أذكر بأنني نمتُ كعادتي على سريري الحديدي في تلك الليلة الباردة، لكنّ رائحة المرأة، التي زارتني في الحُلْمِ بقيتْ رائحتها عالقةً في الغرفةِ الباردة، ورأيتُ على المخدّة طبعات قبلاتها.. شعرتُ في تلك الليلة الباردة بالدّفء المجنون.. سألتُ نفسي وأنا نائم: هل رقدتْ امرأة بجانبي، ولكنها من أين أتت تلك القبلات ..
بقيت أشعرُ بدفءٍ مجنون لم أعهده حتى أنني أذكر هذياني في العتمة. ما أسرع رحيلها ها هي تركتني هنا في دفءٍ يجعلني أهذي؟ فهنا طبعتْ قبلاتها ورحلتْ، ولكنني عندما استفقت من حلمي على صفير الرياح، شممت وراحة أنثى عبقتْ في الغرفة الباردة..
أحضرتُ شمعةً وأشعلتها، ورحتُ أرى جنون القُبلات على مخدتي، قلت في ذاتي: يا لروعة لونها رسمتها بعناية، وأرادتْ أن تبوحَ كل شيء لي على المخدة.. حاولتُ النّومَ مرة أخرى، لكنني لم أستطع، فرائحة المرأةِ لم تجعلني أغفو..
بقيتُ ساهرا في تلك الليلة حتى الصّباح برأسٍ مجنونٍ ومسرور من حلم ساحر، كرجُلٍ تعِبَ من تفكيرٍ عادي.. كانت هنا ورحلتْ ذات حُلْمٍ، لكنها جعلتْ الغرفةَ عابقةً برائحةِ أنثى توّاقة للحُبِّ..
وبينما كنت أغسل وجهي سألت ذاتي: هل سأحلمُ بها كرة أخرى؟ قلت: أشكُّ في ذلك، لأنّ الحُلْمَ لن يتكرر مرة أخرى..
عطا الله شاهين