أحد أبرز الدلالات على الالتزام الأمريكي بأمن اسرائيل شئ اسمه "ضمان التفوق النوعي العسكري". وهذا يعني حرفياً وفعلياً أن الولايات المتحدة تلتزم بتزويد اسرائيل بأسلحة نوعية لاتنافسها في اقتنائها أية دولة اخرى في منطقة الشرق الأوسط، حتى لو استعدت هذه الدولة لدفع تريليونات الدولارات حيث يبقى أمر تزويدها بالأسلحة مشروطاً بقانون ضمان التفوق النوعي العسكري لاسرائيل.
مع زيادة طلب الدول الخليجيةعلى الأسلحة الأمريكية ، وخوفاً من توجهها لدول أخرى كروسيا وفرنسا والمانيا وفقدان الشركات في الولايات المتحدة لسوق سلاح هو الأعلى والأكثر أهمية في العالم، وضماناً للحفاظ في نفس الوقت على التميز الاسرائيلي، أصدر الكونجرس تشريعاً في العام 2008 يقضي بأن اية صفقات سلاح تعقد بين الولايات المتحدة والدول العربية يجب أن تتضمن شرطاً قانونياً وإخطاراً للكونجرس ينص على ان هذه الصفقة لن تؤثر أبدا على التفوق العسكري الاسرائيلي النوعي وعلى توازن القوى في المنطقة. هذا التفوق النوعي يعرّفه الكونجرس بأنه قدرة اسرائيل على احتواء أية تهديد عسكري تقليدي او غير تقليدي "من المحتمل" ان يسبب أقل الاضرار والخسائر ناتج عن امتلاك دول أو كيانات أنواع معينة من الأسلحة او الاتصالات او الأجهزة الاستخباراتية أو مراقبة أو قدرات استطلاعية!
قبل يومين قام الجيش الأمريكي بنشر منظومة "ثاد–THAAD"الصاروخية في اسرائيل، والتي تعد نظام الدفاع الجوي والصاروخي الأكثر تقدماً في العالم من نوع أرض جو، بحيث يمكنها اعتراض الصواريخ الباليستية طويلة ومتوسطة المدى داخل وخارج الغلاف الجوي. والسؤال المطروح هل ستضيف هذه المنظومة شيئاً نوعياً الى القدرة العسكرية الدفاعية لاسرائيل؟ ولماذا الآن ؟
على الرغم من تباهي نتنياهو بهذا الانجاز ونفي واشنطن بأن نشر هذه المنظومة مرتبط بحدث معين، إلا أنه لا يمكن أبدا التسليم بسذاجة حسن النوايا:.
أولا: اسرائيل تمتلك انظمة صاروخية ودفاعية معقدة ومتطورة جدا، ومع نشر منظومة "ثاد" التي تأتي في اطار التدريبات المشتركة الاسرائيلية الأمريكية فإن هذا الأمر من شأنه زيادة فاعلية وجهوزية القوات الدفاعية الجوية الاسرائيلية من جهة ، ونسج شبكة مع حلفاء آخرين من التعاون الدفاعي الجوي من جهة أخرى خاصة أنه توجد منظومة مشابهة في بعض دول الخليج (السعودية والامارات وقطر ) وتركيا.
ثانيا: نشر هذه المنظومة بمثابة تحذير مباشر لايران ذات القدرات الصاروخية الباليستية وشركائها الاقليميين بأن المجال الجوي للشرق الأوسط بات يقع تحت الرصد الأمريكي الاسرائيلي.
ثالثا وأخيراً: يمكن اعتبارها بأنها مرحلة تقييم واختبار من الناحية التشغيلية لقدرة وسرعة الولايات المتحدة في نشر هذه الصواريخ والاستجابة لأية تهديدات.
ولذا فمن المرجح جدا أن تصبح هذه المنظومة ضمن العمليات الروتينية بين البلدين، لأن مبدأ العدو المحتمل الذي يتلازم بالضرورة مع تخيل التهديد المحتمل سيبقى ركناً أساسياً في الاستراتيجية الاسرائيلية وفي العلاقة مع الولايات المتحدة.
بقلم/ د. أماني القرم