سلطة تحت التهديد

بقلم: أشرف صالح

 في حديثي عن السلطة فأنا أجمع بين السلطتين , السلطة في الضفة وسلطة الأمر الواقع في غزة , واللتان أصبحتا تديران الصراع مع الإحتلال عبر مؤسساتها الرسمية , وبالطبع هذه المؤسسات تعمل بقوة المال , فإذا وجد المال بقيت هذه المؤسسات قائمة لتكون صاحبة القرار بكل شيئ , وإذا إنقطع المال ستتراجع هذه المؤسسات للخلف  لتفقد الأداء الجيد , سواء على المساحة الجغرافية والتي تحكم عليها , أو على التفاوض مع إسرائيل على مساحة نفوذها وإستمرارية بقائها , ومن هنا أدركت إسرائيل حاجة سلطة المؤسسات الى المال , سواء في غزة أو في الضفة ,وإستخدمت إسرائيل هذه الحاجة كورقة ضغط , مستعينة بأنها تتحكم بجميع مداخل ومخارج الأموال سواء في غزة أو في الضفة , لتصبح المؤسسات الحاكمة عبارة عن سلطة تحت التهديد .

إستخدمت إسرائيل ورقة المال لتجعل من سلطتين غزة والضفة تحت التهديد المستمر , ومع إختلاف الوسائل يبقى الهدف واحد وهو إخضاع السلطتين , فالوسيلة التي تستخدمها إسرائيل مع الضفة تتمثل في ضغط اللوبيات اليهودية على الدول المانحة لتوقف الدعم للسلطة , وكما حدث بالفعل عندما أوقفت الولايات المتحدة دعمها للسلطة بناء على ضغط من إسرائيل , وأيضا التحكم في أموال المقاصة والتي تشكل ثلثي موازنة السلطة , والإستقطاع منها متى تشاء بحجة أن هذه الأموال تمول الإرهاب , وبالفعل الآن السلطة تعاني من أزمة مالية حقيقية بسبب التحكم في أموال المقاصة .

في غزة الأمر مختلف , فإسرائيل تستخدم المال بطريقة غريبة جداً , فهي تريد ضخ المال الى غزة كوجبة شهية يسيل لها اللعاب , وبعد ذلك يصبح هذا المال ورقة تهديد بيد إسرائيل , وكما حدث بالفعل حيث أصبح أداء سلطة غزة سواء على صعيد المقاومة أو على صعيد إدارة المؤسسات مرهون بدخول المال الى غزة وبموافقة إسرائيل , وهكذا إستطاعت إسرائيل أن تضرب عصفورين في حجر واحد , وهو المال , حيث منعت المال عن الضفة كتهديد , وأدخلت المال لغزة ليصبح أداة تهديد أيضا , فإسلوب إسرائيل بات يشبه الألغاز ..

برأيي أن شهوة السلطة لدى أصحاب القرار ساهمت في وضع  كل أدوات المقاومة في قالب المؤسسات وتحت وصايتها, فالسلطتين في غزة والضفة تتحكمان في مفاصل العمل التنظيمي والعسكري والحراك الشعبي أيضاً ,  وهذا بحد ذاته سهل من مهمة إسرائيل , وبما أن أدوات المقاومة في قبضة المؤسسات , والمؤسسات في قبضة المال , والمال في قبضة إسرائيل , فهكذا تكون أدوات المقاومة في قبضة إسرائيل , فاليوم الإفراج عن أموال المقاصة للسلطة مرهون بتوقف تعزيز صمود أهالي الشهداء والأسرى والجرحى , والمتمثل في صرف رواتبهم , وأيضاً دخول أموال قطر الى غزة مرهون بتوقف كل أشكال المقاومة .

نحن الآن في مرحلة الدفاع عن الأموال , فغزة تدافع بإسلوبها وهو مسيرات فك الحصار والإرباك الليلي والبالونات الحارقة وغيرها من أساليب مبتكرة , أما الضفة فهي تدافع عن المال والذي هو حق مشروع لها سياسياً , وكما أعلنت السلطة اليوم بأنها ستعيد النظر في إتفاقية باريس الإقتصادية , وكل هذا الدفاع مصحوب بحالة توتر ولهجة حادة قد تدفع نتنياهو الى الإفراج عن المقاصة كاملة بأسرع وقت ممكن , وأيضا سيسمح بإدخال الأموال القطرية خوفاً من التصعيد السياسي والعسكري من الضفة وغزة قبل موعد الإنتخابات الإسرائيلية .

بقلم/ أشرف صالح