انتهت اعمال القمة العربية الثلاثين ... بالعاصمة التونسية في ظل تحديات لا زالت قائمة بمواجهة كافة الاقطار العربية وشعوبها من المحيط الى الخليج ... نتيجة لما يجري من مخططات اقليمية ودولية تحاول المساس بالأمن القومي العربي تحت ذرائع وحجج واهية اولها ادعائهم بالديمقراطية والثاني ادعائهم باحترام حقوق الانسان وليس أخرها محاولة السيطرة والابتزاز لمقومات القوة الاقتصادية العربية تحت مزاعم الامن والحماية .
قمة التحديات القائمة وما يجري داخل بعض الاقطار العربية من افرازات ونتائج ما يسمى بالربيع الامريكي الاسرائيلي وضرورة الوحدة داخل كل قطر عربي وعدم السماح لاهل الشر بالتلاعب في مكونات المجتمعات العربية واخراجها عن مسارها الوطني والقومي .
قضية الارهاب التكفيري والتي عصفت بالمنطقة وشعوبها وأحدثت ارباكا داخليا وضرورة ان تسخر الطاقات وان يتم العمل على مواجهة مخاطر هذا الارهاب كما مواجهة ما يجري من تحالفات ببعض دول الاقليم وبما يخدم المصالح الامريكية الاسرائيلية ولا يخدم بالحد الادنى المصالح العربية .
الارهاب التكفيري وقد ساهم في اضعاف عوامل التنمية المستدامة بكافة المجالات والانشطة ومدى انعكاس ضعف التنمية ومقدرات الشعوب ومقوماتها الاقتصادية ومدى التأثير السلبي على الاقتصاديات القومية والوطنية ومعدلات الدخل الفردي وابعاده الاجتماعية .
القمة وقد عقدت على مستوى الملوك والرؤساء العرب وبحالة عربية اصابها الكثير من الضعف والتشتت وتأكل الكثير من مقومات قوتها وحضورها أمام العالم بأسره في ظل عدم القدرة على بناء موقف عربي قوي وقادر على مواجهة ما يحاك ويدبر من موقف أمريكي اسرائيلي يحاول الدخول من خلال نقاط الضعف العربي لإنهاء القضية الفلسطينية ومشروعها التحرري .
القضية الفلسطينية وقد اثبتت مركزيتها واولويتها بالقمة العربية ... كما بالسياسة العربية ... الا ان هذه الاولوية تحتاج الى الكثير من مقومات القوة والدفع العربي بالتمسك بمبادرة السلام العربية التي كانت من نتائج قمة بيروت للعام 2002 والتي تعتبر الحد الادنى الذي يمكن الموافقة عليه فلسطينيا وعربيا ... وهذا ما يجب تأكيده أمام أي طرح أمريكي لا يلبي الحد الادنى من المطالب الفلسطينية والعربية ... والذي يجعل من الصراع قائما ومحتدما ... طالما استمرت اسرائيل بانتهاكاتها العنصرية واستيطانها ومحاولة تهويدها للقدس والمساس بالأماكن المقدسة .
الرئيس محمود عباس وفي كلمته الشاملة قد اوضح الموقف الفلسطيني المتمسك بالحقوق والثوابت والرافض لكافة الحلول المشبوهة والتي تحاول الالتفاف على المشروع الوطني وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية ... كما برز في خطاب الرئيس عباس ان أمريكا لم تعد وسيطا نزيها كما انها لا يمكن ان تكون راعيا لعملية السلام والمفاوضات المستقبلة في حال ما كانت نتيجة لمؤتمر دولي يقوم على رعاية المفاوضات وفق حل الدولتين ... ورفض كافة القرارات الامريكية والاسرائيلية وعدم الالتزام بها باعتبارها قرارات خارج اطار الشرعية الدولية وحتى انها خارج اطار الاتفاقيات الموقعة والتي اصبحت بلا معني وبلا أي التزام اسرائيلي وهذا ما يضع القيادة الفلسطينية أمام امكانية اتخاذ قرارات حاسمة قد تغير من معادلة الواقع ... وما جعل اسرائيل تعيش بحالة استقرار سياسي نتيجة لما تم الاتفاق عليه والذي يمكن ان تصبح اتفاقيات لاغية ولا أثر قانوني وسياسي عليها ... ولا حتى التزام فلسطيني بها بعد ان أخلت اسرائيل بالتزاماتها نتيجة لسياساتها التهويدية والعنصرية وابتزازها وسرقتها للمال الفلسطيني .
كافة المجتمعين بالقمة العربية وقد اكدوا على مركزية القضية الفلسطينية واولوياتها بالسياسة العربية وعلى ضرورة تنفيذ حل الدولتين بعاصمتها القدس ... كما تأكيدهم على ان الجولان العربي السوري سيبقى جزءا من الارض العربية السورية وهذا ما أكده الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصورة واضحة وجلية ان السلام لن يتحقق وان الصراع لن ينتهي الا بحل القضية الفلسطينية وعودة الجولان العربي السوري .
الرئيس عباس بخطابه أمام القمة اوضح مخاطر السياسة الامريكية الاسرائيلية ومدى تهديدها لمشروع السلام وحل الدولتين وما يتم ممارسته على واقع الارض ... وما يمكن ان ينتح عن هذه السياسة الاسرائيلية الامريكية من موقف فلسطيني وقرارات حاسمة قد تتخذ في ظل اخطار قادمة وقائمة لا تتطلب مرونة ولا مهادنة بل تتطلب حسما وارادة فلسطينية لا تقبل بالتراجع ويجب ان يقابلها ارادة عربية تعمل معا على مواجهة ما يخطط وما يدبر وما يحاك من اخطار قد تقلب معادلة الواقع الى واقع جديد قد لا يكون بالتأكيد مفرحا للعديد من الاطراف .
الكاتب : وفيق زنداح