لست منجما او قارئا للفنجان حتى اعرف كما غيري من المتابعين والمحللين والمراقبين ان ما يجري ليس حلا ... لكنه في احسن الاحوال يمكن ان يكون مسكنا للآلام التي تزداد مع الوقت اتساعا وانتشارا .
يكثر الحديث حول مخاطر القادم السياسي في ظل مخاطر القائم وعلى كافة المستويات وفي ظل واقع الانقسام الذي لا يذكر على محمل الجد والتخوفات القائمة من امكانية ان يتحول الى حالة انفصال تام !!! ضمن مشروع صفقة القرن !!!
على اعتبار ان الانفصال كما يقال ويشاع باعتبار ان غزة دويلة ضمن ما يسمى بصفقة القرن والذي يعتبر من وجهة نظر المتآمرين حلا للفلسطينيين كما ان الضفة الغربية سينضم جزءا منها الى دولة الكيان ... والباقي سيعتبر حكما ذاتيا بشكل متطور !!! .
هكذا يحلم الحالمون ويتوهم الواهمون ويعتقد البعض الذي يرى بحالة الضعف القائم ... وما يمارس من ضغوط وابتزاز ... قد يكون مدخلا لمثل هذا الحل !!!
صحيح أننا بأضعف احوالنا ... وصحيح ايضا انه يمارس علينا الكثير من الضغوطات السياسية والمالية ... وصحيح ايضا ان الجميع يدرك ان مشكلتنا سياسية وليس انسانية ... وان الحل السياسي هو المخرج من الحالة القائمة ... ومن الازمة الانسانية المتفشية ... وان كافة المسكنات ... والحلول الترقيعية لن تفيد ... بل ربما تعمق من الازمة وتزيد من حالة التباعد للوحدة المطلوبة وحتى للحل السياسي المنشود .
أمريكا تقرر ما تريد ... وبما ينسجم والمقاس الامريكي الاسرائيلي .... وتقرر ان القدس موحدة وعاصمة لدولة الاحتلال ... وتقوم بقطع مساعداتها المنصوص عليها بالاتفاقيات .. وتنقل قنصليتها وتضمها للسفارة الامريكية بالقدس ... وتغلق مكتب منظمة التحرير بواشنطن وتعمل على سحب ملف اللاجئين والقدس من طاولة أي مفاوضات قائمة ... وتتلاعب بأرقام اللاجئين وتعمل على طبخ صفقة القرن بمحاولة تمويلها عربيا وحتى تنفيذها بمساعدة بعض العرب !!!
كل هذا يجري في ظل موقف فلسطيني رافض لما يحاك ويدبر من قبل ادارة الرئيس ترامب ... وهذا ما تأكد عبر القمة العربية الثلاثين والتي قامت برفض الصفقة الامريكية كما أكدت على ثوابت المشروع الوطني الفلسطيني كما جاء بمبادرة السلام العربية كمدخل ممكن لسلام شرق اوسطي .
أي اننا امام مرحلة سياسية القائم منها جزءا من القادم علينا في ظل الكثير من التحديات والمصاعب والابتزاز والذي تحاول فيه أمريكا واسرائيل ان يمارسوه علينا .
الادارة الامريكية والتي توزع اعترافاتها ما بين القدس لإسرائيل .. وما بين الجولان السوري لاسرائيل متناقضة بشكل كلي مع الشرعية الدولية وقراراتها ... كما انها متناقضة حتى مع الاتفاقيات الموقعة ... كما انها تتنافى والاصول السياسية والعلاقات الدولية والتي لا تعطي الحق لاي دولة مهما كانت ان تقرر الحقوق بعيدا عن القانون والشرعية الدولية وهذا ما يجعل من الموقف الامريكي حبرا على ورق ... ولا يستند الى ادنى الحقوق ... ولا حتى الى القوانين والشرائع الدولية .
أمريكا تحاول ... وتدخل بتجربة جديدة ... لاجل صناعة ازمات كبرى ... يمكن ان تمكنها من الدخول والتلاعب وتنفيذ مأربها .. لاجل تنفيذ مشروعها واسرائيل ترى في التمهيد والاختراق الامريكي فرصة للدخول وخلق الوقائع .... الا ان الجهد الامريكي الاسرائيلي سيبقى خارج القدرة على التنفيذ والبقاء في ظل معادلة ديموغرافية وجغرافية وتاريخية وقانونية .
الارض العربية هي عربية منذ قرون ... ولن تستطيع اسرائيل الى الابد انتزاع أي جزء من هذه الارض العربية ... وعلى قاعدة ان الحقوق لا تسقط بالتقادم ... ولا تشطب بالتزييف مهما كانت ادواته وقدراته .
كما ان مشروع دويلة بغزة ... ليس أمرا واقعيا وممكنا ... وبصرف النظر عن الرؤية السياسية القائمة حول ما يخطط ويدبر .. وما يجري التآمر عليه لإنهاء المشروع الوطني التحرري ... لان 2 مليون فلسطيني ولدوا على ارض غزة على شعار الوطن والدولة المستقلة بعاصمتها القدس وحدود الرابع من حزيران 67 ولدوا اغلبيتهم العظمى على راية منظمة التحرير ممثلا شرعيا ووحيدا ولدوا على تراب غزة التي لا زالت وستبقى جزءا من الارض الفلسطينية ... كما انهم ولدوا وهم جزءا من الشعب العربي الفلسطيني والذين كان لهم مساهماتهم الوطنية ومواقفهم النضالية وهباتهم الشعبية والذين اسقطوا فيها كافة المشاريع التي جرى الحديث عنها كمشروع التوطين والتدويل ... والوطن البديل
الشعب الفلسطيني بقطاع غزة لا يختلف في رؤيته ووطنيته ... اصالته وجذوره عن كافة ابناء فلسطين داخل الوطن وخارجه وفي مخيمات اللجوء والشتات ... ولمن لا يعرف غزة واهلها عليهم بقراءة تاريخها الماضي والحاضر ومدى تمسكهم بوطنهم ووحدته وشرعيته والتي لا تقبل القسمة بأي حال من الاحوال .
2 مليون فلسطيني لا يقبلون على انفسهم ... ولا حتى تاريخهم ووطنيتهم ان يكونوا جزءا من صفقة مشبوهة تعزز الانقسام وتهدر الطاقات وتزيد من حالة الصعف والتشتت وتضرب عمق المشروع الوطني التحرري .
قطاع غزة بسكانه وقواه الوطنية سيبقون على عهدهم ووفائهم لتاريخهم وشهدائهم ... اسراهم وجرحاهم ... ولن يكونوا جزءا من خارطة مفتعلة مستحدثة لا علاقة لها لا بالتاريخ ولا بالثقافة الوطنية ... ولا حتى بكرامتنا الانسانية لكننا سنبقى المحافظين على الثوابت والشعارات القومية حرصنا على امننا القومي باعتباره جزءا من امننا الفلسطيني وان وفائنا متجذر بفكرنا وثقافتنا ... ووعينا الوطني .
مهما كانت مخططات الاعداء ... ومهما كانت حالة الضعف والتشتت ... فان تلك المخططات لن تمر ولن تجد في غزة محطة للتنفيذ ......لان هناك من يمتلكون بذاكرتهم من الوعي والمعرفة ما يمكنهم من اسقاط أي مشروع انفصالي..... مهما كان الثمن ومهما غلت التضحيات .
بقلم/ وفيق زنداح