قصة الثلاث ثلاثات وصلاة الفجر.. والعشر سنوات!؟

بقلم: علاء المشهراوي

قدر الله ان نسافر عبر معبر رفح رغم انه كان مغلقا في ذلك اليوم نحن الثلاثة، الشيخ علي الغفري والدكتور غازي حمد وانا ... وكان رقم ثلاثة غالبا يومئذ فقد صادف يوم الثلاثاء الموافق الثالث من الشهر الثالث مارس اذار عام 2009 وكان يوما فاصلا في حياتي، الا ان الحكاية بدأت من هنا.

كانت مهمتنا نحن الثلاثة المشاركة في حوارات المصالحة في القاهرة وقد تم اختياري ضمن وفد الشخصيات المستقلة، ولما وصلنا الى القاهرة أصر الشيخ علي الغفري على استضافتي في شقة شقيقه المهندس عبد الكريم في مصر الجديدة وتواجد معنا أيضا شقيقه الأكبر المهندس كامل شفاه الله وعافاه.

ومما ينبغي ان يقال ان صحبة الشيخ علي تختلف عن أي صحبة، فبعد ان ادينا صلاة العشاء في مسجد قريب، أخبرني بنظامه المختلف تماما عما كنت اعتاده من سهر الى ساعة متاخرة من الليل، فقد أخبرني الرجل ان النوم بعيد العشاء باكرا له فضائل وفوائد كبيرة للروح والجسد أهمها الاستيقاظ مبكرا لقيام الليل ثم التوجه الى صلاة الفجر في المسجد مع الاذان الأول الذي يسبق الاذان الثاني بنصف ساعة وهذه الميزة فقط لصلاة الفجر.

كان الامر بالنسبة لي ثقيلا ولكن صدري انشرح لهذا الامر شيئا فشيئا، وبالفعل التزمت مع الرجل أسبوعا على هذا المنوال ومن ثم، سافر هو الى باكستان وقفلت انا الى غزة راجعا، ولكن عودتي هذه المرة كانت مختلفة فقد أحببت هذا النظام الجديد الذي غير مسار حياتي، واشعرني بسعادة روحية وجسدية لا توصف فعليل الفجر وهواءه النقي يدب في الابدان قوة ومناعة وصحة كما انه يشمخ بالروح ويطهرها ويسمو بالقلب وينقيه.

ومن نافلة القول الإشارة الى انني نشأت في بيت ملتزم بالصلاة واقسم انني لم الحظ ان ابي او امي قد فاتتهم صلاة الفجر يوما في موعدها، كما انني واظبت على الصلاة منذ سن الخامسة، والتزمت بصلاة الفجر في المسجد من سن العائرة حتى سن الخامسة والعشرين، الا انني كنت مقصرا في صلاة الفجر على مدار 15 عاما، حتى بلغت الأربعين، ومذاك العمر لم اضيع صلاة واحدة حتى بلوغي الخمسين الان.

في البداية كان الحفاظ على صلاة الفجر امرا صعبا جدا علي، ففي احايين كثيرة كنت أبقى سهرانا طوال الليل حتى مطلع الفجر حتى لا تفوتني الصلاة، ومن كرم الله علي انني بعد عدة شهور أصبحت استيقظ لوحدي رغم ان نومي ثقيل واستيقاظي من النوم أثقل.

ومع التزامي بالصلاة أكثر، قمت بعمل مجموعة في هاتفي النقال اسميتها مجموعة الفجر وتضم 40 صديقا بعد الحاحهم حيث اوصوني بإيقاظهم كل يوم ومن بينهم مؤذنين وائمة وغيرهم، منهم من يود الاستيقاظ قبل الاذان بساعة ومنهم من كان يود الاستيقاظ مع الاذان وكان الاخرون بين هؤلاء وهؤلاء.

 واذكر انني كنت اسهو في النوم أحيانا فيبعث الله من يوقظني سواء برؤيا في المنام او يسخر لي الله شخص يتصل بي أو احد من اهل بيتي، لان الله يعلم عزيمتي وصدقي وشغفي بهذه الصلاة رغم ذنوبي وتقصيري.

والحقيقة ان النعمة التي اشكر الله عليها انني التزمت بصلاة الفجر على مدار العشر سنوات الماضية ، من3/3/2009وحتى 3/3/2019، دون انقطاع حتى في سفري وفي مرضي وفي الحروب والمنخفضات، لقد انعم الله علي بالاستيقاظ قبل موعد الصلاة بساعه وكنت أؤذن الاذان الاول في مسجد السلام برفقة المرحوم أبو سفيان حمادة الذي كان يؤذن الاذان الثاني ثم انتقلت لمسجد السلف ثم الى مسجد العلمي حينما كنت اسكن في مسقط راسي حي المشاهرة ثم واظبت على الصلاة في مسجد المتقين ومسجد أبو أيوب الانصاري حينما انتقلت بالسكن في شقتي الجديدة في حي الرمال قبل 4 سنوات.

والله يشهد انني لا أقول هذا الكلام رياء ولا افتخارا ولا عجبا، فانا اكبر المقصرين واكثر المذنبين، ولكن أقوله بنية حث الشباب على صلاة الفجر والا يتقاعسوا عنها، فوالله ببركتها انعم الله علي بالرزق الوفير والتوفيق في عملي وأداء فريضة الحج والحصول على سندين متصلين بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم بتلاوة القران الكريم في روايتي حفص وشعبة عن عاصم، وكذلك الحصول على درجة الماجستير واقترابي من الحصول على درجة الدكتوراة، ونجاح مؤسستي المشرق للاعلام التي انشأتها قبل ربع قرن ولا سيما موقع صحيفة المشرق نيوز التي تتصدر المواقع الفلسطينية والعربية والعالمية.

وصدق الله العظيم في قوله في محكم التنزيل في سورة الاسراء: ان قران الفجر كان مشهودا.

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الله يرفع بهذا القران اقواما ويخفض به اخرين.

وقوله: من صلى الفجر فهو في ذمة الله، وبشر المشائين بالظلم بالنور التام يوم القيامة.

بقي ان أقول ان الله يصدق من صدق معه ولا يخذل من لجأ اليه ولا يخيب رجاء من أخلص له بالنية وأحسن العمل وتذلل له بالدعاء، فهذا حقنا عليه، اما حقه علينا فان نطيعه مخلصين وان نشكر نعمه ونحمده دوما.

وفي الختام أسأل الله الا يحرمني من هذه النعمة وأن يسبغها على كل المسلمين في كل بقاع الأرض، فوالله ان لها لحلاوة لا تضاهيها حلاوة... أسأل الله التثبيت ولا تنسوني من دعاءكم.

ملاحظة: ترددت كثيرا قبل ان اكتب هذا المقال خوفا من الرياء الا انني استفتيت نفسي، فأحسست في جناني رضى وراحة واقبالا، فكتبته غير مبال بكلام الناس فيكفي ان رب الناس يعلم هذا الإحساس.

بقلم/ علاء المشهراوي