تتعاظم المخاطر التي تهدد القضية الفلسطينية بالتصفية ، وحرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة العادلة ، ويترافق ذلك مع التجاذبات السياسية والتناقضات في الساحة الفلسطينية ، وعمليات التدمير الذاتي والتآكل الناجمة عن الانقسام المخزي والمعيب الخطير ، المتواصل منذ سنوات طويلة ، دون التوصل إلى اتفاق جدي وحقيقي يقضي للمصالحة بين قطبي الصراع " فتح " و " حماس " .
ولا جدال أن هذا الانقسام وآليات وممارسات النظام السياسي الفلسطيني المتمثل بالسلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس ( أبو مازن ) ، اوصلا القضية الوطنية الفلسطينية إلى نفق معتم وهاوية سياسية ونتائج كارثية تهدد المعضلة الفلسطينية ، وضياع كل شيء ، والغاء كل المنجزات والمكتسبات الفلسطينية ، التي تحققت بالنضال والمقاومة والشهادة والانتفاضات الشعبية الفلسطينية ضد الاحتلال وممارساته ، وضد الغول الاستيطاني الذي ينهش ويبتلع الأرض الفلسطينية ويواصل توغله في شرقي القدس والمناطق المحتلة .
لقد نجحت الادارة الامريكية ومعها المؤسسة الاحتلالية وحلفائها في شق وحدة الصف الوطني الفلسطيني ، وزرع بذور الانقسام والتشرذم ، كي يتسنى كسب الوقت لمواصلة الاحتلال وتكريسه ، وحرمان شعبنا من حقوقه العادلة .
فقد مضى على اتفاق " اوسلو " المشؤوم ما يربو على ربع قرن ونيف ، هذا الاتفاق الذي شكل خطيئة سياسية ، فلم يتحقق لا السلام ، ولا الأمن والأمان ، بل تعمق الاستيطان ، وتواصل القمع والقهر والحصار الاحتلالي ، ولم يكن " اوسلو " سوى كذبة كبرى فضحتها الوقائع على الأرض . والمؤسسة الصهيونية الحاكمة هي التي قتلت واغتالت اتفاقات اوسلو ، التي لم يبقَ منها سوى الحبر الذي كتبت به ، وهي تقتل كل احتمالات السلام . ولعل الاستنتاج الأكبر من هذا الاتفاق والتعلم من سلبياته هو ضرورة واهمية انجاز الوحدة الوطنية الشعبية والميدانية والفصائلية ، والوقوف صفًا واحدًا في خندق متلاحم لمواجهة التحديات والمخاطر الراهنة المتصاعدة ، والأخطاء وتبعاتها .
إن شعبنا الفلسطيني وقيادته وسلطته الوطنية يتعرضون إلى ضغط امريكي وعالمي وعربي للقبول بمشروع ترامب المعروف بـ " صفقة القرن " ، ويتجسد ذلك بنقل السفارة الامريكية من تل – أبيب إلى القدس ، وتشريع الاستيطان ، ووقف المساعدات الامريكية للسلطة ولوكالة غوث اللاجئين ( الأنروا ) ، واخيرًا قرار خصم مستحقات الأسرى والجرحى وعوائل الشهداء من اموال عائدات الضرائب الفلسطينية.
ولا ريب أن صفقة القرن هي صفعة قوية لطي ملف القضية الفلسطينية وفرض سيطرة احتلالية كاملة وتامة على كامل الأرض الفلسطينية.
ولحماية القضية الفلسطينية من التصفية وابقائها حية ، ولإفشال كل المؤامرات والمخططات الاستعمارية والصهيونية التي تستهدفها ، يقتضي إنهاء الانقسام بأسرع وقت ممكن ، دون تأجيل ، وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني على تراب ارضه ووطنه ، وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية على قواعد وأسس ثابتة ومتينة ، وبلورة برنامج استراتيجي وتكتيكي متفق عليه بين جميع قوى وفصائل الشعب الفلسطيني وتنفيذ بنوده ، وإجراء انتخابات تشريعية قريبة .
وإذا لم تتحقق المصالحة ، ولم تنجز الوحدة ، فإن خطر تغييب وتصفية القضية الفلسطينية بات وشيكًا ، وسيتكرس الاحتلال إلى الأبد.
بقلم/ شاكر فريد حسن