تُعتبر معارك البقاع الغربي جنوب لبنان، من أشرس المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري وعموم القوى الفلسطينية واللبنانية المشتركة أثناء الغزو "الإسرائيلي" للبنان، صيف العام 1982. ففي تلك المعارك وقعت اضخم معارك الدبابات، وتم من خلالها تدمير نحو 90 دبابة "إسرائيلية" باستخدام صواريخ القواذف الصاروخية التي يطلقها الجنود المدربين، ومنها صواريخ (المالوتكا) والتي كانت منتشرة جدا لدى كل الفصائل والقوى، فضلاً عن طائرات (الغازيل) المروحية السورية التي تطير على ارتفاعات منخفضة ووزنها خفيف وسريعة الحركة، والتي تُسمى صائدة الدبابات، فتعددت أنواع العمليات الحربية على جبهة البقاع الغربي (هجوم ـ دفاع ـ هجمات معاكسة ـ معارك تصادمية)، مع الاستخدام الكثيف للقوى والوسائط. فالقوات المدرعة "الإسرائيلية" التي اشتبكت في البقاع الغربي، وخاصة في منطقة (عين زحلتا) مع القوات السورية وعموم الفصائل والقوى الفلسطينية واللبنانية كانت تضم حوالي 1000 دبابة، وهذا الرقم يمثل نسبة تصل إلى أكثر من ثلث مجموع القوة المدرعة "الإسرائيلية".
وفي العاشر حزيران/يونيو عام ١٩٨٢، وفي سياق معارك البقاع الغربي، كان جيش الإحتلال قد ازدلف باتجاه محور بيادر العدس/السلطان يعقوب من جنوب لبنان، في سعي منه لقطع الطريق الدولي بين دمشق وبيروت عبر ضهر البيدر، الا ان صلابة المقاتلين حالت دون ذلك، فضلاً عن تيقن الجميع بالخطة "الإسرائيلية" وتركهم لدبابات جيش الإحتلال بالتقدم الى حين استدراجهم لمكان الإشتباك الأفضل.
في واقعة من وقائع معارك البقاع الغربي، وفي اليوم المشار اليه، اعلاه، وقعت معركة بيادر العدس/السلطان يعقوب، حين تمكّنت وحدة فدائية فلسطينية من قوات الصاعقة، من نصب كمين لقوات الإحتلال، وقد وقعت بالفعل دبابتين "إسرائيليتين" من نوع ميركافا (ميغا فاتون)، في ذلك الكمين صباح اليوم التالي أثناء تحركهما، حيث تم التعامل معهما بهدوء، والإستيلاء عليهما سليمتان فيما حاول طاقم كل منهما بالقفز منهما والفرار، فقتل بالذخيرة الناعمة (الرصاص) نحو عشرين من جنود الإحتلال، فاندفع طيران الإحتلال وقواته الأرضية بقصف موقع الكمين، وتمكن جيش الإحتلال من سحب جثث الجنود، وبقيت على الأرض ثلاث جثث فقط (زكريا بامل، ويهودا كاتس، وتسفي فيلدمان)، وفي حمى المعارك ضاعت وفقدت تلك الجثث.
بقلم/ علي بدوان