هناك قضايا ذات طابع جوهري على الصعيد الفلسطيني قد تدفع بالأمور نحو الإنفجار الشامل في ظل حالة تصعيد اسرائيلي غير مسبوقه تحركها نزعة صهيونية متطرفة مرتبطة بقرب موعد الإنتخابات الإسرائيلية وإستثمار الأحزاب الصهيونية في هذه الإنتخابات عبر ممارسة كل أشكال القمع والتنكيل بالفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة للفوز بأكبر عدد من المقاعد في الكنيست الصهيوني " البرلمان" ،وكذلك استثمار وجود إدارة امريكية متصهينة تدعم مشاريع الإحتلال وبلا حدود لتصفية القضية الفلسطينية وشطب حقوق شعبنا الوطنية، وبمشاركة وتواطؤ العديد من دول النظام الرسمي العربي ضمن ما يعرف بصفقة القرن،والتي تعكف الإدارة الأمريكية على نشرها وطرحها بعد الإنتخابات الإسرائيلية مباشرة...ومن القضايا التي يمكن لها ان تدفع نحو الإنفجار الشامل ما يحدث في المسجد الأقصى،حيث الإحتلال يعمد الى التصعيد برفض التسليم بفتح مصلى باب الرحمة وساحاته والتهديد بإعادة إغلاقه مجدداً،ويكثف من اعتقالاته والتي طالت محافظ القدس الأخ عدنان غيث الممنوع من دخول الضفة الغربية واحد المحامين الخمسة الذين شاركوا في فضح وتعريته حكومة الإحتلال وشرطتها واجهزتها الأمنية، الأخ مدحت ديبه ،من حيث عدم وجود أمر او قرار قضائي إسرائيلي يمنع إعادة فتح مصلى باب الرحمة وساحاته،ناهيك عن حملة إعتقالات طالت العشرات من المواطنين المقدسيين،وإستمرار عمليات الإبعاد والطرد الترحيل للمقدسيين عن القدس والأقصى ...وما يرتبط بذلك من سلسلة إجراءات وممارسات عقابية بحق المقدسيين تنتهك حقوقهم في السكن والتعليم والحقوق الإقتصادية والإجتماعية ....والقضية المفصلية الأخرى التي من شأنها دفع الأمور نحو الإنفجار ،هي سطو حكومة الإحتلال على اموال الضرائب الفلسطينية،كشكل من أشكال القرصنة،تحت ذريعة ان ال(502) مليون شيكل التي تريد حكومة الإحتلال إقتطاعها من اموال الضرائب الفلسطينية،هي مجموع ما تدفعه السلطة الفلسطينية من رواتب ومساعدات لأسر الشهداء واهالي الأسرى ،وقبل ذلك اقتطعت عدة ملايين من الشواقل كتعويضات لعملاء سجنوا في سجون السلطة الفلسطينية وأتعاب محامين ورسوم محاكم،وهذه الخصومات تمس بقدرة السلطة الفلسطينية على دفع رواتب موظفيها وتغطية مصروفاتها الجارية ،وبما يضعها في مأزق كبير أمام الجمهور والشعب الفلسطيني.
وهناك قضية اخرى يخشى الإحتلال من تداعياتها وإنفجارها قبل الإنتخابات الإسرائيلية،ما يعيشه القطاع من حاصر وتجويع،ومع تشديد الإجراءات العقابية مالية وإدارية من قبل السلطة الفلسطينية على قطاع غزة،فإن الأمور قد تدفع نحو الإنفجار والمواجهة العسكرية هناك ....واضح بأن المرجل يغلي في القدس والضفة والقطاع ومع حزب الله وسوريا وايران ...وهذا الغليان في هذه المرحلة لا يتجه نحو التبريد،بل كل المؤشرات والمعطيات تؤشر الى التصعيد،وخاصة بان نتنياهو يشعر بان نشر المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية للتقرير المتعلق بفساده قبيل موعد الإنتخابات،ليس فقط سيضر بقدراته العالية للفوز بالإنتخابات،بل ربما يلف الحبل حول عنقه،ويقوده نحو المحاكمة والسجن،ولذلك هو سينتهج خط التصعيد وليس غير التصعيد،وقد يقدم على أكثر من مغامرة وعلى اكثر من جبهة ،ونحن تعودنا على مغامرات هذا الرجل وشطحاته.
نتنياهو هدد قبل توجه لموسكو بإستمرار ضرب الوجود الإيراني في سوريا،ودول واحزاب محور المقاومة،اتخذت قراراً بالرد،ويبدو بان زيارة الرئيس الأسد الى طهران،تؤشر الى ان هناك قضايا ذات طابع مفصلي،يجب ان تتخذ فيها قرارات على مستوى القمة،وواحدة من هذه القرارات هي،طبيعة الرد على أي عدون على سوريا او لبنان.
وتلبد اجواء المنطقة بالتصعيد نقرأ مؤشراته من خلال الإعلان البريطاني عن حزب الله اللبناني المقاوم،بشقيه السياسي والعسكري كمنظمة " إرهابية"،وما يجري من شنه من حرب على حزب الله في لبنان من اطراف سياسية في مقدمتها القوات اللبنانية ورئيس الوزراء اللبناني السابق السنيورة،في ظل حملة يقودها حزب الله لضبط موارد الحكومة ومصروفاتها ومعالجة قضايا الفساد،وكذلك يبدو بان طهران قد تتجه نحو العودة للتخصيب العالي لليورانيوم،في ظل عجز الدول الأوروبية عن الوفاء بتعهداتها،من اجل إيجاد نظام مالي مستقل،يمكنها من الإستمرار في معاملاتها التجارية،وبما يتجاوز العقوبات الأمريكية عليها،والتطور هنا قد يدفع بطهران الى إغلاق مضيق هرمز والمواجهة مع امريكا.
هناك ملفات وتطورات متسارعة تحصل في المنطقة والإقليم،امريكا تقترب لحظة سحب قواتها من العراق وأفغانستان وشرق سوريا،وتركيا تراوغ في تطبيق مخرجات قمة " سوتشي" بإحتثاث جبهة النصرة المصنفة كتنظيم إرهابي،بل دعمتها في السيطرة على المناطق التي كانت تسيطر عليها جماعات إرهابية موالية لها،وتستمر في الحديث عن ما يسمى بالمنطقة العازلة بعمق عشرين كيلو متر في الأراضي السورية،وترفض العودة الى اتفاق أضنه لعام 1998،والذي يضمن الأمن والإستقرار لحدودها مع سوريا،وكذلك استمرار الإعتداء من قبل عصابات جبهة النصرة على الجيش السوري،تضع مصير معركة إدلب على طاولة الخيار العسكري والحسم.
شهر آذار تتكثف فيه الأحداث والتطورات،وامريكا ستعمل على نشر الخراب والدمار والإحتراب الداخلي،قبل أن تسلم بهزيمتها في الشرق الأوسط،لكي تنقل ثقل اهتمامها الى افريقيا وشرق اسيا وامريكا اللاتينية لكي تواجه روسيا والصين.
وستمارس الكثير من الضغوط على ما يسمى بحلف " الناتو" العربي – الأمريكي وتركيا لتمويل الشق الإقتصادي من صفقة القرن،و "تطويع" القيادات الفلسطينية للقبول بها .
المنطقة حبلى بالتطورات والأمور قد تنفجر في أي لحظة،وخاصة بان التناقضات بلغت ذروتها،ولم يعد يجد معها التبريد،بل لا بد من ان تحسم عسكرياً،لكي يتم استولاد نظام عالمي جديد قائم على التعددية القطبية،وبما ينهي الهيمنة والتفرد الأمريكي،وانا على ثقة تامة بان المشروع الأمريكي قد إنهزم في فنزويلا واوكرانيا وأفغانستان والعراق وسوريا ولبنان واليمن وحتى في فلسطين،وبان صفقة القرن قد كسر قرنها،والرقم الصعب في ذلك الموقف الفلسطيني الموحد الرافض لها.
بقلم/ راسم عبيدات