حديث لابد منه ، وفي وقته

بقلم: سميح خلف

منذ وقت وانا اتابع بصفتي فتحاوي قديم ويهمني كل التوجهات الاصلاحية التي يحملها التيار الاصلاحي في حركة فتح بقيادة الرجل الوطني وهنا اركز على كلمة وطني والفتحاوي محمد دحلان والاخ سمير المشهراوي وكل الاخوة الاخرين الذين اخذوا على عاتقهم احياء مسيرة الاصلاح في حركة فتح وهي مسيرة طويلة وهنا اؤكد ان المناخات الحالية سواء ذاتية او اقليمية تعطي دفعا ً لفكرة الاصلاح عن سابقتها التي تعثرت في كل محطاتها .

اقاويل واقاويل واقاويل ومناكفات يقوم بها اشخاص يشككون في قيادة تلك التيار وبعضهم لا يعجبه بعض السياسات وهنا التشكيك مرفوض ، اما من لا يعجبه بعض السياسات فهذا رأيه ويجب ان يكون في حدوده ، اما الخوض في سياسة التيار الاستراتيجية والمتعلقة بكل مفردات التوافق الوطني الذي يجب ان يكون والمهمة الاساسية الان امام عملية التفسخ والانقسامات العمودية والافقية التي مازالت الثقافة تلعب دورا ً فيها في معتقدات ثقافية يجب ان نتجاوزها بحكم تطورات المتغيرات على الساحة الفلسطينية وما يتهدد القضية الفلسطينية برمتها .

منذ اكثر من ثلاثة اعوام كنت عضوا وبتكليف تشرفت به من الاخوة في قيادة التيار بحقيبة التعبئة الفكرية وكنت بصدد ان اضع كل خبراتي التنظيمية والنضالية عبر سنوات وجودي في هذه الحركة على مدار اكثر من 50 عام ، كانت هناك صعوبات وعراقيل وكانت هناك بعض رغبات لا تتوافق مع مسيرة التعبئة الفكرية الناضجة التي عمادها النظام الاساسي لحركة فتح والثقافة الوطنية الفلسطينية التي يجب ان يلم بها العضو قبل ان نتحدث هل هو عضوا ً في التيار او لا عضو ، بل كانت تنتابني شكوك كثيرة في تبسيط عملية الانتماء لهذا التيار الفتحاوي الذي قاعدته العمل من داخل حركة فتح ومبادئها ، حيث تتعرض الفكرة ربما لاختراقات من هنا او هناك ، وربما من ازمات ولكن مازلت انظر ان بذرة الامل لدى الفتحاويين والوطنيين الفلسطينيين تتجسد في النداءات المتكررة التي ينادي بها اعمدة التيار نحو وحدة الحركة اولا ً والتي يعمل عليها التيار وكوادره ليلا ً نهارا ً والتوسع في الانتشار والسير قدما ً نحو التوافق الوطني الذي يجب ان يتقدم الى الامام برؤية البناء واصلاح ما افسده الدهر ، والخروج من ازمات الماضي .

قياسا ً بالشعوب التي تعرضت لازمات وهزات عنيفة داخلية وبحروب اهلية في اكثر من نموذج في الكونغو ولبنان والبوسنة الحرب الاهلية الامريكية وكثير من الحروب الداخلية كالهند وغيره ، تجاوزت تلك الشعوب ازماتها التاريخية نحو بناء وطني متفهما لعثرات الماضي واخطائه لوضع لبنات من التوافقيات الوطنية نحو بناء الانسان وبناء الوطن والحفاظ على كرامة المواطن مع الاخذ في الاعتبار الخطوات التكتيكية والاستراتيجية لبناء صرح وطني قوي يتناغم مع قوى الداخل وفاعليتها ومطالب الجماهير وفي نفس الوقت متمشيا ً مع كل المتغيرات التي قد تهدد تلك الاوطان .

هناك اصوات نشاز كانت محسوبة على التيار ولا اعتقد ان من يؤمن بالاصلاح يمكن ان يقف ضد الفكرة او يقف مخربا ً لبعض اهدافها التكتيكية والاستراتيجية ، بل لا اتجنى ان قلت انها حالات اختراق قد نبهت منها ومن خطورتها في المستقبل مع ازدياد سرعة التوسع والانتشار .

بالتأكيد كانت من المهمات الاساسية في وجهة نظري وكمراقب ان الانتشار و التوجه نحو الحاضنة الشعبية مهم جدا ً لعمل التيار في مرحلة من المراحل ولكن افهم كثيرا ً ان عمل التيار يسير في حقل من الالغام بكل ما تحتويه الساحة الفلسطينية من متناقضات ومطبات وازمات اقتصادية وثقافية وبالتحديد في غزة التي تعاني من الحصار والبطالة والفقر وهذا من الصعوبات التي يواجهها التيار في عمله سواء في غزة او الضفة الغربية التي تقع بين فكي كماشة بين اجهزة الامن الاسرائيلية واجهزة السلطة التي تراعي مهمة التنسيق الامني مع كل ما يتناقض مع نهج محمود عباس وبالمؤشر الاخر وما تواجهه الساحة اللبنانية ايضا ً كساحة مفتوحة لعدة تدخلات اقليمية ومحلية بناءا على تركيب الدولة اللبنانية ، اما ساحة اوروبا التي ظهرت فيها بعض الاصوات المخربة والتي تنادي بـ( الثأر ) وتسقط حماس وتحاول ان تعمل لها قاعدة جماهيرية على خلفية ماضي الكل كان مخطئا ً فيه والخطأ الاكبر ان نستمر في تغذية ابنائنا على قواعد تلك الاخطاء والتي تجاوزها التيار ونظرة التيار الاصلاحي للبناء والاصلاح الوطني الذي مهمته كما قلت بناء اطار وطني قوي وتجديد شرعيات فلسطينية وتقوية مؤسسات اضعفها نهج محمود عباس ، هذا اذا ما اخذنا ايضا ً حركة فتح وما تعانيه من ازمات داخلية ، ازمة نهج سياسية وامنية وسلوكية والتي فضحت هذا النهج اليات اتبعت في معالجة الانقسام التي استهدفت ابناء حركة فتح اولاً ولم تستهدف حماس التي تدفع ببعض اختراقاتها بما يدعون انهم من التيار الاصلاحي رافعين شعار تسقط حماس تسقط حماس ، ولا يمكن ان نتنازل عن ماضي بل ساقوا بابعد من ذلك ان حماس ليست خصما ً بل عدوا ً ، اعتقد ان هذا النهج وهذا الادعاء يعتبر كارثة من الكوارث باستغلال عواطف الاخرين واشعال الفتنة ووضع الثغرات والمسافات بل الغام في وجه اي توافق وطني قادم يستطيع فيه الشعب الفلسطيني مواجهة كل التحديات واهمها الحفاظ على هويته الوطنية ووجوده الوطني .

كلام من القلب لكل الاخوة ، الفكرة لا تموت والمخلصين لا ينتهون بل يتوالدون ، اما من هم ارتضوا ان يشوهوا عمل التيار وكانهم كانوا اعضاء فيه قد قال ابو عمار في اواخر عام 1969 ان البراعم الخضراء تنمو وتكبر والاوراق الصفراء تتساقط ، ولكن من المهم ان يفهم الجميع ان التيار مستهدف كما هو مستهدف راس التيار محمد دحلان الذي توظف له ماكينة اعلامية امنية لتشويهه وتشويه مواقفه الوطنية ، تلك المواقف التي لا غبار عليها في كل احاديثه ومواقفه وسلوكه الانساني تجاه شعبه وازماته .


اقول هنا واخيرا ً لا مجال للتذمر ولا مكان للمتذمرين ولا للمشككين ولا من هم يتذاكوا ويعتقدون انهم اذكياء والاخرين اغبياء وما يمثلوه من حالات اختراق لصالح اجهزة اخرى وكل ما استطيع ان اقوله كفتحاوي عتيق وكمراقب التيار يحتاج الان الى مراجعات كثيرة في كافة الاتجاهات والميادين ولاننا نسير الان نحو متغيرات قادمة مع ان وجهة نظري مازالت قائمة ان محمد دحلان وسمير المشهراوي لا يمثلان خط حركي فقط بل المناخات الان واضحة والطريق مفتوح لتمثيل وطني اشمل واقوى وان كانت قاعدته حركة فتح ووحدة فتح واصلاح فتح .

بقلم / سميح خلف