هل تلعب حماس دور حصان طروادة ..؟!

بقلم: عبد الرحيم محمود جاموس

لم يعد هناك سر يخفيه قادة العدو الصهيوني بشأن الفوائد العائدة على (المستعمرة الإسرائيلية) من إدامة حال الإنقسام الفلسطينية، وما نسب لنتنياهو في معرض دفاعه أمام أركان حزبه عن إستمرار إيصال المال القطري إلى حركة حماس غزة وما من شأنه إدامة الإنقسام الفلسطيني وفصل قطاع غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية، وبالتالي تدمير هدف الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس.

منذ أقدمت حركة حماس على إنقلابها على السلطة الفلسطينية في صيف العام 2007م وتفردها بحكم قطاع غزة كانت كافة المؤشرات تدل وتؤكد أن فكرة الإنقلاب وما تبعها من إنقسام هي فكرة إسرائيلية مئة بالمئة وتأتي في سياق مخطط مدروس، وفرت له كافة أسباب الإستمرار لما فيه من خدمة لأهداف (المستعمرة الإسرائيلية) في فصل قطاع غزة عن فلسطين التاريخية وجعله قضية منفصلة عن مجمل القضية الفلسطينية، بل وقذفه بعيداً في وجه مصر العربية.

هنا تتجلى كارثة هذا الإنقسام ونتائجه الوخيمة على مجمل القضية الفلسطينية وعلى أهلنا وشعبنا في قطاع غزة خصوصاً.

لقد مثل هذا الإنقسام نكبة جديدة تضاف إلى سلسلة النكبات التي إكتوى بها ولازال شعبنا يكتوي بها، لقد صرح شمعون بيرز قبل وفاته أن اهم حدث وقع في حياته بعد قيام (دولة إسرائيل سنة 1948م) هو إنقلاب حركة حماس على السلطة صيف العام 2007م، واليوم يأتي نتنياهو رئيس وزراء (المستعمرة الإسرائيلية) ليؤكد أهمية هذا الحدث بالنسبة له وللكيان الصهيوني من خلال تأكيده ودفاعه عن إستمرار إيصال المال القطري عبر (حكومة إسرائيل) إلى حركة حماس في غزة، لأنه يؤدي إلى إدامة هذا الإنقسام والإنفصال لغزة عن بقية فلسطين ويخدم أهداف المستعمرة الإسرائيلية ..!

السؤال الذي يطرح نفسه وعلى حركة حماس وقيادتها وكوادرها وعناصرها وأنصارها أن يقدموا الإجابة عليه هو إلى متى تتيح حركة حماس للعدو أن يستمر في الإستفادة من هذا الإنقلاب والإنقسام والإنفصال ؟! ألم تسقط كافة الذرائع والمبررات التي تتستر خلفها وتحتها حركة حماس لإدامة وإستمرار هذا الإنقسام، رغم كل هذه الفوائد المتحققة منه للعدو والتي يعلن العدو نفسه عنها، جراء إستمرار هذا الإنقسام والإنفصال بسبب ما سيؤدي إليه من نتائج وخيمة على مستقبل قطاع غزة ومستقبل القضية الفلسطينية برمتها.

هل تحتاج حركة حماس وقياداتها وانصارها إلى براهين إضافية أكثر وضوحاً عما عبر عنه قادة الكيان الصهيوني من أن الإنقسام الذي تفرضه حركة حماس يقدم الخدمات الجليلة لمخططاته التصفوية للقضية الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني ..؟! ألم تدرك بعد حركة حماس أن إستمرار هذا الإنقسام يشكل المدخل الرئيسي للرؤية الأمريكية الصهيونية في الإجهاز على القضية الفلسطينية وعلى هدف إقامة الدولة الفلسطينية، بعد كل هذه التصريحات والإفصاحات التي لا يعتريها الشك، وبعد إنكشاف الأدوار التي تقوم بها بعض الدول والقوى في مساندة ودعم وإستمرارية هذا الإنقسام الذميم بالتعاون والتنسيق المعلن مع حكومة المستعمرة الإسرائيلية ومع الإدارة الأمريكية ..! ألم تسقط كافة مبررات وذرائع حركة حماس في الإستمرار في إنقلابها على الشرعية الوطنية الفلسطينية ..؟!

لقد آن الأوان لحركة حماس أن تنهي هذا الإنقلاب وما نتج عنه من إنقسام إن كانت فعلاً هي كما أعلن إسماعيل هنية أن (حماس حركة وطنية فلسطينية بشعار إسلامي)، إن إستمرارها في التشبث بالتفرد بحكم قطاع غزة منفردة، وتكريس الإنقسام الذي سيقود إلى الإنفصال وسيمثل المدخل الطبيعي لتنفيذ (صفقة القرن) التصفوية للقضية الفلسطينية، وبالتالي تكون حركة حماس قد قدمت نفسها (حصان طروادة) الذي يراهن عليه الإحتلال وداعميه في تصفية القضية الفلسطينية وتدمير المشروع الوطني الفلسطيني ..!!

لقد آن الأوان لحركة حماس ان تنهي إنقلابها، وأن تعود إلى حضن الشرعية الوطنية الفلسطينية، وأن يتم تفويت الفرصة على العدو الصهيوني لتنفيذ مخططاته التصفوية من خلال إدامة هذا الإنقسام وإستخدام حركة حماس كحصان طروادة في تنفيذ كافة المخططات التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية ...

بقلم/ د. عبد الرحيم جاموس