مسيرات العودة والحضور الدولي

بقلم: د.محمد المدهون

تلعب العلاقات الدولية دورًا محوريًا في نضال الشعوب من أجل الحرية والكرامة، وفي القرن الأخير تقدم تأثير المنظومة الدولية في الشؤون الداخلية لأي دولة بشكل كبير عطل من قدرات الدول على إدارة شأنها الداخلي بحرية.

القضية الفلسطينية ذات حضور دولي مركزي باعتبارها تمثل مركز الصراع في العالم اليوم، بل يكاد ينقسم العالم إلى تطبيق على أساسها.

للأسف غابت القضية الفلسطينية عن المشهد الدولي منذ سنوات بفعل التفرد الأمريكي والإنشغال بالقضايا الداخلية للشعوب، والتسليم للمحتل وموجة التطبيع معه، وتسليم سلطة أوسلو بالأمر الواقع والارتهان للتنسيق الأمني.

#مسيرات العودة أعادت الاعتبار للقضية الفلسطينية في بعدها الدولي وإعادتها عبر بوابة غزة ومسيراتها إلى طاولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وحقوق الإنسان ومنصات القضاء الدولي فشهد العام الأخير والذي يمثل العام الأول من عمر #مسيرات العودة حضوراً لافتاً واستعادة زخم كبير للقضية الفلسطينية.

كما غدت غزة مزاراً ومركز ثقل لتحركات دولية عبر بوابة الحل الإنساني وتفاهمات التهدئة، وهذا بحده الأدنى المرغوب دولياً بعدم منح غزة ثقلاً سياسياً في ظل سيادة حماس، ولكن من كان سيطرق باب غزة حتى إنسانيًا لو لم تتحرك الجماهير صوب السلك الزائل لتهتف بحقها في العودة وكسر الحصار؟

 #مسيرةالعودة الكبرى أكدت حالة الوعي الشعبي بالمخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية رغم المخاض الذي يعيشه الإقليم ومشروع صفقة ترامب لإجهاض الثوابت الفلسطينية إلا أنها ليست كافية ولذا فإنها تحتاج إلى تعزيز من زاوية المزيد من التحشيد ومن ثم الاستثمار عبر مسارات تعبوية شعبية وتوفير من خلال ذلك الدعم والإسناد الشعبي العربي الذي مثَّل ركيزة مهمة في مراحل من الصراع المتعددة و وقف الهرولة العربية الرسمية في العلاقة مع دولة الإحتلال بإعتبار #التطبيع_خيانة .

وكذلك على الصعيد الرسمي فإن الحاجة قائمة لتعضيد العلاقة مع عدد من الدول ومنها دول أمريكا اللاتينية بما يمثل رصيداً لصالح القضية، وبالتالي ليس المطلوب الالتجاء لأحلاف نقيض أخرى ولكن تعضيد عموم العلاقات على أساس من مصلحة الشعب والقضية؛ بأن تكون القضية عامل توحيد وليس عامل استقطاب وتثبيت الاستراتيجية الجامعة " نحن مع الجميع طالما تحققت مصلحة القضية ولسنا جزء من أي محاور".

ومن ذلك تعزيز العلاقة الضرورية مع مصر والبناء على دورها في الوساطة لتحقيق تفاهمات التهدئة أو أكبر من ذلك بعقد مصالحة مسؤولة سواء في ملحمة غزة الأخيرة أم في عقد صفقة جديدة لوفاء الأحرار  أو إمضاء اتفاق 2012م. وبالتأكيد فإن من المهم ملاحظة انعكاس ذلك على معبر رفح الذي يعتبر تيرمومتر هذه العلاقة بحيث يكون مفتوحاً لجميع الناس كل الأوقات وأن يتطور إلى معبر تجاري.

والعلاقات الخارجية لا تعني التعامل الرسمي فقط بل تنفتح شعبياً ورسمياً على المحيط الخارجي، وكذلك من المهم فتح قنوات وتعضيد علاقات مع أحزاب وحركات ومؤسسات وشخصيات عالمية لأن غزة مثلت مركزية تضامن عالمي ونقطة استقطاب رئيسية عبر ملحمة #مسيرات_العودة .

وهذا يستدعي استمرار حالة التضامن مع غزة بأشكال وطرق متعددة عبر توظيف حالة التعاطف العالمي اليوم. وهنا لا بد أن يبرز دور للسفارات والممثليات والقناصل الفلسطينية التي بهت صوتها إلى درجة عدم ذكر وجودها.

وبالتأكيد فإن هذا التضامن يعتبر مدخلاً رئيساً لمحاكمة مجرمي العدوان، وهذا الدور القانوني يحمل عبئه مؤسسات الشعب الفلسطيني الحقوقية في الخارج والداخل.

بقلم/ محمد المدهون