ذكرى استشهاد الشهيد البطل/ أمين إبراهيم التلباني

بقلم: سامي إبراهيم فودة

قال تعالى:-"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"صدق الله العظيم "
فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة لأحد أبطال شهداء الانقلاب الأسود والذي ارتقى شهيداً مخضباً بدمائه الطاهرة على أيدي الغدر والخيانة من أبناء جلدته ووطنه وذلك يوم الجمعة الموافق 9/3/2007م عن عمر يناهز ألـ 19 عاماً إنه الشهيد البطل/أمين إبراهيم التلباني وقد اعتمد الرقيب/أمين شهيداً من شهداء السلطة الوطنية بقرار من السيد الرئيس محمود عباس وذلك اعتباراً من تاريخ 7/3/2007م أثر إصابته في أحداث اقتحام مبنى إذاعة صوت العمال,
ولد الشهيد البطل/ أمين إبراهيم محمد التلباني المكنى"أبو جندل"في مخيم جباليا"بلوك4"مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 1/10/1988م فهو أعزب وتتكون عائلته الفاضلة من الأب"والأم التي هي في ذمة الله "وله من الإخوة أربعة بما فيهم الشهيد أمين وهم/ يوسف- محمد- محمود- وله من الأخوات اثنتين وهن/ بيسان- إيمان,ويأتي الشهيد في الترتيب الثاني سناً من بين إخوته وأخواته..
نشأ وترعرع شهيدنا أمين في أزقة مخيم جباليا وعاش في كنف أسرة فلسطينية لاجئة مناضلة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومحافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وتعود جذور ‏عائلته إلى بلدة بيت طيما المحتلة والتي هاجروا منها كباقي الأسر الفلسطينية تحت تهديد السلاح إلى قطاع غزة واستقر بهم المطاف في مخيم جباليا" بلوك4"وقد تلقَّى تعليمه الدراسي في المدرسة الأيوبية "ج"والإعدادية في مدرسة" ب" والثانوية في مدرسة عثمان بن عفان وقد حصل على معدل 56 درجة حيث رسب في امتحان الانجليزي وقبل إعادتها ارتقى شهيداً..
محطات مضيئة في حياة الشهيد البطل/ أمين التلباني
- الشهيد البطل/ أمين هو من تفريغات 2005م وعمل ضمن جهاز أمن الرئاسة القوة 17 كتيبة الانتشار مقرها التوام .
- في عام 2003م كان عمره لا يتجاوز السادسة عشر ربيعاً حيث كانت بدايته العسكرية بمشاركته في المخيم الصيفي العسكري التابع لمنطقة الشهيد حاتم السيسي والذي أشرف على تدريبهم نخبة من كوادر التنظيم العسكري التابعين للأجهزة الأمنية.
- كان عضو في حركة الشبيبة الطلابية في مدرسة عثمان بن عفان 2005م 2006 م.
- التحق الشهيد أمين في صفوف الأجهزة الأمنية بالسلطة الوطنية الفلسطينية ضمن توصيات تنظيمية حسب الكشف المقدم من كتائب شهداء الأقصى سالم ثابت وعز الدين الشمالي وكان الشهيد ضمن مجموعات عز الدين الشمالي كتائب شهداء الأقصى جهاد العمارين وكان احد أسباب دخوله للعمل في الأجهزة الأمنية بالسلطة الوطنية.
- كان أول دخوله بالسلطة الوطنية بعد استيفاء كافة الإجراءات الطبية واعتماده هو وأخوه يوسف وتم استدعائهم للالتحاق بدورة تدريبه مبتدئة لمدة ستة شهور متتالية والمقامة في موقع ألـ 17 والمظلة على شاطئ بحر دير البلح.
- حصل على دورة تدريبية أخرى في موقع ألـ 17 التوام وكانت دورة تقنية متخصصة في موقع ألـ 17 بالتوام لمدة ثلاث شهور باسم دورة حطين للمهام القتالية وكان عددها الإجمالي 460 شاب وتم انتقاء منهم150 شاب وكان الشهيد أمين وأخوه يوسف من ضمن هذه الدورة التدريبية والتي كانت كتيبة مستحدثة يطلق عليها اسم كتيبة الانتشار وهي الكتيبة الرابعة التنفيذية وقد أشرف عليها قوات التدخل وحفظ النظام السريع في وزارة الداخلية الشرطة وقد حصل على تقدير جيد جداً في هذه الدورة التي عقدت بتاريخ 1/9/2006م وحتى 15/11/2006م ويوم عيد الاستقلال تم تخرجهم وكان قائد الدورة المشرف على التدريب ياسر الجمال.
- كان الشهيد البطل/أمين يتمتع بلياقة بدنية عالية ويمارس لعبة رفع الأثقال ومتفوق في دراسته منذ نعومة أظافره ومع دخوله سن الرشد كان جل وقته واهتمامه في مجال العمل التنظيمي مع كتائب شهداء الأقصى.
- كان الشهيد البطل/أمين قائد ميداني لكتائب شهداء الأقصى ويترأس مجموعة مكونة من 12 شاب ولديه نقطة رباط شرق الإدارة المدنية وله العديد من الدورات التنشيطية مع كتائب شهداء الأقصى خاصة في الرمي والقنص.
- أشرفت كتائب شهداء الأقصى بعد استشهاده فوراً على بناء قبره في مقبرة بيت لاهيا..
كيفية استشهاد الشهيد / أمين إبراهيم محمد التلباني
في حديثي مع الشاب المهذب الخلوق المناضل/ يوسف التلباني شقيق الشهيد أمين/ موضحاً لي كيفية ملابسات وقوع جريمة الاغتيال والتي تم تنفيذها بدم بارد بحق شقيقه على أيدي مجموعة مسلحة تابعة لحركة حماس في غزة...
تم اختيار أربع أشخاص من قوة أمن الرئاسة الـ17 من ضمنهم الشهيد أمين في مهمة لتوفير الأمن والحماية لطاقم العاملين في مبنى إذاعة صوت العمال مساء الساعة الرابعة عصراً على أثر نداء استغاثة وصل إليهم يوم الخميس الموافق 1/2/2007م وعند الساعة السادسة مساء تحركت قوة من المخابرات العامة من مبنى السفينة تعدادهم أربع أشخاص وهم يستقلون مركب باتجاه موقع التوام وتوجهت القوة المشتركة من المخابرات وأمن الرئاسة ألـ17إلى مبنى إذاعة صوت العمال في شارع الصفطاوي..
وفرض الهدوء نفسه بالمنطقة من الساعة السادسة والنصف مساءً حتى الساعة الثانية عشر والنصف,وكان يدور اشتباك عنيف مع مسلحين وعناصر من حماس بالقرب من مقر التوأم ألـ 17 وبعد انتهاء عناصر حماس من مهمتهم توجهو إلى مبنى الإذاعة وقاموا بمحاصرة المكان وعند ساعات الفجر قاموا بالنداء عبر مكبرات الصوت على الجميع من هم في داخل مبنى الإذاعة بتسليم أنفسهم وبعدها بدء الاشتباك الفعلي عند الساعة الثالثة حتى الساعة الخامسة والنصف صباحاً من يوم الجمعة الموافق 2/2/2007م
وأثناء الاشتباك أصيب الشاب"محمد علون"من مرتبات جهاز المخابرات المشارك مع القوة المشتركة لحماية مبنى الإذاعة أثناء تحصنهم بداخله والرد على مطلقين النار من عناصر حماس المحاصرة للمبنى, حاول الشهيد أمين إنقاذ الشاب المصاب محمد علون وتهريبه من أحد نوافذ مقر مبنى الإذاعة في الطابق الثاني عبر حبل قام بتجذيله وقد تمكن من إنزاله,فيما بعد حاول الشهيد أمين النزول خلفه إلا إن إحدى قناصة عناصر حماس المتمركزين في فوق أسطح العمارات السكانية قد تمكن من إصابته إصابة مباشرة في يده واختراقها مما أدى إلى قطع الحبل المجدول وسقوط الشهيد أمين من الطابق الثاني أثناء محاولة النزول,
وقد ارتطم رأسه في إحدى شاشيات النوافذ مما أدى إلى إصابته بنزيف في الفم والأذن والأنف وفقدانه للوعي الجزئي وبعد ذلك قامت عناصر حماس بمحاصرة مبنى الإذاعة واقتحامه وجرى نقل المصابين بمعرفتهم وهم في حالة صحية حرجة للغاية إلى مستشفى الشفاء ولعدم معرفة عناصر حماس بأسمائهم تم إدخالهم إلى العناية المركزة يوم الجمعة الموافق2/2/2007م تحت بند أسماء مجهولة,وبقى على هذا الحال إلى غاية 5/2/2007م وبعدها جرى تحويله من غرفة العناية المركزة على أثر استفاقته واستقرار وضعه الطبي إلى مبيت الجراحة داخل مستشفى الشفاء,وبناء على تقرير طبي من الدكتور فوزي النابلسي استشاري ورئيس قسم العناية المركزة في مستشفى الشفاء قد أفاد انه يوجد كسر في عنق الجمجمة مما أدى إلى نزيف داخلي (أي نزيف في الدماغ) وإصابته في اليد اليسري,وبناءً على الإجراءات والتدابير التي اتخذها جهاز المخابرات العامة جرى تحويل الشهيد أمين إلى مستشفى فلسطين في القاهرة بتاريخ 2/3/2007م.
وفور وصول نبأ خبر استشهاد الشهيد أمين يوم الثلاثاء الموافق 6/3/2007م أثناء وجوده في مستشفى فلسطين بالقاهرة على أثر فشل في وظائف القلب والتنفس,وبعد إتمام الإجراءات تم نقل جثمان الشهيد أمين إلى أرض الوطن يوم الجمعة الموافق 9/3/2007م بواسطة سيارة الإسعاف إلى معبر رفح البري,وكان في استقباله جهاز ألـ 17 والأهل والأقارب وسار في موكب عسكري جنائزي مهيب من المعبر حتى وصولاً إلى منزله الكائن في شمال قطاع غزة مخيم جباليا"بلوك 4"حيث ألقيت نظرة الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته والمحبين,وأقيمت عليه صلاة الجنازة في مسجد العودة في مخيم جباليا وشارك في تشييع جنازة الشهيد أمين كبار من الشخصيات القيادية والتنظيمية والعسكرية من حركة فتح والقوى الوطنية والإسلامية والأجهزة الأمنية وسار موكب الشهيد إلى مثواه الأخير، حيث ‏وورى الثرى في مقبرة بيت لاهيا,
ورفض أهل الشهيد أمين التلباني فتح بيت عزاء وكان يتم مواساة الأهل في بيت عمه/ أبو محمد روحي التلباني
المجد والخلود لشهيدنا البطل/ أمين إبراهيم محمد التلباني
والمجد كل المجد لشهدائنا الأبرار...
والحرية لأسرانا والشفاء العاجل لجرحانا...
اللهم ارحم الشهيد/ أمين التلباني
واسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً...


بقلم : سامي إبراهيم فودة