مهاتير محمد يصفع المطبعين مع كيان “ اللصوص“

بقلم: جبريل عودة

صفعة على وجه المطبعين ودعاة الإعتراف بـ "إسرائيل " , تسددها الكف الماليزية المتسلحة بقوة المبدأ ورسوخ العقيدة , قضية فلسطين ليست قضية دينية وحسب , بل هي قضية حقوق إنسان, وعملية سطو من مجموعة لصوص على وطن الفلسطينيين , هذا هو الخطاب الماليزي الرسمي, في حين يتهافت أشقياء السياسة وتعساء الخارجية العرب , من أجل إلتقاط صورة مع المجرم بنيامين نتانياهو , وتنجرف الأنظمة العربية تسوسها عصا ترامب, كقطيع يهرول إلى وادي التطبيع المنتن , يبيع هؤلاء غطاء كرامتهم وخيمة عزتهم , يعلم الكيان الصهيوني وداعمته أمريكيا جيداً أن الإنتكاسة العربية , وسيطرة الأنظمة القمعية على المنطقة بمثابة ترياق الحياة للكيان الصهيوني , فما بالكم لو سُيرت تلك الأنظمة بما تسيطر عليه من خيرات ومقدرات الأمة , لتكون في ركب جيوش الدفاع عن الكيان الصهيوني وفقاً للرؤية الأمريكية في صفقة القرن .
فلم تعد فلسطين على جدول إهتمامات الحكام العرب , ولذر الرماد في عيون الغافلين , تردد وسائل الإعلام الرسمية , بأن الزعماء المبجلون مع الحق الفلسطيني , ولن يتركوا الشعب الفلسطيني دون إستعادة حقوقه , وحين التمعن في مبادرة الأنظمة العربية للتسوية , ترى السم جلياً وقد دُس في تفاصيلها , أنهم بكل صراحة يعترفون للصهاينة بالحق في أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين , مع وعود سخية لكيان الإحتلال أن تفتح أمامه الأقطار في مشارق الأرض ومغاربها بالإعتراف والتطبيع وإقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة, أليس هذا هو التخلي الكامل عن دولة عضو في الجامعة العربية , وقعت أراضيها بالكامل تحت الإحتلال الأجنبي, ومن واجب العرب وفقاً لاتفاقيات الدفاع المشترك , ومن منطلقات الدين والعروبة أن تنتصر لفلسطين وشعبها , وتهب على قلب رجل واحد , من أجل إستعادة فلسطين وتحريرها وطرد المحتلين , أليس هذا هو الواجب الذي يجب أن يكون ؟ , أليس هذا هو المسار العروبي والقومي والإسلامي لمواجهة أي عدوان خارجي ؟ إلا أن ذلك لم يحدث !.
مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا , يتحدث بالحقائق التاريخية حينما يصف " إسرائيل" بدولة لصوص , هي كذلك وستبقى كذلك إلى أن تزول , دولة لصوص قامت بالسطو بسيف الإرهاب وبدعم وإعتراف قوى الإستعمار العالمي على وطن الفلسطينيين , هذا التوصيف التاريخي الدقيق لن تغيره كل مبادرات التسوية أو القرارات المجحفة للأمم المتحدة أو التطبيع المخزي, فالإعتراف بأحقية اللص وتملكه للأشياء التي حازها عن طريق اللصوصية , يعتبر جريمة لا تقبلها الإنسانية ولا يقر لا عقل ولادين ولا عرف .
موقف حكومة مهاتير يستند إلى الشعب الماليزي صاحب الموقف التاريخي الداعم للحق الفلسطيني , ومساندة للقضية الفلسطينية في كافة المحافل, ترفض التعامل مع الإحتلال الغاشم الذي يسطو على حقوق الشعوب المستضعفة , تحت أي دواعي واهية ومبررات سخيفة , هذه الثقافة الأصيلة والتي أبرز مكوناتها الإنتماء لهذا الأمة الواحدة , التي ترى في مظلومية المسلم في أي مكان هي مظلمتها الخاصة , كما تؤمن بأن الإنسانية الحقة ترفض إغتصاب الاوطان والحقوق , فمن يؤمن بحقوق الإنسان, يجب أن يكون في الصف المساند للحق الفلسطيني في مواجهة الباطل الصهيوني , وأن يعمل ويساند هذا الشعب من أجل الإنفكاك والتخلص من الإحتلال البغيض .
ويتضح لنا من هذا الموقف البطولي للسياسة الماليزية العامة , بأن الإستناد للشعب من أبرز مقومات القوة والإستقلالية ,فما لاشك فيه بأن رفض ماليزيا الإعتراف ب "إسرائيل" , سيضعها في مواجهة راعي البقر الأمريكي , الذي يصدر القرارات المتلاحقة في سبيل تعزيز سيطرة الصهاينة وشرعنة إحتلالهم للأراضي العربية في فلسطين والجولان السورية , ويسخر كل جهوده الدبلوماسية من أجل تمرير صفقة القرن ’ التي تحاول أن تزرع الكيان الصهيوني كجزء من المنطقة العربية وتحالفاتها التي تصب في المصلحة الصهيوأمريكية , وهذا ما رأيناه في مؤتمر "وارسو" في منتصف فبراير2019م , مع ذلك تواصل الحكومة الماليزية الدفاع رؤيتها السياسية لكافة القضايا الإسلامية والعالمية في توافق وإنسجام شعبي ورسمي منقطع النظير, هل عجزت الدول العربية أن تسجل نفس الموقف وترفض الإعتراف بكيان الإحتلال ؟, وتقوم بإغلاق أبواب عواصمها أمام الصهاينة بعيداً عن الحجج والأعذار التي تسقط أمام سطوع الحق الفلسطيني, وبذلك تسجل إنتصاراً حقيقياً للقضية الفلسطينية ,ومساندة فاعلة للشعب الفلسطيني ومقاومته في معركته لإسترداد حقه وتحرير أرضه.


بقلم : جبريل عوده *
كاتب وباحث فلسطيني