الأقصى ومعركة باب الرحمة

بقلم: ثائر محمد حنني الشولي

مباشرةً بعد غزو العراق الشقيق وإحتلاله من قبل قوى التحالف الإستعماري وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا في العام 2003م وما أعقب ذلك من صدمة وإحباط في الشارع العربي عموماً والفلسطيني بوجه خاص, لما يعنيه العراق بالنسبة لفلسطين قضيته المركزية , وفي ظل هذه الأجواء الكئيبة أقدمت سلطات الإحتلال الصهيوني على إغلاق أحد أهم أبواب الأقصى المبارك في القدس الشريف (باب الرحمة) ظناً منها أن الأجواء السياسية والأمنية باتت مهيأة تماماً للبدء بتنفيذ مسلسل الخرافات التلمودية اليهودية, والتي تسمي باب الرحمة ببوابة شوشان نسبةً لمدينة شوشان الفارسية التي إحتضنت ملك الفرس (كورش) وذلك قبل الميلاد , هذا الملك الذي يُجمع معظم اليهود على تقديسه نظراً للخدمة العظيمة التي أسادها لليهود في ذلك الزمان ,حيث قام بإعادتهم للقدس لقاء تعاونهم معه في تحطيم مملكة وحضارة بابل في أعقاب السبي الثاني المسمى السبي البابلي حسب أسفارهم.
وبغض النظر عن خرافاتهم التلمودية تلك فللحركة الصهيونية العنصرية أجندات تاّمرية أخرى تستهدف تهويد المقدسات الإسلامية في القدس والمدينة جميعها, ويعتبر باب الرحمة منفذهم نحو تهويد المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى أو على أقل تقدير تقسيمه بين اليهود والعرب زمانياً ومكانياً كما حصل في الحرم الإبراهيمي بالخليل عام 1994م في أعقاب الجريمة المروعة والبشعة التي إرتكبها أحد أبرز غلاة المستوطنين الصهاينة الإرهابي باروخ غولدشتاين والتي راح ضحيتها 29 شهيداً وعشرات الجرحى أثناء تأديتهم الصلاة في الحرم وهم ركع سجد لله تعالى عز وجل ويصادف هذه الأيام ذكراهم العطرة الخامسة والعشرون.
وبعد مرور ستة عشرة عاماً على إحتلال العراق وإغلاق باب الرحمة وعطفاً على إنتصار سابق حققه أهلنا الصامدين في القدس حينما حطموا البوابات الإلكترونية التي حاول الإحتلال من خلالها السيطرة على بوابات الأقصى جميعاً من خلال نضالهم المتواصل وعزمهم وتحديهم لسياسات الإحتلال وكسرها ..اليوم ومرة أخرى ينتفض أهلنا هناك مجدداً في إنتفاضة شعبية باسلة حطمت الأقفال والسلاسل الحديدية وكل المعيقات التي كبلت وأقفلت باب الرحمة كل تلك السنين الماضية ورأينا بأم أعيننا كيف يفر الجنود الصهاينة أمام غضبة شعبنا الذي أثبت للقاصي والداني تحليه بالشجاعة والبسالة وأعطى رسالة بليغة مفادها أن شعبنا لن يركع ولم تثبط عزيمته غطرسة وقمع الإحتلال وجبروته وكل ترسانته العسكرية الهائلة ولا إصطفاف كل قوى الشر في خندقه وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الرئيسي والمركزي للإحتلال وجرائمه وكل سياساته المقيته وممارساته القمعية والإستيطانية والتهويدية والعنصرية في الأراضي العربية المحتلة.
وبرغم حالة الإنقسام البغيضة في الصف الفلسطيني وتباعاً تردي الحالة العربية برمتها وما يوازيها من إحباطات سياسية عارمة .. يواصل أهلنا النشامى في القدس وعموم فلسطين ونيابةً عن كل العرب والمسلمين في العالم تصديهم البطولي ببسالة منقطعة النظير وبصدورهم العارية أو ما ملكت أيديهم من وسائل نضالية بسيطة في مواجهة كل سياسات الإحتلال ومؤامراته المتتالية التي تستهدف تهويد القدس وكل مقدساتها الإسلامية والمسيحية بل وتستهدف تهويد كل الأرض العربية في فلسطين ..ومن إنتصار الى إنتصار يواصل أبناء شعبنا زحفهم الميمون وفتوحاتهم المباركة ونضالهم المتواصل دون كلل أو ملل ويشتى الوسائل الممكنة على طريق دحر الإحتلال وكنس مستوطنيه وإستعادة كامل حقوق شعبنا العربي في فلسطين التاريخية من نهرها لبحرها .
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
اّذار - 2019