.
وقال حمدونة: إن «أطباء الأسرى عسكريون يتعاملون مع الأسير أنه «مخرب»، فيما الأسير ينظر إلى الطبيب أنه سجان، لانعدام الثقة بينهما لغياب الإنسانية من الطبيب السجان تجاه الأسير المريض».
ونوه المختص في شؤون الأسرى إلى أن الحكومة الإسرائيلية وأعضاء الكنيست يتنافسون فيما بينهما في سن قوانين للتضييق على الأسرى وحرمانهم من حقوقهم. داعياً لدعم الأسرى إعلامياً وجماهيرياً وقانونياً أمام المحاولات الإسرائيلية الحثيثة لتشويه نضالات الأسرى.
إرهاب.. معاقبة
بدوره، يرى مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية «حريات» حلمي الأعرج، أن «الإهمال الطبي» يستهدف حياة الأسرى، في الوقت الذي تواصل إدارة السجون رفض تقديم العلاج اللازم للأسرى المرضى أو إجراء الفحوصات الطبية الدورية لكافة الأسرى والأسيرات، مما يؤدي لاكتشاف أمراض خطيرة بعد فترة طويلة يصعب علاجها.
وشدد الأعرج على أن الاحتلال يسعى من وراء «الإهمال الطبي» لإرهاب الأسرى ومعاقبتهم، مما تدفع بحياة العشرات من الأسرى المرضى نحو الموت البطيء.
وقال مدير «حريات»: إن «عدد الأسرى الشهداء جراء «الإهمال الطبي» (60) أسيراً، آخرهم الشهيد فارس بارود، فيما عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال يتجاوز (750) أسيرا وأسيرة، منهم نحو (170) حالة مرضية صعبة بينها (16) مريضاً مصاباً بالسرطان، فيما العشرات يعانون من إعاقات حركية وشلل وأمراض الكبد الوبائي والفشل الكلوي والقلب وأمراض أخرى، ونحو (87) أسيراً وأسيرة مصابون بالرصاص الحي وهم جرحى انتفاضة الشباب عام 2015».
وأضاف: أن «هناك قرار من منظمة الصحة العالمية في عام 2010 يطالب حكومة الاحتلال بتقديم العلاج اللازم للأسرى وإطلاق سراح الحالات المرضية الصعبة، وهذا القرار لم تلتزم به حكومة الاحتلال وتعمل ضده».
استقبال شهداء جدد
وطالب الأعرج بحماية الأسرى وخاصة المرضى منهم، بتضافر الجهود على المستوى الدولي لفضح ومحاسبة الاحتلال الذي يواصل سياسة الإعدام والقتل البطيء، وتوصيل العلاج اللازم للأسرى، والإفراج عن بعضهم حتى لا يواجهوا نفس مصير زملائهم من الأسرى المرضى.
ودعا إلى التحرك نحو منظمة الصحة العالمية والصليب الأحمر الدولي والأمين العام للأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية والمؤسسات الحقوقية الدولية الأخرى، حيث اتفاقيات جنيف وخاصة الرابعة منها التي تشير العديد من موادها لإلزام الدولة القائمة بالاحتلال بتوفير الحماية للمدنيين تحت الاحتلال، وخاصة الأسرى منهم بتقديم العلاج اللازم وإطلاق سراح الحالات المرضية الصعبة.
وأضاف الأعرج أن «على المجتمع الدولي، والدول الموقعة على اتفاقيات جنيف، الدفاع عن نصوص الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الإنسان، وفق ما التزمت به للقيام بهذا الدور». موضحاً أنه «لا يمكن الاكتفاء ببيانات الإدانة والاستنكار، وانتظار استقبال شهداء جدد، بل يجب الانتصار لقضيتهم بالضغط على حكومة الاحتلال عبر الرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية لإلزامها بالقانون الدولي الإنساني».
ومن ناحيته، قال رئيس هيئة شؤون الأسرى قدري أبو بكر، إن «الإهمال الطبي سلاح بيد الاحتلال داخل السجون، وسياسة معدة مسبقاً لقتل الأسرى جسدياً ونفسياً وزرع الأمراض داخل أجسادهم».
وأوضح أبو بكر، أن معظم الأسرى المرضى يعيشون مع أوجاعهم ودون وجود أي علاج مناسب لهم، فيما تكتفي إدارة السجون بمنحهم بعض المسكنات «الأكامول»، بينما ينقل الأسرى من ذوي الأمراض الخطيرة إلى عيادات غير مؤهلة غالبًا ما تكون عيادة سجن الرملة.
وتشير إحصائيات مؤسسة الضمير إلى أن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ العام 1967 ارتفع إلى (219)، بينهم: (78) نتيجة القتل العمد، (7) معتقلين استشهدوا داخل السجون والمعتقلات نتيجة إطلاق النار عليهم مباشرة، (60) أسيراً قد استشهدوا نتيجة «الإهمال الطبي»، و(74) نتيجة التعذيب.
ويقبع في سجون الاحتلال أكثر من ستة آلاف أسير وأسيرة في ظروف صعبة داخل نحو (22) سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف إسرائيلي، بينهم (250) طفلاً و (49) أسيرة، ومن بين الأسرى (294) أسيراً من قطاع غزة يقضي (26) منهم أحكاماً مؤبدة، تتعامل معهم
سلطات الاحتلال بشتى الوسائل والطرق غير القانونية، من خلال التحقيق معهم واحتجازهم في أماكن لا تتوفر فيها أدنى الحقوق الأساسية للإنسان وما يحفظ له حقه وكرامته.■
ملاحظة: نشرت في مجلة الحرية العدد 1714
بقلم/ وسام زغبر