كعادته لم يقف محمد دحلان متفرجا على ما يحدث في غزة وشوارعها و ازقتها من حالة احتجاج على الواقع المؤلم الذي يعيشه أهلها ، كما هو في كل المنعطفات رجل الموقف و المبادرة و الاطروحة تجاه كل أزمة او منعطف .
قرأت رسالة القائد الوطني محمد دحلان بتمعن و دقة شديدة و الموجهة لحماس و الى الشباب المتظاهر الذي له مطالب حددة التي حاول ان يستغلها البعض ممن يعشقون ايذاء غزة و يخططون ما تأتي به احلامهم العفنة لحالة فلتان وفوضى في غزة و اقتتال داخلي و هذا هو حلمهم و كما ينظر الاحتلال كما قال اسحاق رابين انني احلم بأن يبتلع البحر غزة .
لم اكن انوي ان اكتب مقال حول ماجاء في رسالة القائد محمد دحلان و لكنني اضطررت للرد على بعض الأصوات التي أتت من بعيد و من قريب تتهم دحلان بالتواطؤ مع حماس و اخرين يقولون ان رسالته ضعيفة و ركيكة ، و باعتباري احد المهتمين بالشأن الفلسطيني و في عمق ازماته منذ عشرات السنين فإنني اعتبر ان رسالة دحلان كل جملة فيها بمقال هذا اذا وجدت رسالته العاشرة اذان صاغية من حماس و غير حماس ، و الحقيقة تكشف عن نفسها دائما من خلال سلوكيات و ممارسات تعبر عنها اقوال المتصيدين للحراك الشبابي و انا اوضح بأكثر من ذلك على ما اتى في رسالة الاخ ابو فادي ان هناك ايدي استخبارتية معادية تلعبو تضرب على الجراح و على الأزمات و على العواطف مستغلة مناخات غزة من فقر وبطالة و فساد في ادارتها ، اصوات خرجت من المأزومين المتأزمين في رام الله تحرض على العنف من خلال تعميمات داخلية و من خلال الاعلام و من خلال فضائية فلسطين و كأنه قد تحقق حلمهم في خراب غزة و ليتحقق حلمهم الذي عملوا عليه عشرات السنين لتغييب غزة تماما وهو هدف استراتيجي لهم و الجميع يعلم اذا سقطت غزة وطنيا و اجتماعيا و انسانيا فإن الوطنية الفلسطينية لن تقوم لها قائمة لعشرات السنين و اذا ما حدث ما يخططوا له من اختراقات للشباب المتظاهر و حدث مالا نرجوه من اقتتال داخلي يرسموا له و عبروا عنه في تصريحاتهم منذ شهر تقريبا بأنهم سوف يسقطون غزة من الداخل ، ذا بهذه النتيجة التي يحلمون بها تغلق كل ملفات القضية الفلسطينية و الله اعلم الى متى .
و من هنا اتت نصائح دحلان للطرفين الطرف الشعبي المطالب بحقوقه و ايده في مطالبه و في نفس الوقت ادان حماس على ممارستها القمع و العنف في مواجهة المطالب العادلة لشباب التحرك الشعبي في حين اوصى بالسلمية للتعبير عن مطالب فقراء غزة و العاطلين عن لعمل .
أتت رسالة دحلان في أربعة عناصر يجب ان يتوقف عليها الجميع و يقف عليها ايضا .
1- اتوجه أولا بنداء صادق لقيادة حماس لوقف كل أشكال القمع وإستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين من شبابنا، فهم أولا وأخيرا أبناؤنا وأخوتنا ومن أولى واجبات القيادات الحكيمة الإستماع لمطالب هؤلاء الشباب بكثير من الصبر والإنفتاح، لأن القمع في نهاية المطاف لن يؤدي الا الى المزيد من التصعيد .
2- كما أتوجه بالنداء الى الشباب المتظاهر وأذكرهم بضرورة الحفاظ على السلم الأهلي والتمسك بسلمية تعبيرهم عن إحتجاجاتهم وعدم الإنجرار وراء دعوات الفتنة المشبوهة التي تريد إغراق أهلنا في غزة في دوامة الفوضى والعنف لأن الخاسر في نهاية المطاف هو الوطن والمواطن،
3- غلق الطريق أمام أي تصعيد أو تدهور محتمل، فإنني أدعو الجميع للإحتكام الى السلمية والحوار المجتمعي الواسع، حوار يبدأ مع ممثلي شباب الإحتجاجات بصورة فورية وذلك بالتوازي والتزامن مع إجتماع موسع وعاجل يضم كافة قوى وفصائل وشخصيات ومخاتير العشائر في قطاعنا الحبيب لتدارس الأوضاع والخروج بمقترحات عملية وقابلة للتنفيذ الفوري
4- كما أتوجه للأخوة في القيادة المصرية بدعوة ونداء أخوي بضرورة التدخل الحاسم وإنجاز إتفاق وتوافق وطني فلسطيني حول بند واحد فقط، بند الخروج من أزمة الإنقسام عبر إنتخابات رئاسية و تشريعية، فلا خروج من هذه الدوامة إلا بإعادة الأمانة الى صاحبها الحقيقي، الى الشعب، وليحتكم الجميع الى الشعب و ينصاع لإرادته، فله وحده يعود حق إختيار من يمثله في هذه المرحلة الحاسمة من عمر قضيتنا الوطنية.
اذا رسالة دحلان شاملة و كاملة تناقش حل الأزمة الراهنة في قطاع غزة و تعالج بالمنظور الاستراتيجي حل أزمات الشرعيات الفلسطينية و ان تأخذ مصر دورها الضاغط من خلال تحديد جدولة للانتخابات الرئاسية و التشريعية ليقرر الشعب الفلسطيني اختيار قيادته و برنامجه السياسي الذي هو محل خلاف الان .
بقلم/ سميح خلف