إنقسام ..

بقلم: أشرف صالح

 كانت أحداث أمس مخيفة جداً رغم أنني كنت أتوقعها , وكما كان الجميع يتوقعها , ولكن التوقع كان نظرياً وليس كما رأيناه بالأمس , كادت الأمور تتطور الى حرب أهلية بين أفراد الشعب الواحد , حيث كان الإنقسام بالأمس يجوب شوارع غزة والضفة بين مؤيد ومعارض , بين إخترناك وأرحل , بين الأشقاء والأقارب والجيران , بين الأطفال والشباب والشيوخ والنساء , وكانت الشتائم تتربع على عرش مواقع التواصل الإجتماعي , وكانت البيانات والتصريحات تنهال على وسائل الإعلام وكأننا في يوم الفتح العظيم ..

الخوف ليس من ضياع الوطن والقضية والثوابت فحسب , إنما الخوف هو من إهدار الدماء والأعراض , وإستباحة وإستهداف كلاً للآخر نتيجة التحزب والتعصب الأعمى , فمن المؤكد أن أحداث الأمس فيما لو إستمرت ستقودنا الى حرب أهلية مؤكدة , وهذا يتطلب وقفة جادة وحاسمة من الجميع , وخاصة من الذين تسببو في هذا الإنقسام , وهم صناع القرار , فأنا لا أستثني أحداً منهم سواء من كان على خطأ أو على صواب , فهذا ليس أساس موضوعنا , فالأساس في الموضوع هو حقن دماء الناس .

الجميع وشم نفسه بعار الإنقسام , ولكن ليس الجميع قادر على إزالة هذا الوشم , لأنه ليس الجميع صانع قرار , ومن هنا فإن من يتحمل مسؤولية الإنقسام ومطالب بإزالته , هي الأحزاب السياسية والتي باتت تستخدم الشعب وقوداً لنارها , وفي هذا الحدث تحديداً فإن المسؤولية تقع على حركة حماس لأنها صاحبة الدعوة لخروج الشعب في الأساس , وهذا ما أكدت عليه الفصائل والقوى الوطنية بالأمس .

من باب الإنصاف فأنا أقدر موقف السيد إسماعيل هنية عندما دعا من القاهرة الرئيس أبو مازن للجلوس معه مباشراً , أو أن يأتي الى غزة , وأنا مع أن يأتي الرئيس الى غزة ليجلس مع حماس ويزيل وشم الإنقسام , ولكن دعوات هنية تتزامن مع دعوات بحر , وتشكل حالة تناقض واضحة , فهنية يدعو أبو مازن الى غزة أو القاهرة بصفته رئيس للبلاد , وبحر ينزع صفة الرئيس عنه ويدعو الشعب للخروج ضده في مسيرات , ما هذا التناقض الغريب ؟!

برأيي أنه يجب على الرئيس أبو مازن أن يستثمر دعوات هنية له , وأن يأتي الى غزة ويزيل وشم الإنقسام , ودون ذلك لا يمكن لأي أحد مهماً كان أن يزيل هذا الوشم , لأننا خضنا طويلاً في تجربة الوسيط بلا جدوى , فجميع الدول العربية حاولت في ملف الإنقسام , وحتى روسيا مؤخراً , فإزالة وشم الإنقسام أصبح أمراً ضرورياً وملحاً لحقن الدماء وتجنب الحرب الأهلية .

بقلم/ أشرف صالح